ألقت قوات الأمن القبض على صفوت عبدالغنى بتهمة اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب يوم 12 أكتوبر1990، ووفقا للكاتب والباحث ماهر فرغلى فى كتابه «الخروج من بوابات الجحيم - الجماعة الإسلامية من العنف إلى المراجعات»، فإنه أثناء اعتقاله أخرج ورقة صغيرة فى علبة كبريت مع أحد المحامين يأمر عبدالشافى رمضان أن يفعل شيئا مع فرج فودة.
نفذ «عبدالشافى» تعليمات عبدالغني ضد فودة المولود فى «الزرقا» بمحافظة دمياط يوم 20 أغسطس 1945 وحامل الدكتوراة فى الاقتصاد الزراعى، وأحد أشد المعادين للجماعات المتأسلمة بكافة أطيافها، وحسب الدكتور محمد أبو الغار فى مقاله |فرج فودة - شهيد الدولة المدنية - المصرى اليوم -10 يوليو 2017»: «بزغ نجمه فى الثمانينيات «القرن الماضى»، وحين ظهر كان تعاون بعض أجهزة الدولة مع «الإخوان» قد سهل لهم العمل فى الشارع والضغط على القوى المدنية والليبرالية.. ولذا كان نضال فرج فوده عبارة عن شخص واحد مع سائق سيارة، ومعه بعض الأصدقاء يقف وحده أمام جيوش «الإسلام السياسى» وعنفه، وكنت أحضر معظم ندواته وكلها كان يحدث فيها مشاكل بسبب قدرته الفائقة على الرد ومعرفته الكاملة بالتراث الإسلامى، وكان دعاة الإسلام السياسى يواظبون على حضور هذه الندوات، ويسألون ويقاطعون ويحاولون إفساد الندوة، وكان فرج قادراً على إسكات كل من يهاجمه بثقة ومعرفة، وأول كتبه كان «الحقيقة الغائبة»، وكان يتحدث بسلاسة عن التطور الخطير الذى يحدث فى مصر لتحويلها إلى دول دينية ولتصبح دولة الخلافة.وكان شديد الدقة فى التفاصيل، وعندما ظهر هذا الكتاب فى أوائل الثمانينيات أحدث ضجة كبرى».
بلغت مواجهات «فودة» ذروتها فى يناير 1992 فى المناظرة الشهيرة حول «الدولة الدينية والدولة المدنية»، ونظمها معرض القاهرة للكتاب، وحضرها آلاف، وكان هو والدكتور محمد أحمد خلفالله فى مواجهة مأمون الهضيبى، مرشد جماعة الإخوان، والشيخ محمد الغزالى، ووفقا لشهادة ماهر فرغلى وكان وقتئذ فى السجن واستمر فيه 13 عاما لعضويته فى تنظيم الجماعة الإسلامية: «أحدثت المناظرة دويا هائلا جعلنا لانشك لحظة فى أن فودة مستحل الدم».
فى الساعة السادسة والنصف مساء يوم 8 يونيو 1992 وقبل عيد الأضحى بيومين، كان الموعد مع العملية الإرهابية البشعة، وحسب جريدة الأخبار يوم 9 يونيو، كان فودة ينزل من الجمعية المصرية للتنوير التى يترأسها، وتقع فى شارع أسماء فهمى بمصر الجديدة ومعه ابنه أحمد وصديقه وحيد رأفت زكى، وفى أثناء توجههم لركوب سيارته، انطلق أشرف إبراهيم بالدراجة البخارية، وأطلق عبدالشافى رمضان الرصاص من رشاش آلى فأصاب فودة إصابات بالغة، وطارد سائق سيارة فودة الدراجة البخارية وأسقطها قبل محاولة فرارها، وسقط عبدالشافى وارتطم رأسه بالأرض وفقد وعيه، وألقت الشرطة القبض عليه، وتمكن زميله من الهرب، تم القبض عليه بعد ستة شهور فى محاولة اغتيال صفوت الشريف وزير الإعلام.
تم نقل فودة إلى المستشفى، وفشلت محاولات جراح القلب الدكتور حمدى السيد إنقاذ حياته، ولفظ أنفاسه الأخيرة فى حوالى الساعة الواحدة والنصف صباح 9 يونيو – مثل هذا اليوم – عام 1992، ليتم دفنه فى نفس اليوم، ورغم بشاعة الجريمة، إلا أنه وحسب محمد توفيق فى كتابه «الملك والكتابة»: «وجدت من يبرر، ففى اليوم التالى نشرت جريدة «الأخبار» تبرير مأمون الهضيبى المرشد العام لجماعة الإخوان، لتلك الجريمة».
بدأت نيابة شرق القاهرة تحقيقاتها، ثم تبعتها نيابة أمن الدولة، وكانت اعترافات الإرهابيين |عبدالشافى أحمد محمد رمضان» 26 عاماً، يعمل بائع سمك، و«أشرف السيد إبراهيم صالح» 29 عاماً، يعمل فى الأعمال الحرة، كاشفة لأسرار كثيرة حول استباحة الجماعات الإرهابية للدم، فحسب نص التحقيقات المنشورة فى جريدة «الوطن–6 يونيو 2015»، للزميل «إمام أحمد» فإن «عبد الشافى» سرد أمام نيابة شرق القاهرة تفاصيل العملية بداية من تحديد الهدف وصولاً للتنفيذ، قائلاً: «الدكتور عمر عبدالرحمن، استباح دم الدكتور فرج فودة باعتباره علمانياً متطرفاً يهاجم الدين الإسلامى فى كتاباته، وبناء على اجتهادى أنا وأشرف، اللى هو عضو معايا فى نفس التنظيم، بدأنا فى الاستعداد لتصفيته، واستلفنا وبعنا بعض الأشياء عندنا علشان تمويل العملية، وقام أشرف بسرقة موتوسيكل من شخص قال إنه مسيحى، واشترى بندقية آلية وحوالى 20 طلقة تقريباً من بلد فى الفلاحين ناحية القناطر الخيرية «محافظة القليوبية»، واتصرف فى طلقات تانية تقريباً، وأنا اشتريت الفرد 9 ملى من واحد معرفهوش فى الزاوية الحمراء، واشتريت معاه ثلاث طلقات، وأشرف جابلى حوالى 12 أو 13 طلقة تقريباً، وبدأنا نرصد تحركات فرج فودة، وعرفنا عنوانه عن طريق دليل التليفونات، وبدأنا نراقبه، وكنت أنا اللى متولى مراقبته فى بيته اللى فى شارع النزهة، وكنت براقبه عند مكتبه اللى فى شارع أسماء فهمى، وبعد رصد تحركاته حددنا يوم التنفيذ 8 يونيو، باعتباره قبل العيد، واتفقت أنا وأشرف على التنفيذ بعد ما حضّرنا السلاح ووسيلة الانتقال، ورحنا انتظرنا عند مكتبه فى الشارع من الساعة 10 صباحا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة