الأستروكس، المخدر الذى بات أكثر شهرة وانتشارًا بين المتعاطين مقارنة بأنواع المخدرات التقليدية الأخرى ومنها الحشيش، سواء لرخص ثمنه وشدة تأثيره أو لسهولة الحصول عليه من خلال عدة طرق تم اكتشافها عن طريق الممارسة، أو من خلال شبكات الإنترنت التى تمكن المتعاطى من تصنيعه يدويا.
وكانت البداية شكوى من أحد مربى الحيوانات «ز،د» الذى عانى فى سبيل الحصول على الحقن المعدة للاستخدام الحيوانى واختفائها من العيادة البيطرية، رغم انتشارها بين بعض الشباب فى منطقتى إمبابة، وروض الفرج، والتى كانت سببًا للكشف عن تسرب الأدوية المحتوية على مواد مخدرة من العيادات البيطرية لاستخدامها فى صناعة «الأستروكس» من قبل بعض العاملين بها فى ظل غياب الرقابة.
فى أحد الشوارع الجانبية خلف قسم إمبابة تقع الوحدة البيطرية التى تحظى بشهرة واسعة بين الأهالى، حيث يقصدها العشرات منهم يوميا للحصول على الأدوية أو الاستشارات الطبية، لرعاية حيواناتهم ومواشيهم التى يعتمدون عليها فى الاكتفاء الذاتى من اللحوم أو كمورد رزق من خلال بيعها.
بعد اجتياز البوابة الحديدية والفناء الواسع الذى يقع خلفها المبنى المقسم إلى عدة أجزاء الأول على يسار البوابة ومخصص لرعاية الحيوانات الأليفة ومنها القطط والكلاب، والثانى لرعاية الطيور، فى الواجهة يقع الدور الأرضى يتوسطه ساحة تستخدم للكشف على الحيوانات وبعض الحجرات الصغيرة الأولى للموظفين العاملين والأخرى أصغر منها يتم تجهيز الحقن والعقاقير الطبية البيطرية.
«عاوز حقنة مهدئة»، هكذا تم توجيه السؤال إلى طبيب الوحدة باعتبارى أحدمربى المواشى، الذى بادر بعدها بطرح بعض الأسئلة التقليدية عن حالة العجل ووزنه، ليتم كتابة بعض الأدوية فى ورقة صغيرة خارجية يتم شراؤها من الصيدليات الخارجية، كاشفًا أنه تمت كتابة هذه الحقن باعتبارها من الأدوية البديلة نظرًا لعدم وجود الأساسية فى الوقت الحالى، مشددًا على ضرورة المرور مرة أخرى على الوحدة للحصول عليها باعتبار أنها غير متوافرة فى الأسواق، حيث لا يسمح بتداولها خارج العيادات البيطرية الرسمية التى يتم صرفها من المديرية البيطرية، مؤكدا أنه يجب الاتصال به قبل اليوم السابق على الحضور حتى يتمكن من تحضير الحقنة.
وبحسب الموعد الذى تم تحديده، ذهبنا إلى العيادة للحصول على الحقنة المطلوبة التى تم سحبها من أمبول كان متواجد على رف خشبى تم إفراغه فى سرنجة وتسليمها يدويًا والذى تم تعريفها بأنها حقنة «الزيلازين»، مشددًا على ضرورة الاهتمام بالجرعات نظرًا لاحتوائها على مادة مخدرة.
حول العلاقة بين المخدرات والأدوية البيطرية، يوضح الدكتور مصطفى فايز أن ارتفاع أسعار المواد المخدرات وصعوبة الحصول عليها مع خطورة حيازتها أدت هذه الأسباب مجتمعة إلى ضرورة البحث عن بدائل ومنها الأدوية البيطرية التى تحتوى على مواد مخدرة ومنها «حقن الكيتامين، والزلازين».
وأوضح فايز أن حقنة الزيلازين تعتبر من أحسن وأفضل الحقن المخدرة ومن أكثرها أمانًا بالنسبة للاستخدام الحيوانى وغير مصرح للاستخدام الآدمى ولكن مع الوقت تم استخدامها فى صناعة المخدرات، خاصة «الأستروكس».
ويؤكد الدكتور مصطفى فايز أن التعاطى البشرى لحقنة «الزيلازين» المكونة بالأساس من مواد منشطة لمستقبلات الإدرينالين، الفاصل العصبى المسؤول عن التنبيه والإثارة، والمستخدمة بالأساس فى العلاج الحيوانى التى ينتج عنه العديد من الآثار الضارة على الصحة العامة فى حال الاستخدام البشرى لها.
وتابع: لأنها تعمل بالأساس على الجهاز العصبى المركزى للإنسان فتؤدى إلى عدم انتظام ضربات القلب، وقد يؤدى إلى توقفه بالكامل بالإضافة إلى تأثيره السلبى على غدة البنكرياس من خلال رفع الجلوكوز ومنع فرز الأنسولين، مؤكدا أن تلك الأعراض تظهر سريعا فى حال خلطها مع البردقوش، نظرًا لاحتوائه على مواد مهدئة وتزداد حدتها مع عشب الدميانة المستخدم فى الأساس كمنشط جنسى، وهو ما يفسر سبب الإقبال عليه.
وكشف فايز على الرغم من شيوع استخدام حقنة الزيلازين كمخدر ومنشط جنسى وتطويعها فى صناعة الأستروكس، إلا أنها لا تدخل ضمن المواد المحظور التعامل عليها ولا يتم إدراجها فى الجدول الخاص بالمادة المخدرة التابع للإدارة للمركزية للصيدليات، لأنهم غير مختصين بملف الادوية البيطرية.
وبلغت نسبة المتعاطين من مخدر الفودو والأستروكس 4% عام 2017، وذلك من إجمالى عدد المتصلين بالخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان، بينما وصلت هذه النسبة إلى 20% عام 2018، ووصلت إلى ما يقرب يقرب 87 ألف متصل العام الماضى، وذلك بحسب ما أكده عمرو عثمانÊ مساعد وزير التضامن الاجتماعى - مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى.
وكشف عثمان أن محافظة القاهرة احتلت المرتبة الأولى بالنسبة لأكثر عدد من المتصلين الراغبين فى العلاج من مخدر الفودو والأستروكس، لافتًا إلى أن غالبية من يتعاطون هذا المخدر فى سن مبكرة ويتراوح أعمارهم ما بين 15و 20 عاما.
ومع عرض خطورة صرف الحقن البيطرية التى تحتوى على مواد مخدرة، نطرح تساؤلا حول الجهة الرقابية المنوط بها الرقابة على صرف هذه الحقن داخل الوحدات البيطرية.
وفى هذا الإطار يقول الدكتور يوسف العبد مسؤول ملف الدواء بالنقابة العامة للبيطريين:إن سوق الدواء البيطرى يعانى من فوضى كبرى بسبب تنازع الاختصاص بين جهتين هما الإدارة المركزية للصيدليات، وبين الإدارة العامة للخدمات البيطرية.
ويضيف العبد: ونتيجة لذلك التنازع تكون هناك أدوية مخدرة طبقا للممارسة العملية للأطباء البيطرين، ولكنها غير مدرجة فى جدول المخدرات التابع لإدارة الصيدليات، لأنها غير معلومة بالنسبة للعاملين بها ومنها الأدوية المخصصة للثيران والخيول والحيوانات المنزلية مثل القطط والكلاب التى يتم تداولها سواء كمنشطات فى صالات الألعاب الرياضية أو للمخدرات.
وكشف العبد أن القانون رقم 416 لسنة 1954 المنظم لعمل الأطباء البيطرين لم يتضمن أى عقوبات أو تنظيم لمسالة الأدوية البيطرية المخدرة بسبب حداثة ظهورها مقارنة بتاريخ القانون، وبالتالى لم يتضمن أى عقاب للأطباء المخالفين لاشتراطات استخدامها.
ومن جانبه قال الدكتور عصام عبد الشكور فرحات، رئيس الإدارة المركزية للخدمات والإرشاد البيطر،ى إنه طبقًا للقانون رقم 127 لسنة 1955 فإن الجهة المسؤولة بالأساس عن تسجيل اللقحات البيطرية والإفراج النهائى والحرز والرقابة عليها هى الإدارة المركزية للصيدليات.
ولكنها لا تقوم بهذا الدور لذلك تصدت الإدارة العامة للخدمات البيطرية بالرقابة والتفتيش ووضع الضوابط اللازمة لتداول الأدوية البيطرية التى تحتوى على مواد مخدرة.
فيما يؤكد الدكتور أحمد كامل، مدير إدارة التفتيش الصيدلى بالإدارة المركزية للصيادلة، أن إدارة التفتيش غير مختصة بالإشراف والرقابة على الوحدات البيطرية.
ويوضح كامل أن الإدارة منوط بها الأشراف المؤسسات الصيدلية الحاصلة على ترخيص من الغدارة المركزية للصيدليات أو من مديريات الشؤون الصحية، أما فيما يخص الأدوية البيطرية فإنها معنية فقط بتسجيل هذه الأدوية واستيرادها والتفتيش على المصانع المنتجة لها وتوزيعها، وغير مختصين بالتفتيش على الوحدات البيطرية.
ومن جانبه يحذر الدكتور عبد الرحمن حماد، المدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، من ظاهرة الاستخدام البشرى للأدوية البيطرية والتى شاعت مؤخرًا للحصول على مخدر الأستروكس بعض خلطها ببعض الأعشاب.
وأوضح حماد: أن الاستخدام البشرى للأدوية البيطرية التى يتم تسريبها من العيادات الخاصة أو الحكومية لها تأثيرات فتاكة على الحالة الصحية بحسب تعبيره، حيث تؤدى إلى الشعور بالنشوة الجنسية وفقدان التركيز والانفصال عن الواقع والهزيان والهلوسة والشعور بالبلادة واللامبالاة، بالإضافة إلى سرعة خفقان القلب، وبعض حالات الإغماء والسكتة القلبية والتشنجات وبعض الأمراض المزمنة،Ê مثل الفشل الكلوى وتليف الكبد.