لكل بلد زيها الرسمى الذى عرفته منذ القدم، وما زالت تشتهر به حتى الآن، واختلف هذا الزى باختلاف طبيعة المكان الذى يعيش فيه أهله، حيث اشتهر أبناء الصعيد بـ"العراقى والتقشيطة"، أما "السواكنى" فهو الزى الرسمى لأهالى قبائل حلايب وشلاتين، و"العقال" و"الثوب المطرز" لأبناء وبنات سيناء، والحبرة والجبة والقناع أهم ملابس الأقصريات، و"المَلِف" و"سدرية" و"زبون" من أزياء بدو مطروح، أما بالنسبة للفلاح المصرى اشتهر زيه الرسمى وهو "الجلباب الفلاحى".
وفى هذا التقرير يرصد "اليوم السابع"، أبرز ملامح ومميزات الجلباب الفلاحى، مع صاحب أقدم ورشة لتفصيل الجلباب الفلاحى، والذى يعمل بالمهنة منذ 57 عاما، والتعرف على أبرز ما مر به من تطورات، وسر تميز الجلباب الفلاحى عن باقى أزياء قرى ومناطق الجمهورية المختلفة، وما أصعب المواقف التى واجهها خلال فترة عمله كترزى للجلباب الفلاحى وكيف تعامل معها.
فى البداية وعند دخولك الطابق الأرضى من منزله المبنى بالطوب اللبن وبغرفة جانبية من الباب الرئيسى توجد ماكينة الخياطة الخاصة به وتحيطها مجموعة من الجلاليب المُعلقة على الحائط ومعها بعض القطع من القماش غير المفصل، إنه الحاج صابر الشرقاوى 77 عاما، والذى يعمل كترزى للجلباب الفلاحى من 57 عاما حتى الآن.
وفى البداية قال صابر الشرقاوى أقدم ترزى بالقليوبية، إنه ورث المهنة عن والده، ليبدأ أعمال التفصيل بالقرية التى نشأ بها والتابعة لمركز ومدينة بنها بالقليوبية، وظل لمدة 3 سنوات يعمل بتفصيل الملابس للجميع "رجال ونساء وأطفال"، إلى أن تخصص فى تفصيل الجلباب الفلاحى، وذلك منذ بداية عام 1962، وحتى الآن وهو يعمل ترزى للجلباب الفلاحى.
وأضاف "الشرقاوى"، أن الجلباب الفلاحى له هيبة ووقار مثله مثل أى زى رسمى بكل منطقة، إلا أنه الأكثر شهرة بين باقى الأزياء، موضحا: "هيبة الجلابية الفلاحى من هيبة الترزى، وهى عنوانه فى كل مكان يرتديها صاحبها به، لذا على الترزى أن يكون متقنا جدا لعمله فى الجلباب، وهو مثل فستان الفرح بالنسبة للفتيات وكل بنت تنظر للفستان وتطلع فيه العيوب والمميزات، ونحن كذلك".
وتابع "الشرقاوى": "ذات يوم جاء إلىّ رجلا ليفصل جلباب فلاحى، وإذا بجسده العديد من العيوب، والتى لابد من معالجتها فى عملية التفصيل، ليظهر الجلباب بالشكل اللائق والمشرف لصاحبه والترزى أيضا، وأنا بصراحة احترت بسببه، فطلبت منه القماش 4 أمتار، لأن جسده ممتلئ، وقمت بتوصيله خارج القرية مشيا على الأقدام وقمت بتخطيط معالجة العيوب أثناء إيصاله فى ذهنى، وبدأت ذلك عمليا فور عودتى، وفى النهاية خرج الجلباب بشكل جميل جدا على صاحبه، وقالى أنت عملت اللى قبلك معرفش يعالجه، وإدانى وقتها من 25 سنة 20 جنيه زيادة مكافأة لى".
وأشار "الشرقاوى"، إلى أن عملية التفصيل بالكامل للجلباب تأخذ يومين، وفى بعض الأحيان يقوم بقص أكثر من جلباب واحد ويقوم بحياكتها فى يوم واحد، مضيفا أنه فى إحدى المرات جاءت إليه أسرة لتفصيل 40 جلباب فلاحى للآباء والأبناء وبالفعل عكف على الانتهاء منها خلال 20 يوما، موضحا أن السعر الحالى لتفصيل الجلباب دون قماش 400 جنيه، حيث من الممكن أن يصل تفصيل الجلباب بالكامل لـ700 جنيه.
واستطرد "الشرقاوى"، أنه يكثر الإقبال على تفصيل الجلباب الفلاحى فى عيد الفطر المبارك والأضحى، مضيفا: "يوم عيد الفطر والأضحى كله لازم يلبس جلابية جديدة، وهناك أطباء ومهندسون ومهن مرموقة يذهبون إلى أعمالهم بزى العمل الرسمى وهم من أبناء القرية والقرى المجاورة، ولكن فى القرية لابد من ارتداء الجلباب الفلاحى لأن هنا الجلابية لها قيمة الواحد بيشعر بقيمته فى الجلابية، ولو ساب الجلابية ومشى من غيرها فى القرية الناس بتبقى مش مرتاحة فى التعامل معاه".
