محافظة كفر الشيخ لها مميزات عن بقية المحافظات سواء زراعية أو صناعية أو صناعات يديوية، فالمحافظة تنتج أكثر من 50% من إنتاج الأسماك فى مصر، وتنتج 40% من الأرز، إضافة إلى أنها تضم عددا من المشروعات العملاقة ومنها مزرعة غليون السمكية ومحطة كهرباء البرلس، وجارى تأسيس مصنعى استخلاص العناصر المشعة من الرمال السوداء.
ومن بين المدن الشهيرة على مستوى العالم مدينة فوه الأثرية، والتى تضم ثلث آثار مصر الإسلامية، فبها 365 مسجداً أثرياً، ولديها عدد من الشباب والفتيات والسيدات أيقنوا أن مميزاتها فى صناعة السجاد والجوبلان ستفقدها، فقرروا أن يتحملوا المسئولية كاملة، فقررت الفتيات والسيدات اقتحام المهنة الصعبة التى هجرها الصنايعية، فتوجهن لعدد من المهتمين بالمهنة وتوجهن لمبنى التدريب المهنى بفوه، وتعلموها فى المشغل الذى أقيم خصيصاً لهذا الغرض، فأنتجن وذاع صيتهن، لا يعرفن الإجازات كل منهن تقف على نوال تصنع السجاد والجوبلان والكليم، فى همة ونشاط، تعلو وجوههن ابتسامة، وكلما صنعن سجادة عليها أشكال وتقسيمات متعددة زادت فرحتهن وابتسامتهن .
وأكدت غادة حسن محمود، ربة منزل، أنها قررت خوض تجربة طالما علقت فى ذهنها بالعمل فى مهنة السجاد والجوبلان والكليم، وبعدما أخذت رأى زوجها وأولادها الـ6 شجعوها، وبالفعل توجهت لمشغل وتعلمت الصنعة، وقررت ممارسة عملها فى منزلها، وساعدها فى تلك المهنة زوجها، ووجدت فيها نفسها، فلم تكن مصنوعاتها من السجاد مجرد صناعة تبيعها ولكن عمل تعشقه وفن أحبته ففى كل جوبلانة تصنعها ساعات تقضيها، وتطبق الرسومات سواء عربية أو إسلامية على الجوبلانة والسجاد بإتقان تام، والسجادة تستغرق فى صناعتها ما بين أسبوع لـ15 يوماً .
وأضاف ماهر محمود على، حاصل على دبلوم المدارس الصناعية "قسم زخرفة"، أن العمل فى تلك المهنة ممتع برغم هجرة المئات من أهالى فوه لها، لصعوبة تسويق المنتج إضافة لقلة الدخل، ولكنه أحبها، فقرر العمل بها بعد حصوله على الدبلوم بدلا من الجلوس على المقاهى، متمنياً اهتمام الدكتور إسماعيل طه، محافظ كفر الشيخ بتلك المهنة، ويجد حلاً للحفاظ عليها، ويجب على كل الوزارات المهنية مساعدة الصنايعية، وفتح أسواق لهم لبيع تلك المنتجات التى كان تقبل عليها الأسواق الأوروبية، وتقيم لها المعارض ولكن الآن اختفت.
وقال سعيد عثمان، شيخ الصنايعية بفوه، إنه لابد من إيجاد حل لهذه المهنة التى قاربت على الاندثار، وفى حالة اندثارها سنندم كما ندمنا على فقداننا الكثير من العادات المصرية والصناعات المتعددة والحرف التى تميزنا بها، مؤكداً أنه على استعداد كامل لتعليم الشباب والفتيات هذه المهنة، حبا فى هذه المهنة قبل أن تنتهى حياته لعله يترك بصمة تتذكره بها الأجيال القادمة.
وأضاف "عثمان"، أنه سعيد بتعليمه للفتيات تلك المهنة، فالفتاة تأتى للمشغل يعرفها أسماء الأدوات التى ستسخدمها ومنها "النول، النير، الكف، المكوك، السدة، الدواسة" وغيرها من الأدوات سواء ما تمسكها بيديها أو بقدميها وهى واقفة على النول، كما يعرفها نوعية الصوف، وكيفية نسج الخيوط، وعرض النول، وكيفية اختيار الأشكال وتطبيقها، واختيار الألوان.
