وأشار المعهد فى تقريره إلى أن الهجوم الذى تم فيه استهداف ناقلتى نفط أبحرتا من السعودية والإمارات ، بعد شهر واحد من استهداف أربع ناقلات كانت راسيات قبالة ساحة الإمارات، وكان ذلك الهجوم على يد جهة حكومية ، بحسب ما أفاد به بشكل شبه مؤكد المحققون الدولية.
وقال المركز البحثى الأمريكى ، أنه لو ثبت صحة الأدلة التى تشير إلى تورط طهران، فالسؤال الذى يطرح نفسه، هو ما الذى يعكسه الحادث عن نوايا طهران على المدى القريب فى المنطقة.
وكانت التقارير الأولية ، أشارت إلى أن الناقلتين ربما أصيبتا بطوربيدات أو هجمات من البر، ولكن تقارير شهود عيان موثوق بها أفادت بأن المتفجرات كانت مثبتة على أجسامهما باستخدام زوارق سريعة. وقد غادر طاقم السفينة "كوكوكا كوراجس" بعد أن اكتشف أن عبوة غير منفجرة كانت ما تزال عالقة فى بجسمها؛ وأظهرت لقطات المراقبة نشرتها البحرية الأمريكية زورقاً سريعاً على متنه أفراد من القوة البحرية للحرس الثورى الإسلامى يحاولون إزالة الجهاز.
وفى مؤتمر صحفى لاحق، أفاد المالك اليابانى لسفينة "كوكوكا كوراجس" أن الطاقم رصد أجساما طائرة عالية السرعة كانت تقترب من السفينة قبل الهجوم مباشرة، مما يشير إلى أن بعض التفجيرات على الأقل قد تكون ناجمة عن طائرات انتحارية بدون طيار ومثقلة بالمتفجّرات، وتملك إيران مهبطاً عسكرياً للطائرات على بُعد حوالى خمسين كيلومتراً شمال شرق موقع الهجوم، يستخدم بشكل متكرر لتشغيل الطائرات بدون طيار. أما بالنسبة للمتفجرات المزروعة، فيبدو أنه قد تم توقيتها لتنفجر مباشرة بعد خروج الناقلتيْن من مضيق هرمز، لكن مع استمرار تواجدها على مقربة من المياه الإقليمية الإيرانية.
ويرى معهد واشنطن أن هذه الوقائع، بالإضافة إلى مقدار التنسيق المطلوب لتنفيذ مثل هذه العمليات، لا يدع مجالاً للشك بأن إيران هى المذنبة. فكما حدث خلال المواجهات البحرية فى الخليج العربى مع الولايات المتحدة فى الثمانينات، ليس من المتوقع أن يتحمل القادة الإيرانيون المسئولية إزاء أعمال قواتهم فى المياه المحلية. وفى الماضى، نسبوا الهجمات إلى "يد الله" أو ألقوا باللوم على الدول الغربية على حوادث التلغيم، ليعودوا لاحقاً وينسبوها إلى أنفسهم مثلما حدث قبالة ساحل الفجيرة فى عام 1987. ولن يكون من المفاجئ سماعهم اليوم يقومون بإدعاءات مشابهة ، فسبق أن ألقت بعثة إيرانية لدى الأمم المتحدة باللوم على الولايات المتحدة فى مسألة التفجيرات، فى حين زعم مسئول فى الوكالة البحرية أن "المشاكل التقنية" تسببت على الأرجح بالحرائق فى كلا السفينتين.
ورأى معهد واشنطن ، أن حادث استهداف الناقلتين هو محاولة لتحدى قوة الردع الأمريكية المدروسة ومكانة الولايات المتحدة قوى عظمى، ولو لم يتم الرد عليه فإنه قد يقوض مصداقية واشنطن بين حلفائها الإقليميين. من ناحية أخرى، فإن طهران تأمل على ما يبدو فى أن تقوم هى بإدارة التصعيد وأن تحافظ على عنصر المفاجأة مع استمرار الإنكار. وهو ما قد يكون مبررا لإسراع إيران فى إنقاذ بعض البحارة الذين جنحوا إلى الشاطىء.
وفيما يتعلق بتزامن الهجوم مع زيارة رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى لطهران، أشار تقرير المعهد الأمريكى ، إلى أن هذا التزامن أثار تكهنات بأن إيران استهدفت سفينة يابانية لإرسال رسالة جريئة وواضحة تعبر عن الاستياء من دور طوكيو فى دعم العقوبات الأمريكية على طهران.
من ناحية أخرى، فإن حمولة الناقلتين ربما تكون دليلا آخر على تورط إيران. فالسفينة كوكوكا كوراجس هى ناقلة للمواد الكيميائية من النوع الثانى التى تمثل مخاطر بيئية شديدة. ويظهر الهجوم المتعمد عليها تجاهلا تاما للأضرار البيئية والبشرية الكبيرة التى يمكن أن يسببها تسرب هذه المنتجات ، كما أن مصفاة الرويس التى انطلقت منها إحدى الناقلتين تعتبر منافس إقليمى كبير قطاع البيروكيماويات فى إيران وتستفيد من العقوبات على صادرات البتروكيماويات الإيرانية.
وهكذا، فإن الرسالة التحذيرية التى يحملها هذا الهجوم فى حال ثبوت مسئولية إيران، هو أنه لا ينبغى أن تتوقع المنطقة هدوءا فى وقت تتراجع فيه عائدات التصدير النفط الإيرانية إلى مستويات متدنية بسبب العقوبات. وقد تتوسع الإجراءات التخريبية من حيث حجمها ونطاقها الجغرافى وتمتد لتشمل أهدافا عسكرية، ولذلك على واشنطن أن تبعث برسائل محددة وغير مبهمة حول الكيفية التى سترد بها على التصعيد الإيرانى.
أما فى حال ما تبين أن إيران غير مسئولة عن الهجوم على الناقلتين، فيجب أن يعمل المجتمع الدولى على زياد وجوده ونشاطه لتأمين حماية المياه التى عادة ما تحرسها إيران حتى لو كانت النتيجة زيادة التوترات مع الحرس الثورى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة