جدد البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الجدل حول قضية تقبيل أيادى الكهنة، إذ قال فى عظته الأسبوعية بالكاتدرائية أمس إنها ليست عادة بل جزءًا من طقوس الكنيسة فى الوقت الذى يرى فيه لاهوتيون أن الأمر مجرد عادة لم تكن متبعة فى الكنيسة الأولى.
القمص يوحنا نصيف كاهن الكنيسة القبطية بشيكاغو يقول متسائلًا: تعوّدنا منذ الصِّغَر أن نقبِّل أيدى آبائنا الكهنة، عندما نسلِّم عليهم فهل المقصود أنّ فى هذا تكريمًا لهم؟ أم هى مجرّد عادة للاحترام والتوقير؟ أم التماس للبركة؟ أم ماذا؟!
ويجيب: فى البداية لا أعتقد أنّ المقصود بتقبيل أيدى الآباء الكهنة هو مجرّد تكريم أو توقير أو احترام مع أنهم بالطبع أهل للتقدير لأنهم وكلاء سرائر الله (1كو4)، والإنجيل أوصانا بتكريمهم كرامة مضاعفة (1تى 17:5) مضيفًا: كما أنّهم أيضًا الشفعاء فى الشّعب إذ هم يمثّلون الكنيسة التي تَصِل الناس بالله، إذ هى سفارة السّماء على الأرض.
ويستكمل ناصيف: فى تقديرى أعتقد أنّ الموضوع يتعلّق أكثر بالتماس البركة، فالإنسان المسيحي الجادّ هو إنسان باحث عن البركة يلتمسها في كلّ مكان وكلّ عمل ويطلب الحصول عليها من خلال التلامس مع المسيح، ومع كلّ ما يتّصل به موضحًا: تعوّد الشعب المسيحى أن يلتمس البركة عن طريق تقبيل الأشياء المقدّسة، كالأيقونات، وسِتر الهيكل، والصليب، والإنجيل، وحتّى أبواب وأرضيّة الكنيسة كما يقبِّل الكهنة والشمامسة المذبح وأوانى خدمة القدّاس (الصينيّة - الكأس - المستير).
ويستشهد القمص يوحنا بقول الأب البار القمّص ميخائيل إبراهيم الذى توفى عام 1975م فيقول: أن كلّ شىء فى الكنيسة حى يمكن أن تحدّثه وتقيم علاقة معه، مثل المذبح والمنجليّة والأيقونات وهو شخصيًّا كان يسجد على باب الكنيسة ويقبّل الأرض ويقبّل باب الكنيسة عند دخوله ومن ثم يَعتَبِر المسيحيون أنّ يدِ الكاهن التى تتلامس مع الأسرار المقدّسة هى أيضًا يدّ تحمل بركة خاصّة، فيحرصون على تقبيلها لأخذ بركة المسيح الموجودة بها وخاصّةً وهى تحمل الصليب باستمرار.
ويشير إلى أن تقبيل اليد بوجه عام هو إشارة لأخذ بركة الشّخص الذى نسلِّم عليه، كبيرًا كان أم صغيرًا فالبعض مثلاً يحرصون على تقبيل أيادي الأطفال الصغار لأخذ بركتهم وأيضًا كبار السِّن كى ينتفعوا ببركتهم وقد شاهدت آباء كهنة ورهبان أتقياء يحرصون على تقبيل أيادى الناس الذين يلتقون بهم، وبالذّات كبار السِّن وهم يشعرون أنّهم يأخذون مما عندهم من بركة حتّى لو كانت أى بركة قليلة.
ويختتم: على نفس المثال، يحرص كلّ إنسان مسيحى أن ينال بركة من يد الكاهن التى تتلامس باستمرار مع جسد ودم المسيح، بصرّف النظر عن طبيعة شخصيّة الكاهن أو قُدراته فنحن نلتمس بركة المسيح من خلال تقبيل أيدى آبائنا الكهنة التى تقدّسَت بالأسرار الإلهيّة المقدّسة.
بينما يختلف معه لاهوتى شاب رفض الإفصاح عن اسمه، مؤكدًا أن تقبيل يد الكهنة مجرد عادة قديمة لم يكن معمول بها فى طقوس الكنيسة حتى أن الأنبا ابيفانيوس رئيس دير أبو مقار المقتول كان يرفضها بشدة.
ولفت الباحث إلى أن القول بأخذ البركة من يد الكاهن لأنها تلمس الأسرار المقدسة غير منطقى فكل إنسان مسيحى يلتمس هذه البركة بسر التناول حين يدخل جسد المسيح ودمه (سر الافخارستيا) جسد الشخص الذى يصلى ويتناول، مضيفًا: فى قصة حياة القديس امبروسيوس وهو من آباء القرن الثالث الميلادى وردت فكرة تقبيل يد الأساقفة والكهنة ومن ثم فإن تلك العادة ترجع لقرون الكنيسة الأولى.
واعتبر الباحث أن تقبيل يد الكهنة والأساقفة يرجع لفكرة الأبوة والاحترام والتبجيل، فالأب الكاهن هو أب لكل أبنائه من الرعية ومن ثم يقبلون يده مثلما يفعلون مع آبائهم رافضًا من ينظرون للأمر باعتباره عبودية وعبادة للكاهن واصفًا الفكرة بالشاذة
كان البابا تواضروس قد خصص عظته الأسبوعية للحديث عن أسرار الكنيسة السبعة، وقال أن الأسرار بمثابة أعمدة سبعة فى الكنيسة، وأن الرقم 7 هو رمز للكمال فى المسيحية، مشيرا إلى أن هناك أسرار ليس بالضرورة أن يمارسها الإنسان مثل سر الزيجة وسر الكهنوت، والسر له طقس قانونى كنسى تم استلامها من جيل إلى جيل، وأنه لابد من لمن يمارس السر أن يكون كاهنا شرعيا تمت سيامته بيد الأب الأسقف.
وفقا للبابا، من خلال أسرار الكنيسة ينال الإنسان نعم غير منظورة، وأنه من خلال سيامة الكاهن يتحول الكاهن إلى أب للجميع، ومن هنا تكون الكنيسة بيت للجميع يشعر فيها بالراحة والنمو، موضحا أن الأقباط من أكثر شعوب العالم حبا فى الكنيسة.