"نرسل قسًا للاطمئنان على حالتيهما، ونهتم بأبديتهما ونتمنى أن يتقبل الله منهما التوبة"، يقول البابا تواضروس الثانى وهو يجيب عن سؤال وجهه له شباب الكنيسة المصرية فى ألمانيا، حين سألوه عن قضية مقتل الأنبا ابيفانيوس التى وقعت العام الماضى بدير أبو مقار وانتهى الأمر بإصدار محكمة دمنهور حكما بالإعدام على الراهبين إِشعياء وفلتاؤس المقارى بتهم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
تصريحات البابا التى أكد فيها حرص الكاتدرائية على إرسال قس للاطمئنان على حالة الراهبين المتهمين، لفتت النظر إلى خدمة الوعظ بالسجون التى تتم بالتنسيق بين الكنائس ووزارة الداخلية.
كيف تسمح وزارة الداخلية للوعاظ بدخول السجن؟
جاء تنظيم تثقيف المسجونين بقانون تنظيم السجون بدايةً من المادة رقم 28 وحتى المادة 32، ونظمت اللائحة الداخلية للسجون الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 هذا الأمر بدءًا من المادة 15 وحتى المادة 23 منها، وكذلك خصصت اللائحة الداخلية للسجون المركزية المادتين 19، 20 منها لهذا الأمر.
و بالنسبة إلى الحياة الدينية للمسجونين، فقد تم النص على أن يكون لكل ليمانٍ أو سجن عموميٍّ واعظ أو أكثر (على حسب الحالة وأعداد كل أصحاب ديانة من المسجونين) لترغيب المسجونين فى الفضيلة وحثهم على أداء الفرائض الدينية.
وقررت اللائحة أيضًا وجوب أن يكون الواعظ ملمًّا بالنظم القائمة بالسجون بما يمكنه من أداء رسالته على الوجه الأكمل، والمشاركة الروحية والفكرية مع إدارة السجن فى معالجة نفوس النزلاء، ويُقَسمُ المسجونون فى دروس الوعظ إلى مجموعات بحيث تستمع كل مجموعة إلى الواعظ مرة على الأقل فى الأسبوعأ أما عن أماكن الاحتجاز الأخرى غير الليمانات والسجون العمومية، فنصت اللائحة أن يُكلَّف واعظ المركز أو القسم بزيارة المسجونين مرتين كل أسبوع لترغيبهم في الفضيلة وحثهم على أداء الشعائر الدينية.
كيف تدير الكنيسة خدمة الوعظ بالسجون؟
ضمن لجنة الرعاية والخدمة بالمجمع المقدس للكنيسة القبطية، تبرز خدمة السجون التى كان الانبا باخوميوس مطران البحيرة والخمس مدن الغربية مشرفا عليها منذ سنوات، يختار القساوسة المكلفين بالوعظ ويلتقى بهم، ويوزعهم على السجون المختلفة.
تقدم سن الأنبا باخوميوس دفعه لإسناد الخدمة للأنبا دوماديوس أسقف السادس من أكتوبر ليصبح مسئولا عن تلك الخدمة منذ عام 2016.
الأنبا دوماديوس يؤكد أن السجون توفر حجرة لإقامة هيكل للكنيسة تقام فيه القداسات للمساجين، وترفع الصلوات فى كل عيد، وذلك وفقا لتصريحات أدلى بها من قبل.
الأنبا دوماديوس أوضح أن خدمة السجون تهتم بكافة الجوانب النفسية والروحية للسجين داخل محبسه وتحاول أن تتدخل لحل القضايا المالية للغارمين بينما تعمل على إعادة تأهيل المحبوسين فى قضايا مخلة بالشرف وتدفعهم للتوبة والاعتراف بالذنب وقبول الله لهم فى أى وقت وبأى حال.
إلى جانب المناسبات والأعياد، فإن الكنيسة قد نجحت فى تأسيس مكتبة كتب مسيحية ببعض السجون ليقرأ فيها المساجين فى أوقات فراغهم بالشكل الذى يسهم فى إعادة تأهيلهم وعودتهم للتوبة.
وهناك مناهج خاصة تم عملها للمساجين تعيش معهم يومًا بيوم، اشترك فى إعدادها عدد من الأطباء النفسيين والخدام، وهذه المناهج يتم توزيعها على المسيحيين فى السجون، وقد طلب منا عدد من المسئولين تلك المناهج حتى تعمم على جميع المسجونين، ونقوم بطباعتها وإرسالها له
القمص الراحل صليب متى ساويرس..أول مدير عام للوعظ المسيحى
فى العام 1973، كان القمص الراحل على موعد مع السجن، ولكنه لم يدخله مذنبًا أو خاطئًا بل دخله واعظًا يصلى للخاطئين ممن يقضون عقوبات قانونية خلف الأسوار، وذلك بعدما كلفه البابا شنودة بتلك المهمة التى ظل يعمل بها ما يقرب من 40 عامًا.
فقد كان أول كاهن موظف بالدولة بدرجة مدير عام الوعظ المسيحي بقطاع السجون، عاد إلى العمل الحكومي بناء على ترشيح من قداسة البابا شنودة الثالث، كواعظ بالسجون، وهو الأمر الذي استمر لمدة 30 عامًا، إلى أن أحيل على المعاش في 2004، على درجة مدير عام الوعظ المسيحي بقطاع السجون، وبعدها صدر قرار وزاري بالاستمرار في العمل إلا أنه لم يكمل بسبب كبر سنه، كانت خدمته في السجون تقتضي إعداد السجين للتأقلم والتصالح مع نفسه ومن حوله، حتى يستطيع العيش بشكل طبيعي بعد خروجه إلى المجتمع مرة ثانية، إضافة إلى الخدمة المالية لأسرهم، إذا كانوا بحاجة إليها، وكذلك تقديم الدعم المعنوي لهم.
كان دير الأنبا مقار قد شهد فى يوليو العام الماضى جريمة مقتل الانبا ابيفانيوس أسقف ورئيس الدير وتلميذ القمص متى المسكين على يد الراهبين إشعياء وفلتاؤس المقارى الذين حكم عليهم بالإعدام شنقا وتم تأييد الحكم من قبل محكمة دمنهور، وقد أعلنت الكنيسة تجريد المتهم الأول إشعياء المقارى من رهبانيته ليعود لاسمه العلمانى وائل سعد تواضروس بعد ارتكابه عدة مخالفات كنسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة