انتعاشة سياحية تنتظر مشروع إحياء مسار رحلة العائلة المقدسة بمصر، بعد أن شهد العام الماضى إطلاق البرنامج التجريبى لتلك الرحلة إلا أن جهودا بذلتها الحكومة والمؤسسات الأهلية والكنيسة على حد سواء تسببت فى دفع التجربة قليلا رغم وجود بعض العقبات المالية والإدارية.
نادر جرجس منسق برنامج مسار العائلة المقدسة وعضو مجلس إدارة جمعية إحياء التراث قال لليوم السابع، إن العام الماضى شهد استقبال ما يقرب من 200 ألف سائح يمثلون 10 جنسيات مختلفة هى الإيطالية والأسبانية والصينية والكورية والهندية والبرازيلية والروسية والأمريكية والأثيوبية والغينية.
وتوقع جرجس أن تستقبل مصر هذا العام نصف مليون سائح يقصدون مسار العائلة المقدسة لافتًا إلى أن رفع كفاءة كنائس وأديرة المسار لا يسير بنفس وتيرة الجهود الأهلية والتسويقية فقد اعتمدت وزارة السياحة ميزانية تقدر بـ60 مليون جنيه لرفع كفاءة المواقع الأثرية والسياحية وهى مبالغ غير كافية للانتهاء من أعمال رصف طرق وتهيئة 22 موقع أثرى ما بين دير وكنيسة فى ثمانية محافظات متمنيا أن يتم رفع تلك الميزانية فى المستقبل.
وأشاد جرجس بالجهود التى يبذلها البابا تواضروس الثانى الذى يحرص على الترويج لمسار العائلة المقدسة فى كافة زياراته الرعوية بالخارج وكافة لقاءاته مع سفراء الدول الأجنبية فى مصر وكذلك الهدايا التى يقدمها البابا للشخصيات العامة والسياسية وهى أيقونة رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
فى نفس السياق، فإن شركة إيجي جيت (بوابة مصر السياحية) وهى إحدى الشركات التابعة لصندوق تحيا مصر قد اجتمعت الأسبوع الماضى بالبابا تواضروس وأساقفة الكنيسة القبطية بالمهجر بمقر الكاتدرائية وأطلعتهم الدكتورة ميناس إبراهيم رئيسة الشركة على الجهود التى قامت بها خلال الفترة الماضية إذ انتهت من إعداد برنامج “لأحياء مسار العائلة المقدسة”، حيث تمكن فريق تابع للشركة من تصوير جميع النقاط بمسار العائلة المقدسة بالإضافة إلى الكنائس والأديرة المقامة عليه مشيرة إلى أن هذه التقنية عالجت وبشكل مبهر بعض المناطق التى لم يتم تمهيدها والتى لن يستطيع المسيحيين زياراتها على أرض الواقع.
ووفقا للدكتورة ميناس إبراهيم، فقد تمكنت بوابة مصر السياحية من تصوير كافة نقاط مسار العائلة المقدسة بما فيها الأماكن غير المستعدة لاستقبال الوفود السياحية لتطلع المتصفح عليها بتقنية الـvirtual reality التى تمكن المتصفح من عرضها والإطلاع عليها مما يسهم فى الترويج للمسار عالميا.
نقاط فى المرحلة الأولى من مسار العائلة المقدسة
يضم برنامج رحلة العائلة المقدسة إلى مصر فى مرحلته الأولى 5 نقاط، الأولى كنيسة أبو سرجة، "كنيسة القديسين سرجيوس وواخس" هو الإسم الأصلى للكنيسة، إلا أن الفتح العربى الإسلامى قد أتى بصبغته على اسمها، فاتخذت اسما عربيا وصار سرجيوس «أبوسرجة» على طريقة الكنية التى ينادى بها العرب رجالهم.
القمص أنجيلوس جرجس،كاهن الكنيسة، ألف كتابا عن تاريخ الكنيسة التى يخدم فيها منذ سنوات، يقول لنا إن كنيسته هى المحطة الوحيدة التى عبرت فيها العائلة المقدسة ذهابا وإيابا، وصارت كنيسة منذ العصر الرسولى، حيث تباركت بزيارة القديسين مارمرقس وبطرس اللذين نزلا المغارة، وحين جاءت الملكة هيلانة قررت تأسيس كنيسة تعلو كنيسة المغارة.
ويؤكد القمص أنجيلوس أن الكنيسة تبذل جهودا كبيرة مع مسئولى وزارة الآثار، من أجل الإعداد لمسار رحلة العائلة المقدسة الذى اعتمده الفاتيكان قبل عامين، حتى إنه يتواصل مع عدة جهات أهمها وزارة السياحة، ويجرى تنسيقا رفيع المستوى بين كافة الأطراف لإبراز تلك الكنيسة ذات الأهمية التاريخية.
مكثت العائلة المقدسة فى هذه الكنيسة من ثلاثة إلى أربعة أيام، أثناء رحلتها للصعيد، وترتبط الكنيسة بالكثير من الحكايات المدهشة، إلا أن أغرب تلك القصص ما يتداوله الناس عن العثور على إنجيل عائم على صفحة الماء أمام الكنيسة، ففى الثانى عشر من مارس من العام 1976، عثر سمعان العامل بالكنيسة على الإنجيل العائم، فاستدعى القمص بشارة إبراهيم، كاهن الكنيسة الذى كان منشغلا بصلاة القداس الإلهى، وبعد انتهاء الصلاة ذهب مع الشمامسة ليجد الإنجيل تتقاذفه أمواج النيل الهادرة ولكنه مفتوح على الآية «مبارك شعب مصر»، رغم أن قانون الطفو يجعل الورق يغرق ولا يطفو، ومازالت الكنيسة تحتفظ بهذا الإنجيل فى صندوق من الزجاج الشفاف حتى الآن.
تضم منطقة وادى النطرون الأثرية ثلاثة أديرة، بينهم دير العذراء باراموس كلمة بارموس تعنى الذى للروم، وهو دير تأسس فى القرن الرابع الميلادى ويعود اسمه للأخوين مكسيموس ودوماديوس ابنى ملك الروم اللذين ترهبنا فى الدير، حيث أسسه القديس مكاريوس الكبير المعروف باسم الأنبا مقار، ضمن حركة رهبانية بدأت فى مصر فى القرن الرابع الميلادى على يد القديس الأنبا أنطونيوس أول راهب فى التاريخ.
أما الدير الثانى، فهو دير الأنبا بيشوى، الدير الكبير، يشتهر فى العصر الحديث بكونه بيت الباباوات، فالدير يضم مزارًا للبابا شنودة مدفون فيه، حوله الرهبان إلى متحف مقتنيات لآخر باباوات العصر الحديث.
والثالث هو دير العذراء السريان، وتعود حكاية الحياة الرهبانية فى هذا الدير إلى جماعة من الرهبان السريان الأرثوذكس الشوام الذين قد سمعوا عن ازدهار الحياة الرهبانية فى تلك المنطقة من البرية، أرادوا أن ينتسبوا لمدرسة الرهبنة الأولى فى مصر، فجاءوا فى القرن الخامس الميلادى وعاشوا الحياة الرهبانية مع إخوتهم من المصريين، وظلوا هنا حتى القرن السادس عشر الميلادى، أجيال وراء أجيال تتوارث الرهبنة.