لحظة توقف فيها الزمن.. يد مصر أسرع من يد الإرهاب وأبطال سيناء يحبطون خطة دنيئة فى "غمضة عين".. رصاص الشرطة يسبق ضغطة انتحارى على زر التفجير وينقذ كمين العريش من بحر دم.. والمشهد رسالة حاسمة بيقظة رجال مصر

الأربعاء، 05 يونيو 2019 02:21 م
لحظة توقف فيها الزمن.. يد مصر أسرع من يد الإرهاب وأبطال سيناء يحبطون خطة دنيئة فى "غمضة عين".. رصاص الشرطة يسبق ضغطة انتحارى على زر التفجير وينقذ كمين العريش من بحر دم.. والمشهد رسالة حاسمة بيقظة رجال مصر الانتحارى عقب تصفيته وتظهر يده على مقربة من زر تفجير الحزام الناسف
كتب محمود عبد الراضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رفع يده القذرة من موضعها إلى حدود خصره، متخيلا أنه قد وصل إلى مراده ونفذ خطته الدنيئة، إذ لم يتبق إلا بضعة سنتيمترات وضغطة زر، لينسف الكمين الأمنى ويقتل كل أفراده. لكن يده سقطت ثانية قبل أن تصل إلى هدفها.

قد يكون العمر لحظة، تفصل بين موت وحياة، وبين انتصار الإرهاب أو دحره، وإراقة دمه تحت أحذية الجنود والأبطال، وهذا بالضبط ما حدث فى شمال سيناء صباح اليوم، فى مشهد كانت يد مصر فيه أسرع من يد الإرهاب.

اليوم استيقظ ملايين المصريين مستقبلين عيد الفطر بالبهجة والملابس الجديدة وفرحة انتهاء الصيام. وحدهم أبطالنا على جبهة سيناء انحصر عيدهم فى التكبير، قابضين على أسلحتهم، وملابس العزة التى تفوح منها روائح أرض الفيروز ورفاق الميدان، وبينما تتعالى تكبيراتهم وهم رابضون فى مواقعهم، كانوا على موعد مع استهداف دنىء من كلاب الإرهاب، وبقدر ما تمتلئ قلوبهم إيمانا بالله والوطن، كانوا أصحاب اليد الطولى والموقع الأعلى فى المعركة التى دارت صباح اليوم.

الانتحارى عقب تصفيته وتظهر يده على مقربة من زر تفجير الحزام الناسف
الانتحارى عقب تصفيته وتظهر يده على مقربة من زر تفجير الحزام الناسف

يد مصر أسرع من يد الإرهاب

وقع الهجوم، وتصدى له أبطال مصر وجنودها ببسالة منقطعة النظير، فأردوا خمسة من الإرهابيين قتلى، وارتقى ضابط وأمين شرطة و6 أفراد إلى الفردوس. لكن أبرز مشاهد اليوم تمثلت فى لقطة واحدة أثبتت أن يد مصر أسرع من يد الإرهاب، وأن عينها أوسع وأكثر قدرة على الرؤية واستهداف الأعداء.

بين قافلة الكلاب التى استهدفت الكمين الأمنى، سار كلب ضال يلف وسطه بحزام ناسف، طمعا فى توسط الكمين أو الوصول إلى نقطة حيوية، لتفجير نفسه وفتح نافورة دم تلطخ وجه العيد وتنسف النقطة الأمنية بكاملها، لكن يقظة عناصر الكمين وأبطاله كانت أكثر توفيقا من نوايا الإرهاب، وأسرع من غدره وأهدافه الدنيئة، فطالته فى اللحظة الأخيرة التى تفصل بين النية السوداء والتنفيذ الخسيس.

عمليا لا يمكن إحباط عملية انتحارية تُنفذ من خلال حزام ناسف، ما لم يكن الإرهابى مرصودا بشكل كامل ودقيق خلال تحركه، على أن يُبادر مستهدفوه من الأجهزة الأمنية بتصفيته سريعا ومن مدى بعيد. أما أن يكون الإرهابى صاحب المبادرة، وهو نفسه من يرصد الأجهزة الأمنية ويفتح نيرانه أولا، فهذا يُعنى استحالة إفشال خطته بتفجير نفسه. لكن ما حدث فى كمين العريش اليوم كان مشهدا مدهشا، توقف فيه الزمن تحت بصر أبطال الأمن، وفى مواسير أسلحتهم وخزائنها، وتحت أقدامهم الثابتة على تراب سيناء.

كانت تحركات الانتحارى الدنىء عادية، لا تختلف عن تحركات رفاقه من كلاب المجموعة الإرهابية، لكن أحد أبطال الكمين استرعى انتباهه طريقة تحرك هذا المجرم، ربما بسبب انتفاخ جسده بما يشى بالتفاف شىء حوله، أو لحركته المتقافزة بغرض الوصول إلى أقرب نقطة حيوية من الكمين ورجاله. المهم أن هذا الشكّ تحول إلى يقين بخطورة هذا العنصر، وقرار بوجوب تصفيته أسرع من غيره، فانطلق الرصاص من اتجاه الكمين، وفى انطلاقه كان أسرع من يد الإرهابى التى تحركت من جانب جسده إلى محيط خصره، لضغط زر التفجير. وتكشفت المفاجأة بعدما نجح أبطال الكمين فى السيطرة على الوضع، وتصفية عدد من الإرهابيين ومطاردة الباقين، ليكتشفوا مع فحص جثة الإرهابى القتيل أنه كان يحمل حزاما ناسفا حول خصره، ويستهدف تفجير الكمين وتصفية كل عناصره.

 

إيمان واحترافية وإعداد قتالى جيد 

انتهى المشهد سريعا، ولم تستغرق تحركات الانتحارى باتجاه الكمين، أو مبادرة أبطال الأمن بتصفيته، عدة ثوانٍ، منها ثانية واحدة فصلت بين عبوره وسقوطه، وبين نيّته السوداء للتفجير والقضاء عليه قبل تنفيذها، لكن تلك المشاهد المتسارعة حملت دليلا واضحا على يقظة العناصر الأمنية، وليس اليقظة فقط، وإنما على المبادرة وامتلاك روح المبادأة والقدرة على تجميد الزمن ومسابقته والفوز عليه.

ما أثبته المشهد المدهش، وصورة الانتحارى القتيل قبل لحظة واحدة من تفجير قنبلته وإطلاق نافورة دم مصحوبة بتصفية كاملة للكمين الأمنى وكل عناصره، أن العناصر الأمنية العاملة فى سيناء تملك من الكفاءة والخبرة والقدرة على رصد الأهداف وتقييم خطرها والتعامل معها سريعا، ما يكفى لإحباط نوايا سوداء فى مهدها، وقبل أن تتحول إلى أفعال، أو يتخيل أصحابها أنها واضحة ويمكن اصطيادها.

السنوات الأخيرة التى خاضت فيها مصر حربا مفتوحة مع الإرهاب فى سيناء، زادت من كفاءة وخبرات رجال الأمن والمقاتلين الأبطال فى أرض الفيروز. وترافق هذا مع برامج إعداد وتأهيل متواصلة لرجال القوات المسلحة والشرطة، كانت حصيلتها جميعا الوصول إلى مرحلة متقدمة للغاية من الكفاءة والاستعداد القتالى، والقدرة على الاشتباك والسيطرة على ميادين الصراع، بكفاءة وسرعة، وفى وقت خاطف، وبأقل خسائر ممكنة، حتى مع توفر عنصر المفاجأة ومبادرة الإرهابيين بالضربة الغادرة. 

مشهد كمين العريش اليوم، وصورة الانتحارى المجرم عقب تصفيته وإحباط مخططه لتفجير نفسه، رسالة قوية وقاطعة بكفاءة أبطال مصر فى أنحاء الجمهورية، وفى سيناء على وجه الخصوص، وقدرتهم على التعامل مع أية تهديدات وإحباطها، ووصول تلك القدرة إلى مرحلة مدهشة من الثبات والدقة وسباق الوقت إلى حد تجميده فى روح الإرهابيين وحركات أياديهم، التى يمكن أن ترتفع سريعا باتجاه زر التفجير، لكنها لن تصل إليه قطّ، لأن يد مصر أسرع من يد الإرهاب.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة