احتدمت الخلافات بين الفنانة أسمهان وزوجها الممثل الطيار «أحمد سالم» حتى وقعت بينهما مواجهة دامية حاول خلالها قتلها، لكنه أصاب نفسه برصاص أطلقه وسكنت واحدة منه فى إحدى رئتيه، وأصاب ضابط البوليس«الأميرالاى إبراهيم إمام» برصاصة فى كتفه.
كان «إمام» موجودا بطلب من اللواء سليم زكى، حكمدار القاهرة، الذى استغاثت به أسمهان فى اتصال قالت فيه إنها مهددة بالقتل، وفقا لكتاب «أسمهان تروى قصتها» للكاتب الصحفى محمد التابعى، الذى ارتبط بها وخطبها عام 1940، وفسخ الخطبة فى أكتوبر1940، ثم عاد إليها، لكنه انفصل عنها نهائيا وقطع صلته بها آخر ثلاث سنوات فى حياتها.
وقعت هذه المواجهة فى أوائل يوليو1944، وكانت طريقا لموت أسمهان غرقا يوم 14 يوليو، مثل هذا اليوم، 1944، حسبما يذكر التابعى، وفى كشفه لأسباب «المواجهة»، يؤكد أنها حدثت بعد عودة أسمهان إلى المنزل متأخرة فى الساعة الثالثة صباحا، وشك فى أنها كانت عند أحمد حسنين باشا، رئيس ديوان الملك فاروق، وكان يشك فى أن بينهما علاقة، بعد فترة من زواجهما فى مدينة القدس نوفمبر 1942وعودته إلى القاهرة، ثم لحقت هى به فيما بعد.
يذكر التابعى أن سالم أثناء وجود الأميرالاى «إمام» وصف أسمهان بأقبح النعوت وروى ما فعلته ولاتزال تفعله معه، وكيف أنها تخونه مع أحمد حسنين».. ويذكر الكاتب الصحفى سعيد أبوالعينين فى كتابه «أسمهان.. لعبة الحب والمخابرات»: «توترت العلاقة بين أسمهان وزوجها أحمد سالم..ضاقت أسمهان بقيود الزواج وغيرة الزوج وملاحقته لها بالأسئلة، وهى التى تعودت حياة الانطلاق، وأن تكون لها حريتها فى أن تفعل ما تشاء».
يؤكد التابعى، أن حادث إطلاق الرصاص أدى إلى ضجة كبرى.. يضيف: «خرجت الصحف تحمل العناوين بالبنط الكبير وتروى مأساة أحمد سالم وأسمهان، ولكن الصحف لم تنشر شيئا من أقوال أحمد سالم عن أحمد حسنين باشا رئيس ديوان الملك، لأن البوليس والسلطات كتمت الأمر عن الصحف ورجال الصحافة».. يضيف: «كانت أسمهان تعمل وقتئذ فى استوديو مصر، وتقوم بدورها فى فيلم «غرام وانتقام» أمام يوسف وهبى، وكان طبيعيا أن تشعر بالتعب والإرهاق، وخصوصا بعد حادث إطلاق الرصاص عليها، ومن هنا استأذنت من يوسف وهبى فى السفر إلى رأس البر لكى تمضى فيها بضعة أيام على شاطئ البحر فى ضيافة صديق لها».
يذكر الدكتور نبيل حنفى محمود فى كتابه «الغناء المصرى- أصوات وقضايا»: «فى الثامنة والنصف من صباح الجمعة «مثل هذا اليوم 14 يوليو»، ومن أمام الفيلا التى تملكها وتقيم بها بشارع الهرم، استقلت أسمهان وبرفقتها صديقتها وسكرتيرتها مارى قلادة سيارتها الخاصة وهى من طراز «الكود»، تحمل رقم «7654».
يضيف محمود: «كان يقود السيارة السائق فضل محمد نصر، وكان سائقا خاصا لزوجها أحمد سالم عندما كان مديرا لاستوديو مصر، وقبل الساعة الحادية عشرة بدقائق، وعند قرية «شرنقاش» التابعة لمركز «طلخا» التابع لمحافظة الغربية وقتئذ، وتابع الآن لمحافظة الدقهلية، اصطدمت السيارة بحفرة كبيرة نتجت عن أعمال حفر تمت بعرض الطريق، وذلك لإمرار ماسورة تحمل الماء من ترعة الساحل الى أرض أحد كبار الوزراء المطلة على الطريق..كان الاصطدام من القوة بدرجة أطاحت بالسيارة إلى أعماق الترعة، وبينما تمكن السائق «فضل» من القفز من باب السيارة الأمامى قبل أن تهوى إلى الماء، لقيت «أسمهان» و«مارى قلادة» مصرعهما غرقا فى الجزء الخلفى من السيارة، لفشلهما فى فتح أبواب السيارة المغلقة عليهما».
ماتت أسمهان، وكان عمرها 32 عاما «مواليد 25 نوفمبر 1912».. يكشف التابعى، أنه كان فى رأس البر، ولما علم بقدومها قرر العودة حتى لا يراها..يتذكر: «حل يوم الجمعة 14 يوليو، وكان ينزل ضيفا علىٍ يومئذ فى عشتى الصديقان أحمد الصاوى محمد، وتوفيق الحكيم، وبعد تناول الغداء، غادرنا العشة فى طريقنا إلى دمياط لكى نستقل منها القطار إلى القاهرة، وتوقف القطار فى محطة المنصورة، وكان صديقنا الصاوى جالسا وأمامه طبق «عجة محشوة بالمربى» وهو طبق فرنسى ثقيل، ولكنه من مختارات صديقنا فى الطعام الخفيف، هذا بينما كان توفيق الحكيم يرتشف من قدح شاى، ويحدثنى فى موضوع مقاله القادم عن «حماره» أو «حمار الحكيم»..كنا هكذا، عندما دخل علينا خادم عربة البولمان يروى لنا الحادثة، أوالفاجعة، التى راحت ضحيتها المطربة أسمهان منذ ساعات قليلة على مقربة من مدينة المنصورة، أى على أوائل الطريق بين طلخا ودمياط، وبُهتنا جميعا، ووجمنا ساكتين».
تم دفن أسمهان فى اليوم التالى «15 يوليو 1944»، وانطلقت الشائعات حول موتها ليصبح لغزا مثلما كان فى حياتها ألغاز أخرى كثيرة، كالحب والزواج والطلاق والفن والسهر والخمر، وقناعتها بأنها لن تعيش طويلا، والأهم دورها مع أجهزة المخابرات البريطانية والفرنسية والألمانية، فكيف حدث ذلك؟