تحذيرات لا تنقطع، ونصائح وإرشادات عدة للتعامل مع حالة الطقس، كانت تلك العناوين التى تصدرت ـ ولا تزال ـ صحف ومواقع أوروبية عدة خلال اليومين الماضيين بعد تعرض القارة العجوز لموجة حارة استثنائية لم يعتادها الأوروبيون، تجاوزت خلالها درجات الحرارة حاجز الـ40 درجة، الأمر الذى دفع حكومات بعض الدول ومسئولو العديد من البلدان والقرى للإقدام على تعليق الدراسة فى المدارس والجامعات، ومناشدة المواطنين التزام منازلهم وعدم مغادرتها إلا للضرورة.. غير أن تبعات تلك الموجة لم تكن قاصرة على ذلك، إذ فتحت الباب مجدداً امام الجدل المصاحب لـ"البوركينى" أو المايوه الشرعى فى أوروبا.
ومن مدينة جرونوبل الفرنسية، عاد البوركينى مجدداً ليحتل مساحة كبيرة من الجدل على منصات مواقع التواصل الاجتماعى فى فرنسا، وذلك بعدما أطلقت مجموعة من النساء المسلمات فى فرنسا حملة قبل يومين طالبن فيها بحقهن فى ارتداء البوركينى، وأكدن أنهن لن يقبلن بصيف آخر يحرمن فيه من ممارسة السباحة أسوة بالأخريات، خاصة مع احتدام الموجة الحارة، إلا أن تلك الدعوات التى شهدت تفاعلا من قبل مسلمين وغير مسلمين دفعت بلدية مدينة جرونوبل إلى الإقدام على إغلاق حمامى سباحة عموميين رغم الارتفاع اللافت لدرجات الحرارة.
وعلقت البلدية فى بيان لها بالتأكيد على أنها "تعمل على حل إيجابى لهذه المشكلة"، دون مزيد من التعليق.
مسبح فى جرونبل
وفى مقابل الدعوة لارتداء البوركينى، ظهرت دعوات مناهضة، عبر فيس بوك تحت اسم "ضد الإسلام الراديكالى"، طالب خلالها القائمون عليها بالسباحة العارية الأحد المقبل، فى ظل الموجة الحارة وللرد على من يدعون للباس "غير لائق" للبحر وحمامات السباحة.
وترى مدشنة الصفحة إن هناك بعض المسلمات المتشددات يريدن فرض البوركينى فى مسابح جرينوبل، وإن عمدة المدينة أريك بيول "يظهر موقف الانتظار والترقب وعدم التحرك".
ورغم القرار الصادر منذ أشهر بتغريم مرتديات البوركينى، إلا ان المجموعة النسائية دعت لارتدائه فى المسابح العامة بمدينة غرونوبل، فى خطوة أكدن من خلالها أنهن يرغبن فى الحصول على حق السباحة بـ "البوركينى" وإجبار السلطات البلدية على الانصياع لرغباتهن.
فرنسا والبوركينى
ويأتى هذا التحرك اقتداء بالمبادرة التى قامت بها مجموعة من السيدات فى مدينة رين شمال غرب فرنسا، وهى الخطوة التى انتهت بقرار رئيس البلدية بالسماح لهن بارتداء "البوركينى" داخل مسابح عمومية.
وينص القانون الفرنسى على تغريم كل سيدة ترتدى "البوركيني" بدفع مبلغ 38 يورو، إلاّ أن بعض المسلمات فى فرنسا تعتبرن أنّ هذا القانون يمثل إقصاء تمييزا عنصريا وأنه يجب على النساء أن يتمتعن بنفس الحقوق وعدم حرمانهن من التمتع بالخدمات العامة والمنشآت التى تملكها الدولة.
ويشار إلى أن "البوركينى" هى كلمة مركبة من برقع وبيكينى، وهو لباس سباحة يغطى كامل جسم المرأة، ماعدا الوجه واليدين والقدمين، ولاقى رواجا كبيرا لدى المسلمات.
ويبدوا أن العديد من الدول الأوروبية باتت قريبة من حالة الجدل المماثلة، فبحسب وسائل إعلام فرنسية فإن الدعوات المؤيدة والآخرى المناهضة للمايو الشرعى بدأت تجد تفاعلاً فى دول أوروبية عدة وباتت مرشحة للظهور بقوة فى صيف يبدوا أنه استثنائى بامتياز فى القارة العجوز.
ومن فرنسا إلى ألمانيا التى تجاوزت درجات الحرارة بها حاجز الـ38 درجة، لم تكن الأزمة بهذه الحدة، فعلى الرغم من الرفض المجتمعى لظاهرة البوركينى إلا أن القضاء الألمانى كان له رأى آخر، فقبل أسبوعين، تحديداً فى 14 يونيو الجارى، قضت محكمة إدارية بمدينة كوبلنز الألمانية بإلغاء حظر ارتداء البوركينى فى حمامات السباحة بالمدينة، مؤكدة أن الحظر السابق "ينتهك مبدأ المساواة فى المعاملة الذى ينص عليه الدستور"، وذلك بعدما رفعت سيدة دعوى قضائية لتمكينها من ارتداء المايوه الشرعى.
وأوضحت المحكمة أنه يجوز للمدعية نزول حمامات السباحة مجدداً وعلى نحو فورى مرتدية البوركينى ليتم إلغاء قرار الحظر الذى تم اتخاذه مطلع العام الجارى.
وظهر البوركينى أو المايوه الإسلامى للمرة الأولى فى عام 2004، فى استراليا ومنذ ذلك الحين بدأت موجة الجدل، حيث يعتبره المؤيدون بمثابة وسيلة تمكن المحجبات والملتزمات دينياً من نزول البحر وحمامات السباحة بحرية، فيما يراه المعارضون بمثابة رمز للتشدد ويتعارض مع مبادئ العلمانية السائدة فى العديد من المجتمعات والدول الأوروبية.
السباحة فى فرنسا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة