تحل اليوم الذكرى الحادية والعشرين لوفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى فى 17 يونيو 1998، الذى يظل حاضرًا بكل ما قدمه للعالم الإسلامى على مدار عمره، حيث كان الشعراوى أحد أكبر الأئمة والدعاة، واشتهر بحلقات تفسير القرآن التى ما زالت تنال إعجاب جموع المسلمين بالعالم، ويبقى الشيخ الشعراوى علامة مضيئة فى تاريخ المفسرين.
وزار "اليوم السابع" مسقط رأس الشيخ بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، فى ذكرى وفاته، فمجرد أن تطأ قدميك للقرية، تجد بركة الشيخ حاضرة فى كل مكان، هنا أنشأ معهد أزهرى، وهناك مجمع خيرى لخدمة وعلاج أهالى قريته، وعلى هذه المصطبة كان يجلس بجوار جيرانه ومحبيه فجأة أثناء سيره على قدميه بعد خروجه من مسجد الغريب، وأمام مكتب تحفيظ القرآن كان يعطى الأطفال الصغار نقودا لتحفيزهم على الحفظ، وبمجرد دخولنا ضريح الشيخ، وجدنا عددا كبيرا من محبيه من كل مكان يأتون لزيارته.
وقال خالد السيد حجازى، من محبى الشيخ: "أنا جاى من المنوفية للشيخ، كل شهر أحضر من قريتى فى ميت برى مركز قويسنا بالمنوفية، لزيارة ضريح الشيخ، ثم أصبحت زياتى له كل 15 يوما حيث شاهدته كثيرا فى المنام وأعطانى سبحة".
ويسرد سعيد زغلول، 52 سنة، المدير الإدارى بمجمع الشيخ الشعراوى الإسلامى بدقادوس، والذى أنشئ سنة 1985، ومكون من عدة طوبق، الدور الأرضى قاعة للدروس والدور الأول علوى مكتبة إسلامية والدور الثانى علوي، عيادة شاملة ودار تحفيظ قرآن وحضانة ومعهد إعداد معلمى القرآن الكريم ومسجد الغريب ومسجد الأربعين ومدرسة الإمام على ابن أبى طالب، وفى آخر حياته كان يفكر فى إنشاء فرع لجامعة الأزهر بدقادوس، متابعا أن الشيخ كان فى غاية التواضع، وكان دائما يشاهده يعتنى بأحد الأشخاص الدراويش ويدعى الشيخ "عبد الله" كان رجل طيب على باب الله، عندما يعلم بقدوم الشيخ لدقادوس، يحضر مسرعا وكان الشيخ يأخذه لمسكنه ويحميه بنفسه ويغير له ملابسه المتسخة بملابس نظيفة من عنده، ويطعمه بيده".
وتابع: كنت أول من أعلن عن وفاة الشيخ فى دقادوس، حيث حضرت للمجمع فى السابعة صباحا يوم الوفاة، وعلمت بوفاة الشيخ، وأعلنت من منبر داخل المجمع لأهالى دقادوس خبر وفاة الشيخ، وكان موقفا صعب قائلا: "كنت عاجزا عن الحديث هاقول للناس إيه"، ويوم الوفاة لم نتمكن من الخروج من المجمع للمشاركة فى تشييع الجثمان، حيث حضر مئات الآلاف من محبى الشيخ من كل مكان، وازدحم المجمع، وحضر العديد من الفنانين".
وقال مصطفى شرف الدين، من أبناء دقادوس: "الشيخ أعطانى جنيها لا يزال معى".
وتذكر موقفا إنسانيا مع إمام الدعاة، قائلا: عندما كنت طالبا كنت باخد درس فى مجمع الشيخ الشعراوي، حيث قام المجمع بالتعاقد مع مدرسين، لإعطاء دروس تقوية لكل الطلاب الفقراء والأغنياء بـ3 جنيهات وأثناء انتظارنا مجموعة من الطلاب أمام المجمع، شاهدت سيارة سوداء، ينزل منها فضيلة الشيخ، وقام بالنداء على جميع الطلاب المتواجدين وأعطى كل واحد منا جنيه جديد فى يده، موضحا أن ضريح الشيخ يتردد عليه يوميا وفود من كل أنحاء العالم الإسلامى من إندونيسيا وماليزيا من الطلاب لزيارة ضريح الشيخ، وكذلك المشاهير من بينهم الحبيب على الجفري، الذى زار الضريح مؤخرا، والدكتور أسامة الأزهرى وعدنا بزيارة ضريح الشيخ قريبا، موضحا أن مسلسل "إمام الدعاة" الذى تناول حياة الشيخ، كان به شخصيات كثيرة غير حقيقية مثل شخصية زغلول "الذى لم نسمع عنه فى دقادوس".
حسن يوسف: طلبت من الشعراوى تجسيد قصته قال لى لما اموت
"الشيخ الشعراوى يعيش داخلى ويحتل جزءا كبيرا من وجدانى وأقول لمن يهاجموه الآن خافوا يوما ستقابلون الشيخ ويشتكى إلى لله منكم".. هكذا تحدث الفنان حسن يوسف والذى جسد حياة الشيخ فى مسلسل "إمام الدعاة"، مضيفا أن العالم الإسلامى فقد أهم عالم إسلامى فى الوطن العربى، فقد كان أول مفسر للقرآن باللغة العامية، وسبقه كثيرون فى تفسيره باللغة العربية الفصحى، فلم يصل إلى كافة الناس، لكن الشيخ جعله يصل للدكتور فى الجامعة والفلاح فى أرضه، وكل الطبقات فهمت القرآن من تفسير الشعراوى، وكان يطبق منهج رسول الله على الأرض ليكون قدوة لكل من يسمع أحاديثه، وكان يطبق منهج الرسول بالحرف.
وتابع الفنان حسن يوسف لـ"اليوم السابع": فقدنا قيمة كبيرة، ووجوده كان يضفى البركة والاطمئنان بأخلاقه، فهو يعيش فى داخلى ويحتل جزء كبير من وجدانى وعقلى وكان دايما يستعمل لفظ صحيح الإسلام ويصر على هذه الكلمة.
وأضاف "يوسف"، أن الشيخ لم يكن متشددا أو متطرفا، كما يقول البعض حاليا ويشنون عليه هجوما، وأقول لهم هذا كلام فاضى و"اخشوا يوما ستقابلون الشيخ الشعراوى ويشتكيكم لله أنكم اتهمتوه بأمور لم تكن فيه"، فلم يكن الشعراوى متشددا وسببا فى الإرهاب، بل كان زعيم الوسطية يطبق الإسلام المعتدل.
وأوضح الفنان حسن يوسف، أن كل ما قدمته فى المسلسل عشته على الطبيعة مع الشيخ وتأثرت به، حيث طلبت منه فى إحدى زيارتى له تجسيد قصة حياته فى مسلسل، فقال لى "لما أموت اعملوا اللى أنتوا عايزينه مش عايز فى حياتى يقول حد بيمجدونى"، ولذلك عملت المسلسل بعد وفاته، حيث تعلمت منه وزوجتى صحيح الإسلام، ولمسنا كرمه وصدقه، وذهبت إليه برفقة زوجتى "شمس البارودى" قبل أسبوع من وفاته، وهو راقد على السرير وسلمنا عليه، وكنت بفضل الله من القليلين المسموح لهم بزيارته فى أى وقت، حيث قال للخادم " حسن يوسف "يدخل عليه فى أى وقت حتى لو فى غرفة النوم.
عفاف شعيب: "الشعراوى" سمح لى بالتمثيل بالحجاب
وروت الفنانة عفاف شعيب لـ"اليوم السابع" ذكرياتها مع مسلسل "إمام الدعاة" وتجسيد شخصية "نبوية" زوجة الشيخ، قائلة: "الشيخ الشعراوى شخصية لا تعوض، وكل مائة عام يأتى عالم من العلماء، وفى مشايخ كثر مجتهدين، ولكن ليسوا بقيمة وقدر الشيخ الشعراوى، وكان رجلا من الأولياء ودورى فى المسلسل كان صغيرا، حيث ظهرت فى الحلقة التاسعة، وتوفيت فى الحلقة 22، وتحدثت مع نجله "عبد الرحيم" وحدثنى عن علاقة أمه بأبيه وكيف كانت شخصية حنونة عليه وتدفعه للذهاب لكل مكان فى العلم من أجل تفسير القرآن، وأنها رغم مرضها كانت مهتمة بأمه وتعاملها معاملة حسنة".
