مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، تستعد كافة المحلات والأسر بتشغيل أشهر أنشودة فى تلك الأيام خلال تصنيع كحك وبسكويت العيد، "والله لسه بدرى ياشهر الصيام"، والتى تصاحبها الأغنية التراثية الشهيرة "يا كحك العيد يا احنا.. يابسكويت يا احنا.. ياشرباتات يا احنا..فى كوبايات يا احنا.. ومحدش حلو إلا احنا"، فتعتبر عادة شراء وتصنيع حلوى وبسكويت العيد متوارثة منذ القدماء المصريين منذ آلاف السنين.
ويرصد "اليوم السابع" تاريخ صناعة كحك العيد فى العصور الماضية بداية من الفراعنة حتى يومنا هذا، وكذلك أبرز أسعار وطرق صنع كحك العيد بالأقصر، ويقول محمود أبو عمار حلوانى وصاحب مخبز بمدينة الأقصر، أن كحك العيد هو الأهم والأبرز مع دخول عيد الفطر المبارك، حيث تحول أكثر من 90% من الأهالى لشراء كحك العيد جاهز وتوقفوا عن عمله فى المنازل كما كان فى السنوات الماضية نظراً لارتفاع التكاليف وطول فترة العمل للكحك حتى الوصول للشكل النهائى، فيتوجه جميع الاهالى من الرجال والسيدات لشراء كحك العيد من محلات المخبوزات والحلويات الشهيرة فى مختلف أنحاء الجمهورية.
ويضيف محمود أبو عمار لـ"اليوم السابع"، أن كحك العيد كان قديماً شكل واحد ومعروف للجميع ولكن مع تطور الزمن ودخول أنواع جديدة من الحلويات وغيرها، تنوعت أشكال كحك العيد فيوجد الكحك البلدى والغريبة والنواعم والبيتى فور والبسكويت المتنوع، وكذلك السابلية والقراقيش وغيرها من الأشكال الجديدة لكحك العيد، وعن التصنيع فيتم قبل العيد بعشرة أيام إحضار المكونات المختلفة من الدقيق والزبدة والسمن والفرناسية والزبيب وجوز الهند والسكر المطحون ويتم إعدادها عبر ماكينة مجهزة لذلك الغرض وتخرج كميات هائلة فى أوقات قليلة ليتم عرضها فى المحلات المختلفة لهم بالأقصر، موضحاً أن أسعار البيع ترتفع كثيراً فى بعض المحلات لزيادة أسعار الخامات لتصنيع الكحك، ولكنهم يقدمون عروض متنوعة وبأسعار بسيطة للغاية لا تزيد عن الأعوام الماضية كثيراً لإنهاء الكميات التى يقومون بتصنيعها وتصل لسعر التصنيع قبل العيد بيوم واثنين.
ويقول الحاج أشرف الفيل المتخصص فى صناعة حلوى العيد بالأقصر، أن الشعب المصرى يقدس تلك العادات السنوية فى عيد الفطر المبارك، وصناعة الحلوى بالمحافظة عامرة بالنجوم والمحلات الكبرى والصغيرة التى تقدم أجود أنواع الحلوى والكحك والمخبوزات الخاصة بالعيد، مؤكداً أن التجهيز للكحك وحلوى العيد يتم قبلها بأسبوعين عبر أحضارة كافة الخامات من دقيق وحلويات حسب الصنف والنوع والجودة، ويقوم أصحاب المحلات بتجهيز أشكال مبتكرة من العرض للمنتجات لجذب الجمهور لها والشراء قبل بدء احتفالات العيد التى لا تتم فى الصعيد إلا بكوب الشاب بالحليب وبجواره طبق الكحك والبسكويت صباحاً.
ويضيف أشرف الفيل لـ"اليوم السابع"، أنه بالنسبة لحركة البيع والشراء فتزداد فى موسم عيد الفطر المبارك حيث ينتظر جميع أصحاب محلات الحلوى والمخبوزات إقبال الأهالى على شراء الكحك والحلوى بعد شهر كامل من الصيام، مؤكداً أن إرتفاع أسعار الكيلو لحلوى العيد سببها ارتفاع الأسعار فى الخامات من السمن والسكر والزيت والمكسرات والدقيق، حيث أن الأسعار للخامات زادت عن عن السنوات الماضية، الأمر الذ يجعل كافة أصحاب المحلات يرفعون أسعار الكحك والحلويات فى الأعياد لعدم الخسارة.
ويؤكد أشرف الفيل ابن الأقصر، أن الأسعار فى متناول الجميع حيث إن الكحك السادة بين 40 و50 جنيها للكيلو، والكحك بالفستق وعين الجمل يتراوح من 60 لـ85 جنيها للكيلو، والمشكل مابين 60 لـ120 جنيها، والغريبة والبيتى فور والناعم من 50 لـ90 جنيها، وذلك فى المحلات التى تبيع بأسعار متوسطة للجمهور، ولكن توجد محلات حلوى أخرى ترتفع أسعار بيعها بصورة جنونية لتوفيرها الخامات الأفضل لعمل الكحك وحلوى العيد.
ويضيف الطيب عبد الله حسن لـ"اليوم السابع"، أن طريقة صناعته عند الفراعنة على جدران مقابر طيبة كانت تشمل بعض الأنواع تقلى فى السمن أو الزيت، وأحيانا كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف (العجوة)، أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب، ووجدت أقراص الكعك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل.
ويعود تاريخ كحك العيد فى التاريخ الإسلامى إلى عهد الطولونيين من سنة 868م لسنة 904م، الذين كانوا يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها "كل وأشكر"، واحتل مكانة هامة فى عصرهم، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، وفى عهد الدولة الفاطمية، كان الخليفة الفاطمى يخصص مبلغ 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر، فكانت المصانع تتفرغ لصنعه بداية من منتصف شهر رجب، وملأ مخازن السلطان به، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه، ويذكر أن مائدة الخليفة العزيز الفاطمى يبلغ طولها 1350 مترًا وتحمل60 صنفًا من الكعك والغريبة، وكان حجم الكعكة الواحدة فى حجم رغيف الخبز، وأطلق على عيد الفطر "عيد الحُلل" لأنه كان يُخصص 16 ألف دينار لإعداد ملابس لأفراد الشعب بالمجان، وخصصوا من اجل صناعته إدارة حكومية تسمى دار الفطرة، كانت تقوم بتجهيزه وتوزيعه، وكان الشعب يقف أمام أبواب القصر الكبير عندما يحل العيد ليحصل كل فرد على نصيبه واستمر هذا التقليد حتى أصبح حقا من حقوق الفقراء.