ظلت المرأة البدوية بصحراء مطروح، على مدار القرون الماضية، تتقن وتحافظ على صناعة الأغطية المصنوعة من الصوف، والتى يطلق عليها "الحوايا" باللهجة البدوية، والتى تنسج فى تناسق لونى بديع من خيوط الصوف، بالإضافة إلى المفروشات والكليم، وكانت المرأة البدوية تغزل وتنسج احتياجات منزلها أو خيمتها من الأغطية والمفروشات بنفسها، وتعلم هذه الحرفة لبناتها.
وتتميز السيدات البدويات بإتقان حرف وصناعات يدوية لها شهرة متميزة، وتلقى قبولا لدى السياح العرب والأجانب من رواد محافظة مطروح، ومن أشهر هذه الصناعات هى الحوايا.
وأكد حمد خالد شعيب الباحث فى التراث البدوى، أن صناعة الحوايا تعد أبرز الصناعات اليدوية الحرفية والأكثر شهرة بصحراء مطروح، وتصنعها البدويات من صوف الأغنام، ويتوارثنها منذ مئات السنين، ورغم تراجعها إلا أنها مازالت قائمة حتى الآن، وهذه الصناعة تمثل إحدى مكونات التراث البدوى القديم، وكانت تدخل ضمن جهاز العروس ولا يخلو بيت بدوى منها.
وتطورت هذه الحرفة، مع مرور الزمن، مع الحفاظ على أصولها البدوية العريقة، وتتقنها كثير من السيدات البدويات من كبار السن، وتراجع توارث هذه الحرفة بين الفتيات الصغيرات عما كان عليه الحال من قبل، وهو ما يهدد الحفاظ على استمرارها وتعرضها لخطر الانقراض بسبب المجتمعية والعراقيل التى تواجهها.
وأوضح الباحث البدوى، أن بعض النساء يعملن بهذه الحرفة ويعتمدن عليها كمصدر دخل لمساعدة أسرهن، خاصة سكان القرى والنجوع، ويعد مركز مدينة سيدى برانى، من أشهر المناطق المنتجة للحوايا والصناعات اليدوية الحرفية الأخرى.
وتعتمد صناعة الحوايا على أصواف الأغنام، التى تشتهر المحافظة بتربيتها، خاصة أنواع الأغنام التى تتميز أصوافها بالنعومة وثبات صبغتها.
وتصنع الحوايا بمساحات تبدأ من مترين ونصف إلى أربع أمتار، وتحتاج حوالى 6 أشهر لإنجازها ويعمل عليها 3 أو 4 سيدات، حيث تحتاج إلى استخدام الغرز كل غرزة على حدة فى تناسق جميل للألوان، وتستخدم فيه 6 ألوان هى الأحمر والأبيض والأخضر الغامق والفاتح والبنى والأزرق، ويبلغ سعر المتر الواحد حوالى 300 جنيه، وهو سعر قليل جدًا ولا تتناسب مع الجهد المبذول فى العمل.
ويقبل السياح الأجانب، على شراء المنتجات اليدوية من الأصواف، خلال عرضها بالفنادق الكبرى والمنتجعات السياحة، التى تستقبل أفواج السياح الأوربيين خاصة الإيطاليين.
وتواجه صناعة الأصواف اليدوية صعوبات فى تسويق منتجاتها بمقابل عادل، حيث السيدة على مدار أشهر فى صناعة قطعة واحدة من الحوايا، وفى النهاية يتم بيعها بأسعار متواضعة لا تتناسب من الجهد الذى بذل فيها، من غزل الأصواف وصبغها بالألوان المختلفة ونسجها على الأنوال الخشبية.
ويمثل مصنع الصوف بمدينة مرسى مطروح، طوق النجاة لهذه الحرفة، للحفاظ عليها من الاندثار والعمل على تطويرها، من خلال تدريب السيدات والفتيات.
وأكد صالح العشيبى مدير وحدة الإعلام بمركز التنمية المستدامة لموارد مطروح، أن مصنع الصوف، بقرية القصر التابعة لمركز مرسى مطروح، يرجع إنشاؤه إلى أوائل الستينيات من القرن الماضى، وكان يضم ماكينتى غزل قديمتين، وكان تحت إشراف شركة غزل المحلة، وقد تم إسناد إدارته فى عام 2005 لمشروع تنمية موارد مطروح، وتم تطويره وتدعيمه بأنوال ومعدات لتدريب السيدات للحفاظ على الحرفة اليدوية التراثية.
من جانبه استشعر اللواء مجدى الغرابلى محافظ مطروح، أهمية هذه الحرف وضرورة الحفاظ عليها، مع العمل على تطويرها وتعظيم العائد الاقتصادى منها، لصالح العاملين فيها، حيث تفقد مصنع الصوف وطالب المسئولين عنه، بحصر الاحتياجات اللازمة، لتوفيرها من أجل التطوير ومساعدة المتدربات وتشجيع الصناعات اليدوية، بجانب الخطة التى تقوم بتنفيذها المحافظة، من خلال إدارة تنمية القرية ووحدة تكافؤ الفرص، بمنح قروض ميسرة بدون فوائد للسيدات، لشراء الصوف والأصباغ، وحل مشكلة التسويق التى دفعت كثير من السيدان للإحجام عن التصنيع، ومواجهة جشع التجار الذين يشترون هذه المنتجات بأسعار بخسه، وإعادة بيعها بأسعار مضاعفة.
وطالب محافظ مطروح، خلال تفقده مصنع الصوف، بمراجعة طرق تشغيله لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية منه، بما يوفر عائد اقتصادى وتحقيق مزيد من فرص العمل لأبناء المحافظة، خاصة مع توافر المواد الخام من الصوف.
صناعات الصوف اليدوية بمطروح تواجه الاندثار (2)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة