ياسونارى كواباتا.. هو أول أديب يابانى يحصل على جائزة نوبل للآداب فى عام 1968، والمولود فى 14 يونيو 1899 والمتوفى فى 16 أبريل 1972، وقد أهله إبداعه النثرى المكتوب بلغة شعرية راقية وغامضة للحصول على أرقى جائزة أدبية فى العالم، ولا تزال أعماله مقروءة إلى اليوم.
الهارب من الموت
إن المتأمل لحياة ياسونارى كواباتا منذ صغره، سيجد أنه الموت ظل يلاحقه منذ صغره، فحينما بلغ الثانية من عمره، فقد والديه، ليتولى بعد ذلك جده رعايته وتربيته، أما شقيقته الكبرى، فتولت عمته تربيتها، وحينما بلغ السابعة من عمره توفت جدته، وحينما بلغ العاشرة ماتت شقيقته التى رآها مرة واحدة فقط منذ موت والديه، وعندما صار فى الخامسة عشرة من عمره توفى جده.
ياسونارى كواباتا أثناء الكتابة
لقد عانى ياسونارى كواباتا كثيرا من ملاحقة الموت له، وبفقدانه لكل أفراد عائلته، انتقل للإقامة مع عائلة والدته "آل كورودا"، ثم انتقل فى يناير 1916 إلى بيت داخلى قرب المدرسة الثانوية حيث يدرس، وبعد تخرجه منها فى 1917 انتقل إلى طوكيو آملاً فى اجتياز امتحان المدرسة الثانوية الأولى التى كانت تعمل بإدارة جامعة طوكيو الإمبراطورية.
تمكن ياسونارى كواباتا من النجاح فى الامتحان ودخل كلية الدراسات الإنسانية ليتخصص فى اللغة الإنجليزية، وفى يوليو 1920 تخرج من الثانوية وبدأ دراسته فى جامعة طوكيو الإمبراطورية فى نفس الشهر.
ياسونارى كواباتا
أدب المراثى
عمل ياسونارى كواباتا مراسلا لصحيفة ماينيتشى شيمبون من أوساكا وطوكيو، رغم أنه رفض المشاركة فى التعبئة العسكرية التى رافقت الحرب العالمية الثانية، ولم يتأثر بالإصلاحات السياسية اللاحقة فى اليابان. ومع موت أفراد عائلته فى سن مبكرة، أثرت الحرب بشكل كبير عليه، وبعد انتهاء الحرب بوقت قصير قال بأنه لن يستطيع أن يكتب إلا المراثى.
جائزة نوبل والاحتفاء بذكرى ميلاد ياسونارى كواباتا
ياسونارى كواباتا والأدب اليابانى
حينما كان ياسونارى كواباتا طالبا فى الجامعة، قام بإعادة إصدار مجلة جامعة طوكيو الأدبية والتى كانت تسمى "اتجاهات الفكر الجديدة" وذلك بعد انقطاع أربع سنوات حينذاك، وفيها نشر قصته القصيرة الأولى "مشهد من جلسة أرواح".
وخلال دراسته فى الجامعة كتب ياسونارى كواباتا أطروحة تخرج بعنوان: "تاريخ موجز للروايات اليابانية". تخرج من الكلية فى مارس 1924. وفى أكتوبر 1924 بدأ كواباتا، ويوكوميتسو ريتشى مع عدد من الكتاب الشبان صحيفة أدبية جديدة سميت "عصر الأدب". وكانت رد فعل للمدارس الأدبية اليابانية الراسخة القديمة، خصوصاً المدرسة الطبيعية، بينما وقفت فى الوقت عينه ضد أدب العمال أو المدارس الاشتراكية / الشيوعية. كانت إحدى حركات الفن للفن، وتأثرت بالتكعيبية، والتعبيرية، وغيرها من الأنماط الأوروبية الحديثة.
بيت الجميلات النائمات
ابتكر كواباتا ويوكوميتسو مصطلحاً هو "شينكانكاكوها" لوصف حركتهما الانطباعية الجديدة، المعتمدة على منظور أحاسيس مختلف فى الكتابة الأدبية.
