يتعامل القضاء العراقى مع مصير أكثر من ألف طفل أجنبى لأبوين انتميا إلى تنظيم داعش الإرهابى وخلفاهم فى العراق بعد دحر التنظيم وتحرير الأراضى من قبضته.
وقالت مجلة القضاء العراقية أن أصول أغلب هؤلاء الأطفال الدواعش تعود إلى دول شرق أوربا، لاسيما طاجاكستان وروسيا وتركيا، وتتولى المحكمة الجنائية المركزية في بغداد تسليمهم كل إلى بلده الأم بعد إجراءات قانونية دقيقة، لافتة إلى أن دولاً تطالب بهم وأخرى تتنصل عن تسلمهم، فيما كشفت عن أعداد الأطفال الذين جرى ترحيلهم حتى وقت إعداد هذا التقرير.
ويتحدث قاضي تحقيق المحكمة الجنائية المركزية المختصة فى العراق بنظر قضايا الإرهاب عن "متابعة القضاء ملفات أكثر من 1000 طفل أجنبى مودعين فى دوائر الإصلاح العراقية من أبوين ينتميان لتنظيم داعش الإرهابى".
وقال القاضي المختص بنظر قضايا الأجانب وملف أطفال داعش فى تصريحات صحفية إن "هؤلاء الأطفال منهم من يمتلك أوراقا ثبوتية كونه دخل الى البلاد مع ذويه من بلدان مختلفة، ومنهم من لا يحمل أية أوراق لعدة أسباب منها أنه ولد في طريق القدوم الى العراق في بلدان مجاورة مثل سوريا ومنهم أيضا من ولد في المحافظات العراقية التي كانت تحت سيطرة داعش"، لافتا إلى "ولادات أخرى حصلت داخل دور الاصلاح التابعة لوزارة العدل".
وأضاف قاضى التحقيق أن أعمار الأطفال تتراوح بين حديثى الولادة (أقل من عام) الى عمر 16 سنة، مؤكدا أنهم مودعون حاليا فى دور الإصلاح العراقية مع أمهاتهم المحكومات بأحكام تصل الى الاعدام والمؤبد أو اقل من ذلك عن جرائم انتمائهن الى تنظيم داعش الإرهابى والمشاركة فى العمليات الإرهابية وارتكاب جرائم أخرى.
وعن إجراءات القضاء العراقى فى التعامل معهم، بين القاضى أن "مجلس القضاء الأعلى اتخذ خطوة أولى بأخذ عينات دم من جميع النساء الأجانب وجميع الأطفال وإرسالها إلى وزارة الصحة العراقية لإجراء تحليل الـ(DNA) للمضاهاة ومعرفة ما إذا كان هؤلاء الأطفال يعودون فعلا إلى النساء اللاتى يدعين أمومتهم من عدمها، مع إجراء تحقيق كامل مع جميع الأطراف للتثبت".
ولفت قاضى التحقيق فى العراق إلى أن مجلس القضاء الأعلى يتعامل مع هذا الملف بموجب القوانين الدولية والاتفاقيات إذ يتم ابلاغ السفارات لحضور ممثليها جلسات المحاكمة التى تجرى لرعاياهم من قبل المحاكم العراقية اذ جرت مفاتحة جميع السفارات والقنصليات الموجودة بالعراق ممن تعود أصول هؤلاء الأطفال إليها للمراجعة من أجل تسلّم الأطفال الذين يعودون إليهم بعد إكمال الاجراءات.
سفارات تتملص من تسلم الدواعش
وأكد القاضى العراقى أن أغلب السفارات التي خوطبت همّت بالمراجعة وأخذت الاذن من المحكمة لمقابلة النساء والأطفال وجرى ذلك داخل المحكمة بإشراف مباشر من مجلس القضاء الأعلى العراقى الذي تولى أخذ بعض المعلومات والتأكد من اجراء الفحوصات، مشيرا إلى أن "هناك دولا شرعت فعليا بتسلم أطفال تعود أصولهم اليها بعد ان جهزت كل الأوراق الثبوتية وأكملت متطلبات الاستلام.
وكشف قاضي التحقيق العراقى أن "بعض السفارات طالبت بالأطفال وتسلمتهم"، لكنه أكد أن "هذه الحالة ليست شائعة، فهناك سفارات تحاول التملص عن تسلمهم وإعادتهم الى بلدانهم، واغلب هذه السفارات تابعة لبلدان عربية مثل الأردن وسوريا ومصر".
وأفاد قاضى المحكمة الجنائية المعنية بالإرهاب فى العراق بأن "الدول الاوربية وبلدان شرق آسيا تعتمد تحليل الـ(DNA) للأم والطفل، فإن ثبت أنه طفلها تعتبره من رعاياها وتقدم على المطالبة به"، لافتا إلى أن دولا أخرى لاسيما العربية تطلب نسبة الطفل إلى الأب مثل الأردن، ومن الصعوبة بمكان تحقيق هذا لأن آباءهم الإرهابيون منهم من قتل ومنهم من هرب.
وعن اختلاف الإجراءات بين دولة وأخرى فى قضية تسلم الأطفال الدواعش أكد أنها مختلفة، لافتا إلى أن بعض الدول تطلب موافقة الأم حتى تقوم بأخذ الطفل الى بلده وذلك من خلال توقيع الأم على مستند بموجبه يُسمح لهذه الدولة بنقله الى بلده ومن ثم تجرى مراجعة ذوي المتهمة هناك لتحميلهم كافة الامور المالية وألا تتحمل الحكومة أي مبلغ سواء كان النقل او غيرها ومن هذه الدول فرنسا وألمانيا".
وثمة دول أخرى كروسيا، يقول القاضى إنها "لا تأخذ رأي والدة الطفل، بل تقوم بتقديم طلب مباشر للقضاء العراقي الذي يقدر بدوره مصلحة الطفل ومسألة حضانته بمكان أفضل من بقائه في السجن".
وأشار إلى أن "القضاء العراقى بدوره يتعامل مع هذا الطلب وفق القوانين الدولية وتعليمات الأمم المتحدة واليونيسيف ويجري تسليم الطفل بعد عمر 3 سنوات لبلده وتصدر له أوراق ثبوتية وتتحمل الدولة المعنية كافة مصاريف نقله ورعايته كونه بحاجة ماسة لهذه الرعاية".
وأكد قاضي التحقيق أن "القضاء العراقي هو المسؤول الوحيد عن ملف تسليم الأطفال إلى بلدانهم بعد إكمال الإجراءات التي تبدأ بتقديم طلب إلى المحكمة المختصة مرفق به جميع الاوراق الثبوتية التي يجري تدقيقها مليا ومن ثم إصدار موافقة بتسليمهم"، لافتا إلى أن دور القضاء يستمر حتى فى طريقة تسليمهم إذ ترافقهم قوة امنية بإشراف مباشر من جهاز الادعاء العام الى ان يصلوا الى داخل الطائرة، لأن هؤلاء أطفال وهم في النهاية ضحية من ضحايا التنظيم الارهابى.
وعن أعداد الأطفال الذين جرى تسليمهم، كشف أنه "بعد إكمال الاجراءات جرت عملية ترحيل 90 طفلا طاجيكستانيا من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين".
وأضاف القاضي أن "التسليم شمل أيضا 252 طفلا، منهم 77 روسيا و35 تركيا، وهم يمثلون الأعداد الكبيرة من الاطفال الذين تم ترحيلهم بعد طاجيكستان ثم يأتي بعدهم أطفال عائدون إلى اذربيجان بـ22 طفلا، وكذلك 10 من المانيا، اما الاطفال الفرنسيون فقد تم تسليم 5 منهم".
واكد أن "الحكومة السويدية تسلمت أيضا 3 من رعاياها الاطفال وجورجيا وبيلاروسيا تسلما ثلاثة ايضا والحكومة الفنلندية متمثلة بالسفارة تسلمت اثنين وكل من سويسرا وأوكرانيا تسلما طفلا واحدا"، لافتا إلى أن كل هذا الأعداد سلمت باشراف مباشر من القضاء العراقي بعد التأكد من الإجراءات والاوراق الثبوتية لهم.
وأفاد بأن "أغلب المرحلين كانوا بموافقة الام وإرادتها، ومن ضمنها حالتان لم توافق الامهات فيها وكل ام لديها 3 اطفال، إذ تم ترحيل حالتين منهم كونهم تجاوزوا عمر الثلاث سنوات وبحاجة ماسة للرعاية وترك طفل واحد لانه في مقتبل العمر لا يقوى على الذهاب".
من جانبه، أوضح نائب المدعي العام في محكمة التحقيق المركزية العراقية ان "العدد المتبقي من هؤلاء الأطفال كبير، يقدر بـ600طفل بعد ان تم تسليم عدد منهم ومؤخرا تم تسليم ما يقارب 188 طفلا من حملة الجنسية التركية الى بلدانهم والاجراءات مستمرة للتدقيق في الاوراق الخاصة بهم ومن المؤمل تسليمهم في الايام المقبلة من هذا الشهر".