أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق بطولة "كوبا أمريكا" التى تستضيفها البرازيل خلال الفترة من 14 يونيو الجارى وحتى السابع من يوليو المقبل.
ويشارك فى البطولة 12 منتخباً هى 10 منتخبات من قارة أمريكا الجنوبية، بجانب منتخبين تمت دعوتهما من خارج القارة وهما قطر واليابان، ويصعد الأول والثانى من كل مجموعة إلى الدور ربع النهائى من منافسات البطولة بجانب أحسن منتخبين تمكنا من احتلال المركز الثالث.
وأسفرت قرعة بطولة "كوبا أمريكا" عن المجموعات التالية، فى المجموعة الأولى: البرازيل، بوليفيا، فنزويلا، بيرو، وفي المجموعة الثانية: الأرجنتين، كولومبيا، باراجواي، قطر، وفي المجموعة الثالثة: أوروجواي، الإكوادور، اليابان، تشيلي.
وعلى مدار تاريخ البطولة لم يتذوق 3 أساطير طعم الحصول على بطولة "كوبا أمريكا"، واستعصى اللقب عليهم وإن كانت الفرصة لا تزال سانحة أمام ميسى لتغيير هذا الواقع المؤلم لأساطير كرة القدم عندما يشارك فى النسخة القادمة من المسابقة.
بيليه
كان الأسطورة بيليه أول من عانى هذا المصير عندما أخفق فى كوبا أمريكا 1959 بعد عام واحد من قيادته المنتخب البرازيلى للقبه الأول فى بطولات كأس العالم فى النسخة التى استضافتها السويد عام 1958.
وخاض المنتخب البرازيلى فعاليات كوبا أمريكا 1959 معتمداً على الفريق المتوج بلقب المونديال عام 1958.
بيليه
وتوج بيليه هدافاً لهذه النسخة من كوبا أمريكا برصيد ثمانية أهداف، كما اختير كأفضل لاعب فى تلك النسخة، ولكن المنتخب البرازيلى حل ثانياً بفارق نقطة وحيدة خلف نظيره الأرجنتينى المتوج باللقب، وأقيمت فعاليات البطولة بنظام دورى من دور واحد بين المنتخبات السبعة التى شاركت فى تلك النسخة وانتهت بتعادل المنتخبين البرازيلى والأرجنتينى 1 / 1 وكان بيليه هو من سجل هدف السامبا فى هذه المباراة.
وكان المنتخب الأرجنتينى فاز بجميع المباريات الخمس التى خاضها فى البطولة قبل هذه المباراة، فيما دفع المنتخب البرازيلى ثمن تعادله 2 / 2 مع بيرو ليكون التعادل فى المباراة الختامية كافيا للتانجو الأرجنتيني.
وكان بيليه فى الثامنة عشرة من عمره آنذاك، وكانت هذه المشاركة الأولى له فى كوبا أمريكا، فيما شاركت البرازيل بالنسخة التالية الخاصة التى استضافتها الإكوادور فى وقت لاحق من نفس العام، بفريق من بيرنامبوكو وغاب منتخبها الأساسى.
وفى كوبا أمريكا 1963 ببوليفيا، لم يشارك أيضا المنتخب البرازيلى بنفس الفريق الذى توج بلقب مونديال 1962 فى تشيلى ليحرز المنتخب البرازيلى المركز الرابع فى البطولة، ويظل رصيد بيليه مع الفريق خاليا من أى ألقاب فى كوبا أمريكا رغم فوزه بلقب المونديال فى نسختين متتاليتين.
واستضافت أوروجواى فعاليات كوبا أمريكا عام 1996 وعانت كرة القدم فى أمريكا الجنوبية من أزمة كبرى، حيث انسحبت البرازيل وبيرو من البطولة وشاركت فنزويلا للمرة الأولى ليقتصر عدد المشاركين فى تلك النسخة على ستة منتخبات.
ومع تفاقم الأزمات واستمرار الاعتذارات عن عدم المشاركة توقفت البطولة من 1967 حتى عادت فى 1975 ما حرم بيليه من الفرص الباقية للتتويج باللقب القارى، وإن قاد منتخب بلاده للقب ثالث فى بطولات كأس العالم من خلال نسخة 1970 بالمكسيك.
مارادونا
كانت القصة مختلفة بالنسبة لمارادونا الذى شارك فى ثلاث نسخ من بطولة كوبا أمريكا، أولها عام 1979 وكانت اختبارا صعبا للمدرب سيزار لويس مينوتى المدير الفنى للفريق والذى لم يعتمد على معظم النجوم الذين قادهم فى 1978 للفوز بكأس العالم.
وودع مارادونا والمنتخب الأرجنتينى كوبا أمريكا 1979 من الدور الأول (دور المجموعات) بعد هزيمتين خارج ملعبه أمام بوليفيا والبرازيل، ثم فوز على بوليفيا وتعادل مع البرازيل فى مباراتى الإياب بملعبه.
مارادونا
وكان الموقف المثير فى هذه البطولة أن مارادونا خاض مباراتين مرتديا القميص رقم "6" وهو أمر غريب فى مسيرته الكروية التى ارتدى خلالها القميص رقم "10".. وكان هذا التغيير بسبب القرار المثير للدهشة بشأن ترتيب قمصان لاعبى المنتخب طبقا للترتيب الأبجدى.
