استطاع سالم شبانة، شاعر ومعلم، أن يصل بحروف إبداعه لمنصات الشعر المحلية والعالمية من خلال 4 دواوين شعر وقصائد متناثرة على صفحات دوريات ومجلات الأدب، وهو يؤدى رسالته معلما للأجيال فى مدرسة العريش الإعدادية، التى من داخلها خاض تجربة تعليم الطلبة فنون ومهارة كتابة الشعر.
تجربة ثرية من الإبداع لا تزال تتواصل خاضها الشاعر ابن سيناء وصفها فى حديثه لـ"اليوم السابع"، بأنها شهوة القول التى منحت رجالا من البدو مهابة وجمالا، عندما يقفون فى السامر ليلا، يبدعون شعرهم المرتجل.
وقال سالم، "أغانى أمى البدوية وحبها لأغانى سميرة توفيق وغيرها من مطربى الستينيات والسبعينيات هو ما جعل للكلمة رونقا جميلا فى حياتى، بدأت فى بداية المراهقة بفكرة تسجيل الخواطر والانفعالات العاطفية الساذجة، تطور الأمر مع حبى للقراءة؛ كنت أقرأ كل ما وقع تحت يدى فى مكتبة المدرسة، أسرنى "نزار قباني" بشعريته الفذة، ثم فى 1987 اقتنيت أعمال "محمود درويش" الجزء الأول بعدما بادلتها بكتابين للشعراوى ومحمد الغزالى من زميل لى فى المدرسة الثانوية، ومن معرض كتاب عام 1978 اشتريت الأعمال الكاملة لأمل دنقل، من هنا رأيت أن الشعر ليس بالضرورة أن يخضع لقيود سابقة عليه.
وأشار الشاعر السيناوى سالم شبانة، إلى أن كثيرا من مفردات حياته هى قصة قصيدة وأهمها عندما قرر والده قبل مولده العودة غربا من سيناء للوادى بعد موت ناقته، ومعه عشيرته وحطّوا فى جزيرة رملية وسط السواد وسَموها الجزيرة، وظلّ الاسم عالقا بها إلى الآن، كانت هذه الأرض ملكا لخواجة يونانى اسمه (باكوس)، تقع بين مدينة قويسنا مسافة أربعة كيلو مترات ومدينة بنها مسافة ثمانى كيلو مترات، وقد تركها الخواجة، وهاجر إلى مسقط رأسه؛ فعانت من الإهمال وخربت أحواضها وجوابيها، وعادت رمالا صفراء لا زرع فيها ولا ماء، وفى هذه الجزيرة خطّوا بأرجلهم فى الرمل مستطيلات ومربعات كل على قدر طاقته، وقالوا: هذه بيوتنا؛ ثم بعد ذلك أحاطوها بسياج من عيدان الذرة؛ فصارت بيوتا يعودون إليها لأسابيع كيما ينتقلون وراء الحصاد وإطعام إبلهم، وتطور الأمر وبنوا فيها حجرة أو حجرتين من الطوب اللبن كان الغرض منها تخزين حبوبهم فيها، ثم وجعلوا أمامها خصاصا بنوها من عيدان الذرة، يسهرون أمامها فى أماسى الصيف؛ يشربون القهوة ويدخنون التبغ وتكون مأواهم من برد الشتاء، حتى أصبح المكان "جيتو" خاصا بهم لا يدخله الآخرون ولا يختلطون بغيرهم من مقيمين سبقوهم للمكان، وفى هذا المكان ولدت عام 1968 وشهدت طفولتى امتداد الرمال الشاسع ينتهى بالخضرة الداكنة لأراضى الفلاحين وحقولهم، كنت أشاهد الصبايا يذهبن بأغنامهن إلى "المسراح" لترعى الحشائش النّزرة ولا يقربن الحقول المتاخمة، وتفتحت أذناى على غناء جدتى الذى يشبه النشيج، ولم أع ما تغنى وقتها؛ وإن طبع غناؤها روحى بحزن غامض، فى الأفراح وليالى السمر يقام السامر وفيه "البديع"، وهو شعر مرتجل بين شاعرين و"الدحيوه"، وغيرها من فنون انتقلت معهم من البادية إلى أعماق الريف، خرجت للعالم من حولى للمدرسة فى هذا المكان وحصلت على الإعدادية بتفوق والثانوية ثم التحقت بجامعة القاهرة حيث درست بها اللغة العربية وآدابها.
