ربما هذا التوتر هو ما دفع جريفيث للتحذّير أمام مجلس الأمن الدولي الأخيرة من أنه رغم انسحاب الحوثيين من موانئ مدينة الحديدة، إلا أن اليمن لا يزال يواجه خطر تجدّد الحرب الشاملة.
ومنذ توليه الملف اليمنى فى فبراير 2018 كمبعوث أممى خلفا للموريتانى إسماعيل ولد شيخ يحاول البريطانى مارتن جريفيث محاولات مستميتة لحفظ ماء الوجه أمام مجلس الأمن، تلك المحاولات التى باتت مؤخرا بلا جدوى، حيث وجهت له الحكومة اليمنية اتهامات عديدة بالانحياز للطرف الحوثى وخرق القوانين الدولية ، فهل ذهبت محاولات جريفيث للحل أدراج الرياح ؟
وفى سبيل إحراز تقدم بالملف المتأزم ، فدعا أطراف النزاع للجلوس إلى طاولة المشاورات فى السويد، وهى التى عرفت بمشاورات ستكهولم ، والتى يتم تنفيذ أى من بنودها المتفق عليها رغم مرور أكثر من ثمانية أشهر وقبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الأخيرة سعى جريفيث للضغط على أطراف النزاع لتنفيذ الاتفاق الخاص بالحديدة ولو بشكل جزئى والذى نص على انسحاب الحوثيين من ميناءى الصليف ورأس عيسى والحديدة، تحت إشراف القوات التابعة للأمم المتحدة ، فجاء التنفيذ مؤخرا غير مطابق لشروط الاتفاق ـ بحسب وصف الحكومة اليمنيةـ حيث انسحبت القوات الحوثية انسحابا أحادى الجانب وهو ما لم تعترف به حكومة هادى .
اتهامات الحكومة للمبعوث الأممى
بعث الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مؤخرا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، تتهم مبعوث الأمم المتحدة بالانحياز للطرف الحوثي، وقال هادي في الرسالة إن جريفيث "عمل على توفير الضمانات للميليشيات الحوثية للبقاء في الحديدة وموانئها تحت مظلّة الأمم المتحدة".
وأضاف هادي في رسالته: "سنعطي فرصة أخيرة ونهائية للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث لتأكيد التزامه الحرفي المرجعيات الثلاث في كل جهوده وإنفاذ اتفاق ستوكهولم على ضوئها".
من جانبه وصف وزير الإعلام اليمنى الدكتور معمر الإريانى ما فعله مارتن جريفيث بأنه خرق للقواعد والأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية حيث استمر المبعوث الدولي لليمن ، فى عقد لقاءات ثنائية مع زعيم الميليشيا الحوثية طيلة الفترة الماضية، رغم كونه أحد المشمولين بالعقوبات الدولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لدوره في إعاقة العملية السياسية باليمن.
وأضاف الأريانى ، أن هذه اللقاءات التي تمت دون تفويض من مجلس الأمن، تضع علامة استفهام على الدور الحقيقى الذى يلعبه جريفيث فى اليمن .
ليس هذا فحسب بل إن المبعوث الدولي وجه الشكر لزعيم الميليشيا في جلسة مجلس الأمن الأخيرة، وهو ما يمثل سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة، على حد وصف الحكومة الشرعية باليمن، ويثير هذا الكثير من علامات الاستفهام حول توافق أداء بعثتها في اليمن مع القانون الدولي وميثاق وأنظمة عمل الأمم المتحدة ، وأكد الأريانى أن الأمر ذاته ينطبق على الإفادة الأخيرة لجريفيث لمجلس الأمن بخصوص مسرحية الانسحابات الأحادية من موانئ الحديدة، والذي تم دون تنسيق أو اشراف ورقابة من الحكومة الشرعية حسب الاتفاق ، فى أكبر عملية تضليل للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن .
رد صادم لسفير بريطانيا
فى المقابل جاء السفير البريطانى باليمن مايكل آرون صادما لليمنيين ، وقوبلت تغريدته عبر حسابه الرسمى بموقع التواصل الاجتماعى"تويتر"، بموجة انتقادات واسعة في الأوساط السياسية والشعبية اليمنية، الذين وصفوا كلامه بـ"الصادم وغير المقبول"، حيث قد شارك في تغريدته خبراً لموقع "فرانس 24" حول رد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، على رسالة بعثها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بشأن تجاوزات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس، الا أنه اضطر لحذف هذه التغريدة بعد ساعات قليلة من نشرها، تحت وقع الردود والتعليقات اليمنية الغاضبة.
من هو مارتن جريفيث؟
كان جريفيث مديرا للمعهد الأوروبي للسلام ومقره بروكسل، وله خبرة طويلة في حل النزاعات والتفاوض والتوسط والشؤون الإنسانية، ووقع عليه الاختيار ليكون ثالث وسيط خلال سبع سنوات يتم تكليفه بملف النزاع اليمني.
ويعد مارتن جريفيث واحدا من أهم الدبلوماسيين حول العالم ويصنف وفقا للأمم المتحدة وسيطا دوليا كبير وهو أول مدير تنفيذى للمعهد الأوروبى للسلام، وقد شغل المنصب بين عامى 1999 ـ 2010.
فى منتصف إبريل بالعام 2014 نال جريفيث شهرة واسعة فى العالم العربى بعد أن تقلد منصب، رئيس مكتب الأمم المتحدة فى دمشق، وممثل الوسيط الأممى الأخضر الإبراهيمى فى الأزمة السورية، خلفا لمختار لمانى،و قام بدور دبلوماسى كبير فى عملية انتقال الوساطة فى الأزمة السورية من الأخضر الإبراهيمى إلى ستيفان دى ميستورا، ولذلك يعد أحد الخبراء الأمميين القلائل فى الشؤون العربية بوجه عام.
أكد جريفيث فى أكثر من تصريح له أن الحرب فى هذا اليمن تختلف عن الحرب فى سوريا، ففى سوريا الحل أمر ممكن، ولكن فرص الحل تتضاءل فى اليمن مع مرور الوقت، فالأزمة فى اليمن ذات بعد إنسانى، وهى أسوأ من العراق وسوريا.