وبهذا، سجل مارادونا أول أهدافه مع المنتخب الأرجنتينى مرتديا هذا القميص رقم "6" وكان الهدف الثالث فى المباراة التى فاز فيها 3 / صفر على المنتخب البوليفى.
وغاب مارادونا عن المشاركة فى بطولة كوبا أمريكا بنسختها عام 1983 ثم عاد للمشاركة فى البطولة بنسخة 1987 بعدما فرض نفسه كنجم عالمى وأفضل لاعب فى العالم من خلال قيادته المنتخب الأرجنتينى للفوز بكأس العالم 1986 فى المكسيك.
ولكن كوبا أمريكا فى نسختها عام 1987 التى أقيمت بالأرجنتين كانت صدمة كبرى لمارادونا وأصحاب الأرض، حيث ودع الفريق البطولة من المربع الذهبى على يد أوروجواى، ثم اكتفى الفريق بالمركز الرابع حيث خسر 1 / 2 أمام المنتخب الكولومبى بقيادة النجم الشهير كارلوس فالديراما فى مباراة تحديد المركز الثالث.
وخلال تلك النسخة، لم يقدم مارادونا سوى الهدف الذى سجله فى مباراة بيرو التى انتهت بالتعادل 1 / 1 فى بداية مسيرة الفريقين بالبطولة، وهدفين أحرزهما فى المباراة التالية التى فاز فيها الفريق على الإكوادور 3 / صفر.
ولم تكن مشاركته الثالثة الأخيرة فى كوبا أمريكا أفضل حالا، حيث أحرز الفريق هدفين فحسب فى سبع مباريات خاضها مع التانجو خلال النسخة التى استضافتها البرازيل.
وجاء الهدفان عن طريق كلاوديو كانيجيا فى اثنتين من المباريات الأربع التى خاضها الفريق فى مبارياته بالدور الأول فيما كانت البصمة الوحيدة لمارادونا فى البطولة هى التسديدة التى أطلقها قوية فى مباراته أمام أوروجواى لترتد الكرة من العارضة فى هذه المباراة بالدور النهائى للبطولة والذى فشل خلاله المنتخب الأرجنتينى فى تحقيق أى فوز بالمباريات الثلاث التى خاضها واهتزت شباكه أربع مرات فيما لم يسجل أى هدف ليحتل المركز الثالث خلف البرازيل وأوروجواى وبفارق الأهداف فقط أمام باراجواي.
وفى عام 1991، غاب مارادونا عن كوبا أمريكا التى استضافتها تشيلى، والتى أقيمت خلال فترة العقوبة الأولى له بسبب المنشطات، وفاز المنتخب الأرجنتينى بلقب البطولة فى غياب مارادونا.
كما استبعد ألفيو باسيلى المدير الفنى للمنتخب الأرجنتينى آنذاك مارادونا من حساباته فى كوبا أمريكا بنسختها عام 1993 ليقود باسيلى الفريق للتتويج باللقب للمرة الثانية على التوالى فى غياب مارادونا، ولم يفز المنتخب الأرجنتينى باللقب منذ ذلك الحين.
ميسي
ويبدو أن لعنة كوبا أمريكا استحوذت على ميسى أيضاً، حيث فشل اللاعب المتألق مع برشلونة الإسبانى فى الفوز بأى لقب فى كوبا أمريكا حتى الآن.
وخاض ميسى البطولة القارية للمرة الأولى عام 2007 وسطع نجم الفريق الأرجنتينى فى هذه النسخة التى استضافتها فنزويلا وقدم عروضا رائعة وسجل العديد من الأهداف حتى بلغ النهائى لكنه سقط أمام نظيره البرازيلى صفر / 3 فى النهائى.
وعلى غرار مارادونا فى 1987، تعرض ميسى، الفائز آنذاك بالكرة الذهبية لأفضل لاعب فى العالم عامين متتاليين، لصدمة هائلة فى كوبا أمريكا 2011 بالأرجنتين، حيث ودع مع الفريق البطولة بالهزيمة أمام أوروجواى بركلات الترجيح فى دور الثمانية.
ميسي
ونال ميسى انتقادات هائلة من الصحافة والجماهير التى أطلقت صافرات وصيحات الاستهجان ضد النجم الكبير لإهداره العديد من الأهداف خلال البطولة ليشهد ميسى أسوأ لحظات فى مسيرته مع راقصى التانجو، كما تزايدت الشائعات بقوة فى ذلك الوقت حول اتجاه ميسى لاعتزال اللعب وهو ما لم يحدث.
وبدا أن الفرصة سانحة لتعويض ذلك من خلال كوبا أمريكا 2015 التى أقيمت فى تشيلى ولكن الفريق الأرجنتينى لم يحقق التوقعات المرجوة أيضاً، وسقط بركلات الترجيح أمام منتخب تشيلى فى النهائى ليفشل ميسى مجدداً فى الفوز باللقب القارى، بعدما سقط مع الفريق أيضاً فى نهائى كأس العالم 2014 بالبرازيل أمام المنتخب الألمانى.
وفى النسخة الأخيرة من البطولة التى أقيمت بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2016، فشل ميسي فى قيادة منتخب الأرجنتين لحصد اللقب، بعدما سقط مجدداً أمام تشيلى فى المباراة النهائية بركلات الترجيح.
بالطبع ما زالت الفرصة سانحة أمام ميسى لكسر هذه اللعنة والتتويج بلقب كوبا أمريكا فى البرازيل.