بدأ ياسونارى كواباتا فى جذب الانتباه إليه بعدد من القصص القصيرة بعد تخرجه بوقت قصير، وهلل لقصته راقصة آيزو فى 1926، وهى قصة بزوغ حب جديد إيروتيكى، ومعظم أعماله اللاحقة تستكشف ثيمات مشابهة.
أشهر أعمال ياسونارى كواباتا
تعد "بلد الثلج" واحدة من أشهر قصصه، بدأت فى 1934 ونشرت مسلسلة منذ 1935 حتى 1937. حكاية حول علاقة حب بين شاب يهوى الفن من طوكيو، وغيشا من إحدى المقاطعات، تدور أحداثها فى مدينة بعيدة ربيعها حار؛ مكان ما فى الغرب قرب جبال اليابان الشاهقة. رسخ ياسونارى كواباتا كأحد أبرز الكتاب اليابانيين، ووصفها إدوارد ج. شايدنسترايكر بأنها قد تكون تحفة كواباتا الأدبية.
أعمال ياسونارى كواباتا
روايات ياسونارى كواباتا
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تواصل نجاح كواباتا مع أعماله اللاحقة: طيور الكركى الألف، صوت الجبل، بيت الجميلات النائمات، جمال وحزن، والعاصمة القديمة.
الكتاب الذى اعتبره هو نفسه أفضل أعماله كان سيد الغو (1951) الذى يتعارض بشدة مع أعماله الأخرى. رواية شبه خيالية عن مباراة غو كبرى فى 1938، كان كواباتا قد كتب عنها فى صحيفة ماينيتشي. كانت آخر مباراة فى مسيرة المعلم شوساى المهنية، وخسرها لصالح متحديه الأصغر سناً، ليموت بعد سنة أو أكثر بقليل. وبالرغم من أن الرواية تتحرك على السطح كإعادة حكاية لكفاح مشوق، فإنها اعتبرت كرواية رمزية توازى هزيمة اليابان فى الحرب العالمية الثانية.
وكرئيس لرابطة القلم الدولية لسنوات عديدة بعد الحرب، دفع كواباتا بقوة فى اتجاه ترجمة الأدب اليابانى إلى الإنجليزية ولغات أخرى.
ياسونارى كواباتا والاحتفاء به
ياسونارى كواباتا والقصص القصيرة
كتب ياسونارى كواباتا أكثر من مئة وأربعين قصة قصيرة، كان يطلق عليها قصص كف اليد لقصرها، إذ تراوح طول القصص بين الصفحة والسبع صفحات، جسد فيها عمق العاطفة الإنسانية وسبر أغوار النفس البشرية.
وكانت القصة القصيرة جداً الجنس الأدبى المفضل لديه، إذ وجد فى المساحة المحدودة فيها ميزة مكنته من استخدام الغموض الذى برع فيه، ومن ترك العنان لخيال القارئ. وقد اقترب فى أسلوبه هذا من الشعر، إذ تشبه كل قصة قصيدة شعرية فى عمقها وكثافة رموزها وتركيزها.
كان ياسونارى كواباتا يكتب القصص الواحدة تلو الأخرى وكأن الواحدة تلهم الأخرى كما القصائد، فتأتى باندفاعات إبداعية مفاجئة وغزيرة. وما يميز قصصه القصيرة ليس فقط كثرة عددها، وإنما تنوع موضوعاتها وأسلوبها، فبعضها يمتاز بوحدة النص وتماسكه، وبعضها الآخر يأتى بصيغة مفككة كالحلم بأسلوب انطباعى.
ياسونارى كواباتا
وتشكل هذه القصص بمجموعها مرآة كبيرة للحياة الإنسانية، وقد جمعت فى مجلدات كثيرة، وترجمت إلى لغات عدة فحققت انتشاراً واسعاً بين القراء فى الغرب. وكانت آخر هذه القصص القصيرة، قصة اختزلها عن روايته بلد الثلج بعنوان لقطات من بلد الثلج التى شكلت تحولاً فى أسلوب الكتابة الذى كان يتبعه، إذ كان يستوحى رواياته الطويلة من فكرة بسيطة ويسهب ويتوسع فيها، بينما حدث العكس فى قصته الأخيرة تلك. ومن قصصه أيضا "ثمرة الرمان" المترجمة والمنشوره فى مجله العربى الكويتية.