وتابعت الفنانة عفاف شعيب: تقابلت مع الشيخ الشعراوى أكثر من مرة، ورحت له مسجد سيدنا الحسين والسيدة نفيسة، وذات مرة اصطحبت والدتى معى، وعندما شاهدها بدون أن تتحدث قال لها: "لا تحزنى أنتى من الصابرين الصالحين"، فقالت له: "بتتكلم عن أيه يا فضيلة الشيخ"، فقال لها: "أنتى عارفة"، حيث كان لى شقيق توفى فى سن مبكرة وكانت أمى حزينة عليه لأنه كان نجلها الأكبر، فالشيخ كان من أولياء الله الصالحين، وعندما عدت من أمريكا بعد رحلة علاج والدتى لمدة 3 سنوات، واعتزالى التمثيل، طلبنى العديد من المخرجين لتقديم أدوار، فذهبت إليه برفقة الحاجة "ياسمين الخيام" وحكيت له فقال لى "وماله يا بنتى" ونصحنى بعدم تقديم أى مشاهد بها إثارة وقال لى: "أنتى مثلتى زينب، فى الشهد والدموع وأنتى مرتدية الحجاب".
سميرة عبد العزيز: عزمت الشيخ الشعراوى على المسرح وتفاجأت بحضوره فى أول كرسى
"عزمته على المسرح وكانت مفاجأة وحضر وجلس فى الكرسى الأول".. هكذا روت الفنانة سميرة عبد العزيز، تفاصيل اللقاء الأول والأخير مع الشيخ الشعراوى، عندما زارته مع صديقة لها فى الجلسات التى كان يعقدها، وسألته عن المسرح وهل العمل به حلال أم لا، حيث كانت تعرض مسرحية وطنية عن قصة "صلاح الدين الأيوبى" فى المسرح القومى، فقال لى: "إذ كان فيه فايدة للرؤية يبقى حلال، وغير خادش لتعاليم الإسلام"، فقلت له "بشتغل فى مسرحية صلاح الدين، ينفع تشرفنى تتفرج عليها قالى حاضر، وكانت المفاجأة للمسرح كله أنه حضر وجلس بالكرسى الأول".
وعن دورها فى تجسيد دور والدة الإمام فى مسلسل إمام الدعاة، قالت: "زرت عائلة الشيخ، وجلست مع أبنائه وأخبرونى أن أمه كانت حنونة عليه وكانت تدافع عنه من الصغر أمام والده، وراعيت كل ذلك أثناء تجسيد الدور، وأكثر مشهد تأثرت به، عندما كانت أمه نفسها تؤدى فريضة الحج وشايلة فلوس، وعندما طالبوها فى المنزل وصرفت على أمور تانية، تأثرت وبكيت بالدموع، فقال لى هاخدك معايا الحج قريبا، ونزفت دموعى بغزارة، أمام الفنان حسن يوسف وبعد نهاية المشهد قالى "أنتى وجعتى قلبى هسفرك دلوقتى" على سبيل الدعابة.
وولد الشيخ الشعراوى فى 15 أبريل 1911 وتوفى فى 17 يونيو 1998، وعمل فى مناصب كثيرة وسافر إلى بلاد متعددة منها المملكة العربية السعودية والجزائر، كما كتب الشعر، وكان له افتتان باللغة، وكان له نشاط سياسى فى مجلس الشورى كما عمل وزيرا للأوقاف، لكن يظل الوجه الأكثر بروزاً صورته على كرسى العلم فى المسجد وحوله طالبو العلم والمستمعون إليه.