وأوضح أن كل فتاة تختلف عن أخرى حسب حبها للمهنة وإتقانها لها، فتستطيع أن تزيد دخلها بسرعة الانتهاء من صناعة قطع السجاد، فمنهن من يكون دخلها شهريا 350 أو 600 أو 900 جنيه أو أكثر حسب إنتاجها، وكل فتاة تتعلم المهنة حسب قدراتها فمنهن من تتعلم فى شهر أو شهرين أو 3 شهور.
وقالت سعادة أبو رياقة، صانعة سجاد، إنها قررت تعلم تلك الصنعة، وتمكنت من إتقانها لجلب دخل للأسرة، وبرغم أنها مهنة الرجال لأنها تحتاج لقوة، فحرصت على الحضور مبكراً أيام العمل لتقف على النول لتبدع وترسم وتصنع أجمل الجوبلان والسجاد الملونة بأشكال متعددة، وأنها تتعايش مع كل قطعة تصنعها، وعندما تتركها لتعود لمنزلها تفكر فى استكمالها وتتخيل شكلها النهائى، فعشقت الخيوط والنول وكل الأدوات التى تستخدمها، وتتمنى أن تقضى بقية النهار والليل لتعود صباحاً لمعشوقها النول والخيوط، فسعادتها معها، ومع كل ما تصنعه، وكلما بيعت سجادة كأنها باعت جزءا منها ولولا احتياجها للمال لصنعت السجاد والجوبلان واحتفظت به لحبها لما تصنعه من إبداعات .
وقالت ريهام مسعد محمد، صانعة جوبلان، إنه قد يتعجب البعض من حب الفتاة لتلك المهنة التى يهرب منها الكثيرون، إما لقلة الدخل أو لعدم تسويق المنتج، ولكن الفتيات وعدد قليل من الشباب أحبوا المهنة لذاتها، وكله وحسب رزقه، ومهما كان دخلها بسيط إلا أنها أفضل من غيرها، على الأقل تحافظ على مهنة الأجداد.
وأضافت رانيا على الصعيدى، من صنايعية السجاد والجوبلان، أنها قررت الحفاظ على مهنة والدها، فيعود الفضل له لأنه علمها أصول الصنعة، فهى تجيد صناعة كل أنواع السجاد والجوبلان، مؤكدة أن عملها ليس حفاظا فقط على مهنة التراث ولكنها عشقتها لأنها تساهم فى عمل جمالى رائع.
وقالت مى رمضان، إنها توجهت لمشغل التدريب المهنى للعمل به، رغم صعوبة تلك المهنة لأنها تتطلب التركيز وكل حواس الفتاة تعمل معاً فى وقت الواحد، مضيفة: وما زاد حبى لها أن الخامات متوفرة، وأفضل ما تفعله الفتيات تعوض هجرة الشباب لتلك المهنة، فالشاب كل همه وظيفة سهلة ومكتب يجلس عليه فقط، ولكنهن فضلن مهنة الفن والهندسة، مهنة الإبداع، مهنة كل فنان مبدع، فكل سجادة لها تقسيمة معينة ودوائر تحتاج للتركيز، مشيرة إلى أنها تعلمت رسم الأشكال والرسومات، وكل فتاة من الـ12 تتميز عن الأخرى بمميزات متعددة.
وأضافت ياسمين على الصعيدى، حاصلة على دبلوم المدارس الصناعية قسم زخرفة، تعمل فى صناعة السجاد والجوبلان، وتفضل صناعة السجاد "نوع السنون" لرسم أشكال متعددة مربعات ومكعبات متساوية مستخدمة خيوط متعددة الألوان، مؤكدة أنها مهنة جميلة، تعمل بها حفاظاً على التراث، متابعة: "الشباب مش عاوز يتعب نفسه، ولو فكر الشاب فى هذه المهنة بأنها فن وحفاظ على التراث سيحبها"، مؤكدة أن كل قطعة تصنعها تعشقها وتحبها.