قالت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية إن زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب إلى المملكة المتحدة يتم الترويج لها باعتبارها تتويجا لتحالف وثيق، إلا أنه يمكن وصف الزيارة على نحو أدق بأنها احتفالا بانتصار شخصي له، يتم تنفيذه إلى حد كبير على حساب مضيفيه.
وأضافت الصحيفة أن ترامب يصل إلى لندن بعد أن نجا من الضربة الأخيرة للمحقق روبرت مولر بعد تصريحاته الأخيرة الخاصة بأنه لا يمكنه أن اتهام الرئيس بارتكاب جرائم أو ببراءته.
الرئيس الأمريكى والملكة اليزابيث
واعتبرت "الاوبزرفر" أن الرئيس يريد الآن شن هجومًا مضادًا وقد يستخدم زيارته لتكرار ادعائه بأن المخابرات البريطانية ساعدت فى التجسس على حملته الانتخابية، وهو ما وصفته الأخيرة بأنه "مثير للسخرية تمامًا".
وأضافت "الأوبزرفر" أن الزيارة وخاصة لقاءه بأفراد العائلة المالكة لن يصرف عنه الصورة السلبية والمتشككة فقط، وإنما سيرسل رسالة طمأنينة إلى مؤيديه، ففى حين أن أعدائه المحليين لا يتركون فرصة لاستهدافه، إلا أنه يعامل تعامل مثل الملوك في العواصم الأجنبية.
وقال توماس رايت ، مدير المركز في الولايات المتحدة وأوروبا في معهد بروكينجز: "ما يريده هو الإعجاب والإشادة". إنه يريد البروتوكول والعظمة وأن يكون في قلب كل ذلك. هكذا يرى الدبلوماسية العالمية."
لهذا الغرض ، فإن زيارة المملكة المتحدة لا يمكن أن يكون أكثر كمالا، في يوم الإثنين، وسوف تستقبل الملكة ترامب في احتفالات قصر باكنجهام، ويتفقد حرس الشرف، وسيتم إطلاق تحية مدفعية ملكية من جرين بارك وبرج لندن.
كما ستتضمن الزيارة حفل شاى بعد الظهر ومآدب ، وبعد ذلك ، في بورتسموث ،سيشاهد عظمة القتال في البحرية الملكية.
وأضافت "الاوبزرفر" أن أسرة ترامب ستنضم إليه، حيث سيرافقه دونالد جونيور ، وإريك وإيفانكا. وستحضر أقوى أبناءه إيفانكا، سيحضر إفطار "قادة الأعمال" يوم الثلاثاء مع والدها بصحبة تيريزا ماى ودوق يورك.
وقارن، من ناحية أخرى، عمدة لندن، صادق خان ، اللغة التى استخدمها دونالد ترامب لحشد مؤيديه بتلك التى استخدمها "فاشيو القرن العشرين" فى تعليق شديد اللهجة قبل زيارة الرئيس الأمريكى إلى لندن التى تبدأ يوم الاثنين.
وفى مقال له بصحيفة "الأوبزرفر"، رفض خان مجددا فرش السجادة الحمراء للرئيس الأمريكى وزوجته ميلانيا ومعاملتهما معاملة خاصة عندما تستضيفهما الملكة إليزابيث فى زيارة تستمر 3 أيام، ومن المتوقع أن تثير احتجاجات ضخمة فى العاصمة يوم الثلاثاء.
وقال خان: "الرئيس دونالد ترامب هو مجرد أحد أكثر الأمثلة فظاعة على التهديد العالمي المتزايد. فاليمين المتطرف آخذ فى الارتفاع فى جميع أنحاء العالم ، مما يهدد حقوقنا وحرياتنا التي تم كسبها بشق الأنفس والقيم التى حددت مجتمعاتنا الليبرالية والديمقراطية لأكثر من 70 عامًا.
وتابع قائلا: يستخدم فيكتور أوربان في المجر ، وماتيو سالفينى فى إيطاليا ، ومارين لوبان فى فرنسا ، ونايجل فاراج هنا فى المملكة المتحدة ، نفس اللغة المثيرة للانقسام التى استخدمها الفاشيون فى القرن العشرين لكسب الدعم ، ولكن مع أساليب شريرة جديدة لإيصال رسالتهم. وهم يكتسبون الأرض ويكسبون القوة والنفوذ في أماكن لم يكن من الممكن تصورها قبل بضع سنوات. "
وأضاف خان ، الذي كان لديه خلاف مع ترامب منذ أن أصبح رئيسًا للندن في عام 2016: "هذا رجل حاول استغلال مخاوف سكان لندن فى أعقاب هجوم إرهابى مروع على مدينتنا، وعزز من خلال تغريداته على موقع "تويتر" جماعة عنصرية يمينية متطرفة بريطانية ،وندد مستعينا بالأخبار المزيفة بالأدلة العلمية القوية التي تحذر من مخاطر التغير المناخي ، ويحاول الآن التدخل دون خجل في سباق قيادة حزب المحافظين من خلال دعم بوريس جونسون لأنه يعتقد أنه سيمكنه من الحصول على حليف له في رئاسة الوزراء لتمرير جدول أعمال مثير للانقسام ".
الخضوع لاختبار ذكاء
وفى مايو 2016 ، تحدى ترامب خان للخضوع لاختبار ذكاء ، بعد أن قال عمدة لندن إن آراء الرئيس بشأن الإسلام "جاهلة". وبعد الهجوم الإرهابى عام 2017 ، اتهم الرئيس خان بسلوك "مثير للشفقة". في يوليو من العام الماضي ، قال ترامب إن خان "قام بعمل سيء للغاية بشأن الإرهاب".
ومن ناحية أخرى، تستعد الشرطة البريطانية تستعد لاحتجاجات يوم الثلاثاء بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب إلى المملكة المتحدة، وأوضحت أن المتظاهرين يستعدون للإعراب عن غضبهم حيال ترامب وآرائه فى مختلف القضايا ومنها بريكست، خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى، لاسيما بعد أعلن دعمه لبوريس جونسون لخلافة رئيسة الوزراء تيريزا ماى.
وقالت ألينا إيفانوفا ، إحدى منظمى حملة "أوروبا أخرى أمرا ممكنا"، إن احتجاجات يوم الثلاثاء لن تكون فقط ضد ترامب، وإنما ضد "الترامبية"، أى سياسات التعصب والعنصرية. فترامب جزء من الطفرة القومية العالمية ، وبريكست والمدافعين عنه، هم الفرع البريطانى من هذا النهج. فمثل ترامب ، يشكل بريكست تهديدًا لحقوقنا وحرياتنا الأساسية، ويعد بمستقبل من الانقسام واليأس والاقتصاد اليمينى ".
بالون بيبى ترامب
من المتوقع أن يشارك ما لا يقل عن 250 ألف شخص في وسط لندن في الساعة 11 صباحًا ، على طريق بين ميدان ترافلجار وساحة البرلمان ، عندما يلتقى ترامب مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فى داونينج ستريت.
من المتوقع أن يتم الاستعانة ببالون "الطفل ترامب" العملاق، الذى يصور الرئيس على أنه طفل رضيع يضع حفاض فى الاحتجاجات فى ميدان ترافلجار ، لكن فقط إذا وصلت صفحة جمع التبرعات للجمعيات الخيرية "ضد سياسة الكراهية والانقسام" إلى 30 ألف جنيه إسترليني ، كما يقول المنظمون.
ويزعم منظمو الاحتجاج أن المسئولين الأمريكيين ضغطوا على شرطة العاصمة لفرض "منطقة استبعاد" غير مسبوقة حول طريق ترامب لإبقائه على مسافة من الجمهور.
وقال أسد رحمن من تحالف "أوقفوا ترامب": "يمكنهم اختيار من يدخل ومن يخرج ، وهو اقتراح سخيف يقوض حقنا في الاحتجاج".
غضب كبرى الأحزاب من "التدخل البغيض"
ومن ناحية أخرى، حذر كبار السياسيين من جميع الأحزاب الرئيسية دونالد ترامب من "التدخل البغيض" في السياسة البريطانية خلال زيارة رسمية مثيرة للجدل تبدأ غدا الاثنين ، بالتزامن مع السباق الدائر على قيادة حزب المحافظين والنقاش حول سياسة الخروج البريطاني المستقبلية.
واتُهم ترامب من قبل قادة الأحزاب والنواب بكسر عرف طويل الأمد بعدم التدخل فى الشئون السياسية وذلك من خلال الثناء على بوريس جونسون ،وزير الخارجية البريطانى السابق والمرشح الأوفر حظا لخلافة تيريزا ماى، مدعيا أنه سيكون رئيس وزراء "ممتاز" ، قبل رحلة لمدة ثلاثة أيام إلى المملكة المتحدة التي تبدأ غدا.
وقال السير مالكولم ريفكيند ، وكيل حزب المحافظين السابق للشئون الخارجية، في حديثه إلى الإندبندنت، إن تصريحات ترامب "النرجسية والأنانية" كانت "غير مسبوقة بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة".
كما أدان جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال والسير فينس كابل، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار هذه التصريحات ، واقترح أحد النواب أن تتراجع الملكة عن دعوة ترامب لإقامة مأدبة رسمية مساء الثلاثاء.
وأضافت الصحيفة أنه من غير المعتاد للغاية أن يعلق رئيس أمريكي حالى على الانتخابات السياسية في المملكة المتحدة ، وأثار ترامب من قبل لدعمه القوي للخروج وانتقاده لتيريزا ماي، رئيسة الوزراء .
كما قال ترامب إنه يجب على بريطانيا رفض دفع ميزانية انفصالها عن الاتحاد الأوروبى والتى تبلغ 39 مليار دولار والانسحاب من محادثات الخروج من الاتحاد إذا لم تعط بروكسل بريطانيا ما تريده.
وأضاف ترامب فى مقابلة مع صحيفة صنداى تايمز قبل زيارة الدولة التى يقوم بها لبريطانيا ابتداء من يوم الاثنين إنه يجب على زعيم بريطانيا المقبل إرسال نايجل فاراج المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لإجراء المحادثات مع الاتحاد.