أسدلت الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة الستار على أزمة معاشات من يعامل معاملة الوزراء، وتحديدًا فيما يتعلق بكيفية تسوية معاش كبار القضاة وأعضاء الهيئات القضائية ورؤساء الجامعات، وانتهت إلى أحقية رؤساء الجهات والهيئات القضائية ونوابهم ومن في درجاتهم، ورؤساء الجامعات في تقاضي معاش الوزراء.
بدأت الأزمة عقب مطالبة أحد نواب رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس جامعة مصرية بمنحهما معاش الوزير الفعلى، وهو الأمر الذي وضع وزيرة التضامن الاجتماعي في حيرة شديدة، لأن مواد القانون لم تكن حاسمة في تحديد من يستحق الحصول على معاش الوزير الفعلي على وجه الدقة، فما كان منها إلا أن أعدت مذكرة، وأرسلتها إلى مجلس الدولة للفصل في هذا الموضوع.
وقالت فتوى مجلس الدولة ، إن بعض القوانين نصت على معاملة بعض الفئات معاملة الوزراء ونوابهم؛ الأمر الذي أثار إشكاليات عند تسوية معاشات من يعامل معاملة الوزراء ونوابهم وفقًا لحكم المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعى 79 لسنة 1975 بعد استبدالها بالقانون رقم 160 لسنة 2018، وتحديد استحقاق المعاش للمخاطبين بأحكام هذه المادة، وقد عرض صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الحكومى على الوزارة بعض الحالات، وهي:
أولًا: حالة المستشارة (.......) نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية وشغلت منصب نائب الوزير (وكيل عام أول) اعتبارًا من 7/7/2003، وشغلت منصب وزير (نائب رئيس الهيئة) اعتبارًا من 9/6/2006، وتاريخ استحقاق المعاش (عن مدد الاشتراك في التأمين الاجتماعى) 16/ 6 /2018 وفقًا للقانون رقم (183) لسنة 2008، وبلغت مدة شغلها لمنصب نائب الوزير سنة و11 شهر ويومين.. وبلغت مدة شغلها لمنصب الوزير 12 سنة وسبعة أيام.
ثانيًا: حالة الدكتور (......) وشغل منصب رئيس الجامعة اعتبارًا من 12/ 5/ 2015، وتاريخ استحقاق المعاش لبلوغ سن التقاعد في 21/ 6/ 2018، وبلغت مدة شغل منصب الوزير 3 سنوات وشهر وتسعة أيام،، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات بشأن مدى تطبيق أحكام المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعى بعد استبدالها بموجب القانون رقم 160 لسنة 2018.
وعُرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، فتبين لها أن المادة الأولى من قانون تنظيم الحقوق التأمينية لأعضاء الهيئات القضائية رقم 183 لسنة 2008 تنص على أنه: "مع مراعاة سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظيف المعامل به أعضاء الهيئات القضائية، يستحق عضو الهيئة القضائية حقوقه التأمينية وفقا للبند رقم 1 من المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 عند بلوغه سن الستين، ويوقف استقطاع اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة إعتبارًا من بلوغه السن المذكورة".
وينص جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الملحق بقانون السلطة القضائية على أن: "يعامل رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش".
وينص البند ثانيا من قواعد تطبيق جدول المرتبات على أنه:"يعامل رئيس محكمة النقض معاملة الوزير من حيث المعاش" ، والبند (10) من جدول المرتبات والوظائف والبدلات لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة للجامعات الملحق بقانون تنظيم الجامعات رقم 72 لسنة 1949 ينص على أن: "يعامـل مـن شغل وظيفة رئيس الجامعة مـن حيث المعاش معاملـة الـوزير، ويعامل من شغل وظيفة نائب رئيس الجامعة وأمين المجلس الأعلى للجامعات من حيث المعاش معاملة نائب الوزير".
واستعرضت الجمعية العمومية ما جرى عليه إفتاؤها من أن إلغاء التشريع قد يكون صريحًا أو ضمنيًّا، أما الإلغاء الضمنى للقاعدة القانونية فيتحقق بإحدى صورتين، إما بصدور قانون جديد ينظم الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده تشريع سابق، وإما بوجود حكم معارض في التشريع اللاحق لحكم في التشريع السابق، بحيث لا يمكن التوفيق بينهما إلا بإلغاء أحدهما، وعندئذ يعتبر اللاحق ناسخًا والسابق منسوخًا شريطة أن يكون الحكمان المتعارضان من طبيعة واحدة، أو أن يكون الحكم السابق عامًّا والحكم اللاحق خاصًّا، فحينئذ يعتبر الحكم الخاص اللاحق ناسخًا للحكم العام السابق عليه.
واستخلصت الجمعية أنه لا يجوز التعويل على جملة "يسوي معاش كل من يشغل فعليا منصب..."، الواردة بنص المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي بعد استبدالها بموجب القانون رقم 160 لسنة 2018، للقول بحرمان الفئات التي كان المشرع قد قرر في قوانينهم الخاصة معاملتها حكميًّا بذات المعاملة المعاشية لشاغلى هذه المناصب من التمتع بذات المزايا المعاشية الواردة بنص هذه المادة بعد استبدالها، بحسبان أن هذه الفئات لا تستمد أصلًا أحقيتها في التمتع بذات المزايا المعاشية المقررة لشاغلى هذه المناصب من قانون التأمين الاجتماعى المشار إليه، وإنما تستمدها بموجب نصوص قوانينها الخاصة، وتدور وجودًا وعدمًا مع هذه النصوص.
كما استعرضت الجمعية فتواها رقم 86/2/269 بأن المشرع استحدث في القانون رقم 142 لسنة 1994 حكمًا مؤداه معاملة من شغل وظيفة رئيس الجامعة من حيث المعاش معاملة الوزير، ومعاملة من شغل وظيفة نائب رئيس الجامعة وأمين المجلس الأعلى للجامعات من حيث المعاش معاملة نائب الوزير، ومقتضى ذلك واعمالًا للأثر الفورى والمباشر للقانون رقم 142 لسنة 1994 أن من شغل وظيفة رئيس جامعة أو ما يعادلها سواء من تاريخ سابق على نفاذ الحكم المستحدث أو بعده يحق له الاستفادة من هذا الحكم بما يستتبعه ذلك من معاملته من حيث المعاش معاملة الوزير، على أن تتم هذه المعاملة اعتبارًا من تاريخ العمل بالقانون رقم (142) لسنة 199، ولذلك تكون أحكام المعاملة التأمينية المنصوص عليها في المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعى بعد استبدالها بموجب القانون رقم 160 لسنة 2018 أضحت هي الواجبة التطبيق عند تسوية معاشات جميع رجال القضاء أعضاء الجهات والهيئات القضائية ممن شغلوا درجة نائب رئيس محكمة الاستئناف ونائب رئيس محكمة النقض أو الدرجات المناظرة لهما.