تمر اليوم الذكرى الـ230، على سقوط سجن الباستيل فى أيدى الثوار فى فرنسا، وذلك فى 14 يوليو 1789، حيث يعد هذا الحدث واحد من أهم أحداث الثورة الفرنسية.
الباستيل هو سجن أنشئ فى فرنسا عام 1369م، فى عهد شارل الخامس، كحصن للدفاع عن باريس ومن ثم كسجن للمعارضين السياسيين والمسجونين الدينيين والمحرضين ضد الدولة، وأصبح على مدار السنين رمزاً للطغيان والظلم وانطلقت منه الشرارة الأولى للثورة الفرنسية في 14 يوليو 1789.
وعلى رغم ما يمثله هذا السجن من رمزية للطغيان، حيث يصفه عدد كبير من الباحثين بأنه واحد من أشد السجون قسوة وهوان، إلا أن يبدو أن هناك وجها آخر غير مألوف للسجون، يذكر عن السجن الفرنسى الشهير.
فبحسب كتاب "موسوعة من عيون الكتب فى التاريخ و الفنون (ص 27، 28)" للدكتورة نعمات أحمد فؤاد، فأنه عند اندلاع الثورة الفرنسية لم يجد الغوغاء بين جدران الباستيل غير سبعة سجناء وهم: أربعة مزورين، ومعتوه، والإثنان الآخران متهمان بالنصب والفسق ومن الطريف أن هؤلاء السبعة كانوا آسفين على إطلاق سراحهم.
وأشارت المؤلفة إلى قول فونك برانتانو: "كان الباستيل قصرا يسجن فيه الملك من يرى وجوب سجنه لسبب أو لآخر، وللمسجونين أن يعيشوا فيه كما يحبون، فلم يختاروا لغرفهم ما يروقهم من الأثاث أوأن يفرشوها بأثات يأتون به من منازلهم، ولهم من الطعام ما يشتهون، يأمرون فيجاء به أو يشترونه من الخارج لحسابهم الخاص، ولكل منهم أن يستخدم من الخدم ما يشاء، وإذا كان السجين غنيا استطاع أن يعيش فى الباستيل عيشة الأمراء، وإذا كان فقيرا تولى الملك أمره وأجرى عليه المال مايكفيه لنفق على نفسه، وكثيرا ما تجاوزت هذه الأموال حد الكفاية حتى كان المسجونون يقتصدون منها ويدخرون ما يقتصدونه ليعيشوا بعد مغادرة السجن عيشة الترف والسعة".
أما عن تقاليد القبض على السجين وإيدعه فى الباستيل، فيوضح أن الكتاب، كان يصدر المرسوم الملكى بالقبض على فلان فيحمله ضابط من ضباط الشرطة ويسير به إليه وسط خمسة من الجنود، ويتلوه عليه ثم يمس كتفه بعصا قصيرة بيضاء فينهض الشخص ويتبع الضابط إلى باب البيت، حيث تكون عربة فخمة كعربات النبلاء تنتظرهما فيركانها لتسير بهما إلى الباستيل، وكانت التقاليد والتعليمات تقضى على ضباط الشرطة أن يسلكوا مع المقبوض عليهم خير مسالك المجاملة وحسن المعاملة.
وحسب ما تذكر الكاتبة أيضا، أن من طرائف الباستيل، وهى كثيرة – على حد وصفها- أن حاكم السجن يستقبل السجين ويدعوه إلى تناول الطعام معه كما يدعو الذين اصطحبوه إلى السجن من الأهل والأصدقاء، وفى هذه الأثناء يكون عمال السجن على قدم وساق فى إعداد الغرفة اللائقة به وفقا لمقامة فى الهيئة الاجتماعية، وإذا حدث أن إدارة السجن لم تكن مستعدة، فإنها تطلب من السجين أن يمضى ليلة أو ليلتين حيث يشاء حتى تعد له المكان اللائق، ويؤيد ذلك ما جاء فى مذكرات ميسو ده جونكا نائب الملك فى سجن الباستيل بتاريخ 26 يناير 1695.
ومن طرائف الباستيل أيضا أنهم كانوا يتبارون فى الأناقة، فحسب ما نقلته المؤلفة على لسان مدام دهس تال فى مذكراتها بأنها قد زينت غرفتها بأستار ثمينة وغطت النوافذ بستائر من المخمل، وتوكد مدام ده ستال إنهم كانوا يصرحون لبعض نزلاء الباستيل بالخروج منه لقضاء بعض الأعمال فى المدينة على أن يعودوا فى المساء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة