التعبير عن الشعور الداخلى والمشاعر المختلفة يعد دائمًا ليس بالشيء البسيط السهل الذى نملك مهاراته المختلفة، فقد لا نستطيع التعبير عنه بدقة ووضوح ما يضعنا دائما فى مأزق مع أنفسنا أولاً ومع الآخرين ثانيًا، ولم تكن مشكلة مرتبطة ومحددة بعمر معين وإنما تواجهنا منذ الصغر ونظل نتعامل معها على أنها دائمًا شيء غير واضح ومفهوم ولا نمتلك الثقافة الكافية لفهمها والتعبير عنها.
ومن هنا قد قررت "شيرين هيكل" الأم الثلاثينية أن تعبر عن هذه المشكلة التى دائمًا ما تواجهها مع أطفالها بشكل خاص وتواجه جميع الأمهات بشكل عام ولا تستطيع التغلب عليها، وخاصة مع هذا العمر الصغير الذى لا يفهم من المشاعر سوى شعور الفرحة أو الحزن فقط، ما يجعل الطفل غير مدرك لما يشعر به من مشاعر مختلفة تجاه ما يتعرض له فى يومه وعدم قدرته فى التعبير عنه.
وتحكى شيرين لـ"اليوم السابع": "أنا خريجة طب عين شمس، وكانت أولوياتى دائمًا عبارة عن إنى أدرس واخد شهادات وعملت ماجستير تحاليل واشتغلت أخصائى جودة فى ديوان عام الوزارة وإنى أنزل وألف على المستشفيات"
ولكن قد تغيير الأمر كثيرًا بعد إنجابها لطفلها الأول "يوسف" ما جعلها تضع أمومتها فى المقام الأول، لتستطيع أن تقدم له الرعاية والإهتمام الخاص بمرحلة الطفولة وأن تتبع أسلوب التربية الإيجابية لتكون قادرة على إنشاء جيل واعٍ، مضيفة: "حسيت إنى أولوياتى اتغيرت وهو أولى باهتمامى وبدأت أقرأ كتير على النت وأشوف النشاطات إللى انا أقدر أعمهالها فى السن الصغيرة"
ولكن لم يروٍ هذا شغفها وإنما أرادت أن تصنع له شيئًا خاصًا تستطيع أن تجد فيه ذاتها وقدرتها على العمل مرة أخرى، وهنا قد دفعها حبها للهاند ميد أن تقوم بتصميم كتاب خاص بالأنشطة المهارية التى تساعده على تنمية مهاراتة العقلية واليدوية، والتى فوجأت برد فعل الأمهات عليه بعد تصويره ونشره على صفحاتها "فيس بوك"، ما أزاد الطلب عليه ووضعها فى ضغط كثير جعلها توقف صناعته بعد ذلك.
ولكن يتجدد الأمل ثانيًا بعد طفلتها الثانية "مريم" وهنا وجدت نفسها تتعرض لمشاكل الأمومة المختلفة وخاصة بعد ترددها على كورسات التربية الإيجابية وتتابع: "لقيت إن فى مشكلة كبيرة بتواجه الأمهات إنها ما بتقدرش تطبق أساليب التربية إللى إحنا بناخدها فى الكورس مع ابنها فى البيت، وإن دايما سؤال "عملت إيه فى المدرسة النهارة ياحبيبى" ملوش إجابة.
لكنه لم يكن سوى نتيجة لعدم قدرة الطفل على وصف مشاعرة المختلفة وما يمر به فى يومه الدراسى سواء من مواقف تعرض فيها للتنمر أو الفرحة أو شعور مختلط لا يستطيع تفسيره، ولذلك دائمًا ما يفضل الصمت لعدم قدرته على فهم ما يمر به.
وهنا قررت شيرين أن تقوم بتصميم كروت ورقية تعبر فيها عن كل شعور نمر به وما يدل عليه من معنى واسم أيضًا، مثل مشاعر الإحباط والأمل والتنمر والضيق وغيرها ولم تقتصر فقط على مشاعر الفرحة أو الحزن.
وأضافت: "بدأت أكتب موقف على كل شعور ويكون فى رسمة لأطفال تجسد الشعور ده عشان الطفل يقدر أنه يشوفه ويتعرف عليه واسم الشعور ده أيه، وفى الجزء التانى من الورقة نصايح للطفل وللأم إزاى يقدر يتعامل بطريقة صح مع الشعور دا فى المواقف، وبدأت أصمم فى البداية 33 كارتا ضم كل المشاعر واتفقت مع مصممة ترسملى المواقف دى وتقدر إنها تجسد مشاعر الخوف مثلاً فى شكل الطفل فى الرسمة والنصايح كلها راجعتها مدربة تربية إيجابية"
وقد نالت هذه الكروت إعجاب جميع الأمهات وحصدت نجاحًا لم يكن متوقعًا، وذلك لقدرتها على حل مشكلة تواجه الأمهات يومًا بعد يوم بل وتزداد أيضًا، وتم بيعها فى معرض الكتاب الدولى والمشاركة بها فى الكثير من المعارض المختلفة
وتتابع: "أنا أم زى أى أم بتتعامل مع أطفالها وبتواجهها نفس المشكلة، وكنت عارفة إنها هتكون مفيدة وهتساعدهم بس متوقعتش النجاح دا، ومبسوطة إنها ساعدت أكتر أطفال التوحد فى أنهم يقدروا يتعرفوا على الشعور من خلال الصورة وأنهم يتفاعلوا مع الناس المحيطة بهم"
وتختتم حديثها قائلة: "دلوقتى أنا شغالة على لعبة معينة هتساعد الأمهات والآباء أنهم يتعاملون مع ظاهرة التنمر سواء الطفل اللى بيتعرض للتنمر أو الطفل إللى بيمارسه، وتفهمه أن التنمر ده ناتج عن اختلافنا وأنه مش حاجة وحشة ولكن بنكمل بعض باختلافنا دا".