"فى المشمش.. فى المشمش.. احكيلى حكاية فى المشمش..ارسملى مراية فى المشمش.. قصلى فستان فى المشمش.. طرح البستان فى المشمش.. هاتلى البوتجاز فى المشمش.. وسرير هزاز فى المشمش.. طب لمبة جاز فى المشمش.. شالله يا جواز فى المشمش".. أغنية يعلمها الكبير والصغير لكن كلماتها تنطبق فعليا على قرية العمار الكبرى التابعة لمركز طوخ بالقليوبية، والتى تعد منجم "الذهب الأصفر" بمصر، والمورد الأول لمحصول المشمش.
"مشمش العمار".. هو موسم الذهب لأهالى قرية العمار الكبرى بطوخ، فخلاله يعمل الكبير والصغير، ليس الفلاح فقط بل الجميع حيث يعتبر موسم الرواج التجارى بالقرية، فخلاله يتم تجهيز العرائس للزواج، ويتم عليه سحب جميع التعاملات المالية، والكسوة على المشمش وغيرها، إلا أنه خلال السنوات الماضية حدث ما لم يتوقعه فلاحو القرية، من خلال هجوم حشرى على المحصول كانت هذه الواقعة كالقشة التى قصمت ظهر البعير، لكنها بدأت فى التعافى تدريجيا.
فى البداية قال الحاج يوسف لطفى عامر، عمدة قرية العمار الكبرى بطوخ، إن المساحة الإجمالية لقرية العمار كليا بما فيها الكتلة السكنية 1200 فدان، لكن التعديات على الأراضى الزراعى بسبب ما أصاب محصول المشمش مؤخرا، قلصت الأرض المزروعة بمحصول المشمش من 800 فدان إلى 400 فدان، مشيرا إلى أن الإنتاج ضعيف حاليا، وبدأ حاليا فى التعافى من الكبوة التى أصابته خلال الفترة الماضية، من خلال عمل صرف صحى للأرض "زواريق" لسحب المياه الزائدة عن الاستهلاك للأشجار.
وتابع "يوسف" لـ"اليوم السابع"، أن أشجار المشمش لها مرحلة فى السنة تتراوح ما بين 3 إلى 4 أشهر تسمى مرحلة السكون وتبدأ فى يناير حتى مارس من كل عام، يتم حرمان الأرض من المياه لأن جذور الأشجار تكون فى مرحلة السكون، وفى حالة وجود مياه تتعفن الجذور، مشيرا إلى أنه نظرا لارتفاع الأشجار وكثرة الظلال لها فيمنع وجود أية زراعات مع أشجار المشمش، موضحا أن عمر هذه الأشجار يتراوح ما بين 60 إلى 100 عام، وهو يختلف عن عمر أشجار الجبلية التى لا يتعدى عمرها 12 عاما، إلى جانب اختلاف الطعم واللون، فمشمش العمار يتشكل بجميع الألوان منها الأحمر القاتم والأبيض الناصع، إلى جانب طعمه السكرى وسلاسته فى الطعام.
وأوضح "يوسف"، أن موسم المشمش بالقرية كان موسم السعادة للجميع، قائلا: "الكل كان ينبسط فيه من أول الست اللى بتاجر فى شوية مشمش للبقالين والجزارين ومحلات الأقمشة، وكله يبيع للفلاح على أساس هذا المحصول وبتاخد اللى أنت محتاجه، وكله فى المشمش دى عقد ما بينا، لكن خارج قرية العمار لو قال الكلمة دى بيكذب، لأن الموسم الكلى للمشمش من 15 إلى 25 يوما فى العام كله وبيختفى فى السوق، علشان كده بنسميه العزيز يعنى الفاكهة اللى مش بتطول فى موسمها زى أى فاكهة تانية".
وأضاف "يوسف"، أن الإنتاجية لم تعد كما كانت فى السابق إلا أنها بدأت تتعافى عن الفترة السابقة، وذلك بسبب ضعف الخصوبة للتربة الخاصة بأشجار المشمش، ونحاول علاجها بعدم كثرة مياه الرى، قائلا: "السنين اللى فاتت كنا بنزله من على الشجر ندفنه فى الأرض بسبب الذبابة والحشرة اللى ضربت المحصول، لكن الحمد لله حاليا تعافت الأشجار لكن ما زال المحصول ضعيفا ولا يتخطى الـ20%".
وفى هذا السياق قال المهندس محمد عبد الله، أحد العاملين بمحصول المشمش، إن الفرق كبير جدا بين المشمش زمان و حاليا، حيث إنه كان يتم شق البذرة الخاصة بالمشمش وغرسها فى الأرض لتنبت شجرة جديدة، لذا كان يطلق عليها الشجرة المعمرة، لكن حاليا بعد استنباط واستهجان أنواع جديدة أصبح عمر الأشجار لا يتخطى الـ30 عاما، من تاريخ زراعتها وحتى بدء تراجعها فى الإنتاج.
وتابع "عبد الله" لـ"اليوم السابع"، "أن المشمش محصول استراتيجى لقرية العمار، لأن على المحصول دا كل فلاح بيتعامل، علشان كده بيقولوا فى المشمش بس ده لأهل العمار فقط، وبالمناسبة أن العمالة بالقرية هنا بتعمل بالموسم وليس اليومية، وبالتالى يتم المحاسبة نهاية الموسم وتتراوح ما بين 4000 : 5000 جنيه للعمال".
وأوضح "عبد الله"، أن العمالة تبدأ عملها فى السادسة صباحا يوميا، حتى الثالثة عصرا لجمع المحصول من على الأشجار، مضيفا أن القرية تتمتع بمحصول عالى الجودة بعكس مشمش الجبال، ثم يتم وضعه بصناديق بلاستيكية وإرساله إلى "السويقة" بالقرية التى يتجمع بها التجار لشراء المحصول، عن طريق مزاد يشارك به التجار الموجودون، وصاحب أعلى سعر يحصل على المنتج، وعلى الفور يوجد سيدات بالسويقة تعبئ هذا المنتج فى صناديق من الكرتون المقوى عليه شعار القرية تحت اسم "مشمش العمار"، وهكذا تبدأ رحلته إلى باقى مدن الجمهورية والتصدير للخارج.