وقال الشاعر "سالم شبانة"، إن الحال آل به أن يصبح شاعرا، وحاصل على ليسانس اللغة العربية وآدابها جامعة القاهرة 1992، ومعلما فى مدينة العريش، وصدر له المجموعات الشعرية: (الآخرون) الهيئة العامة لقصور الثقافة عن فرع ثقافة الإسماعيلية، و(رتق ندوب عميقة) دار المحروسة بالقاهرة، (للموت سمعة سيئة) الهيئة العامة لقصور الثقافة، (ثقوب سوداء) الهيئة العامة المصرية للكتاب، وقصائد نشرت فى المطبوعات المتخصصة منها نزوى- الحياة اللندنية- الدستور الأردنية- أخبار الأدب- مجلة الشعر- مجلة الثقافة الجديدة-، وغيرها.
وفى وصفه لعطاء مبدعى سيناء قال إنه ثرى، لافتا لتأثرها بالبيئة تعبيرها عنها بأشكال مختلفة، كأعمال سامى سعد الروائية (السراديب وتلة الذئب)، عبد الله السلايمة (صحراء مضادة .. وغيرها)، وفى الشعر أغلب ما كتب من مجموعات شعرية لشعراء مهمين مثل: أشرف العنانى، أحمد السواركة، محمد المغربى، حسونة فتحى، صلاح فاروق، سامى سعد، كريم سامى سعد، شادى سامى سعد، حاتم عبد الهادى وغيرهم، كلها أعمال تعيد تشكيل وجه سيناء شعريا بمنتج مفعم بالبيئة: صحرائها، بحرها، وميكانيزمها الاجتماعى، أما فى الفن التشكيلى هناك الكثير ممن رسم مفردات البيئة السينائية، مثل: رجب عامر وغيره.
وقال شبانة ، لا يمكن أن نزعم أن هناك قصيدة أو بيتا شعريا كتب عن سيناء، ربما لأن هذا قائم على نظرية عمود الشعر الخليلى ووحدة البيت فى القصيدة القديمة، لكن أستطيع أن أجمل دواوين شعرية كاملة تقدم سيناء بشكل فنى منها: (قاطع طريق) لأحمد السواركة، (صحراء احتياطية) لأشرف العناني، وأعمال حسونة فتحي، سامى سعد، وغيرهم.
وحول أهم ما يحتاجه مبدعو سيناء من دعم من جهات الاختصاص، قال حاجة المبدعين فى سيناء لتفعيل قصر ثقافة العريش حاجة ضرورية وملحة، أيضا العمل على إنشاء مركز ثقافى خاص بالعمل الميدانى لجمع تراث سيناء من فنون قولية ومنتجات يدوية وحرف، والمطلب الملح والهام هو تنظيم معرض للكتاب فى مدن سيناء خاصة فى هذه اللحظة المفصلية هنا.
وعن دوره كمعلم وشاعر فى غرس روح الإبداع والابتكار لدى الطلبة، أشار إلى أنه يعمل معلما فى مدرسة إعدادية بمدينة العريش، ولاحظ الطلاب الذين يملكون مواهب مختلفة، وفكر فى تدريب الطلاب على (فنون الخط العربي)؛ خاصة أنه حائز على شهادة دبلوم الخط العربي، وبما أنه توجد وحدة تدريب بالمدرسة، تطور الأمر لتدريب (فنون القراءة المنتجة)، فقام بالتدريب المهم فى (ورشة كتابة): ودرسنا معنا نماذج من شعر وقصص الطلاب، ولمس اهتماما من طلابه واقبالا على التدريب وبرزت مواهب استفادت من الورشة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة