"ليس هناك نعمة أفضل من أن يرتد إليك بصرك، ولم نمل من الدعاء".. هكذا بدأ الأشقاء الثلاثة بقنا، حديثهم لـ"اليوم السابع"، بعدما عاد إليهم بصرهم عقب إجراء عملية جراحية ناجحة تمثل معجزة جديدة للطب فى مصر لزرع القرنية.
وتابع الأشقاء الثلاثة، أنهم جاءوا إلى الدنيا، وهم فاقدوا البصر، ولم تساعدهم ظروفهم الاقتصادية فى تلقى العلاج حتى استمرت حياتهم بتلك الصورة السوداء، بينما كان الأطفال يلهون إذ بهم جلوس لا يقدرون أن يفعلوا مثل أصدقائهم، وغاب طموحهم فى أن يعود بصرهم مرة أخرى حتى تحققت تلك المعجزة.
وأضاف الأشقاء، أنهم لم يستسلموا خلال تلك السنوات على ضعف الإبصار وإصابتهم بالعمى نهائياً بعد مرور أيام من ولادتهم، فقرروا أن يواجهوا ذلك الأمر بمزيد من التحدى والأصرار فكانت حياتهم تقابلها العديد من المصاعب، خاصة أنهم يمتلكون أرض زراعية، ومطالبين أن يعولوا أسرتهم المكونة من أب وأم فقرروا الاعتماد على جيرانهم فى البداية للوصول إلى المكان الذى يجلسون فيه للزراعة والحرث.
تحديات الإعاقة التى كانت تواجه الأشقاء الثلاثة فى إصابتهم بـ"العمى" كانت تحيط بها المشقة والمصاعب، حيث كانوا يتناوبون فيما بينهم فى كافة الأعمال و خاصة فى الذهاب للأراضى الزراعية، التى كانت تبعد عن منزلهم حوالى 500 متر أو أكثر، وأيضاً خلال رحلة الذهاب إلى المسجد أو شراء الحبوب وحرث الأرض وشراء متطلبات البيت من السوق.
وقال عبد الله عيد آخر الأشقاء الثلاثة، الذى عاد إليه بصره بعد أن خضع لعملية جراحية ناجحة لزرع القرنية، ليبصر لأول مرة، ويلحق بشقيقيه: "الحمد لله على الفضل والنعم لقد عاد إلىّ بصرى بعد مرور 30 عاماً، كانت حياتنا مختلفة لم نشاهد الدنيا فقد جئنا ونحن مصابون بهذا الابتلاء وقدر الله وحكمته فى ذلك الأمر، لكن الأمل كان موجوداً، ولم نُمل من الدعاء.
وأضاف "عبد الله"، أن آيات سورة يوسف "فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" كانت تُبكينا عند سماعها ولم نترك الدعاء يوما لأنه الذى أخذ منا قادر على رد البصر مرة أخرى، وكانت المشكلة التى تواجهنا أن ظروفنا الاقتصادية لا تتحمل تكاليف عملية زراعة قرنية.
وتابع "عبد الله": لم يكن أمامنا خيار آخر غير الرضى والقبول فى أن نعيش دون إبصار، وكنا نمارس حياتنا الطبيعية دون أدنى مشكلة نستيقظ فى الفجر ونذهب إلى الأرض ونقوم بعملية حصد البرسيم لإطعام الأغنام والجاموسة الموجودة فى البيت، وهذا الأمر كان بالتناوب مع أشقائى ولم نشعر أحد بعجزنا، وكنت أذهب إلى المقهى ليلاً وكان شقيقى جابر يلعب "دمنه" (دومينو) مع أصدقائه يومياً وكان يتحسس الأرقام بطريقة برايل، وكان بيتغلب دائماً لكن قال عندما عاد إليه بصره محدش يقدر يغلبنا خالص وسأقوم بأخذ ثأرى فى اللعبة منهم".
وقال جابر عيد شقيقه الأصغر: "عادت لنا الحياة مرة أخرى بعد أن أجريت لنا العمليات الثلاثة والتى تخطت 150 ألف جنيه، وكانت حالة أشقائى كانت صعبة جداً، وكانت نسبة عودة البصر لدينا متفاوتة ما بين 20 و30 و50%، لكن عارفين ربنا سيجبر بخاطرنا ويعيد إلينا بصرنا مرة أخرى، وتم استيراد القرنية من أمريكا خاصة بعض إجراء الفحوصات كنا نحتاج قرنية معينة".
واختتم الأشقاء الثلاثة حديثهم لـ"اليوم السابع": نقدم الشكر لمن أعاد لنا الحياة بداية من اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا، ووزارة التضامن التى صرفت لنا معاش تكافل وكرامة، وإلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء الذى تبنى علاجنا عن طريق مؤسسات المجتمع المدنى، ومؤسسة صناع الخير، فى الحمد لله على نجاح العمليات الثلاثة، وأن مستويات الأبصار لدينا تتحسن تدريجياً مع مرور الوقت وسيم إجراء متابعة دورية على مدار 6 آشهر حتى يعود الإبصار إلى طبيعته مرة أخرى.