شكّل الاستعراض جزءا أصيلا من تاريخ السينما المصرية، خاصة فى مرحلة الأربعينيات والخمسينيات، إذ لاقى رواجًا جماهيريًا كبيرا، ولا ننسى أن فيلم "أنشودة الفؤاد" الذى صدر عام 1931 وهو أول فيلم مصرى ناطق كان فيلمًا غنائيًا، وحتى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات لا يكاد يخلو فيلم مصرى من أغنية أو رقصة.
عندما نتحدث عن الاستعراض فى السينما، أول ما يجىء فى ذهننا "فرقة رضا" وما قدمته من فولكلور شعبى تمثل فى أغنيات «حلاوة شمسنا، الأقصر بلدنا، رقصة اللمونة، وغيرها من الأغانى التراثية، تلك الفرقة التى أسسها على رضا الشقيق الأكبر للفنان محمود رضا، والذى ولد فى 17 يوليو 1928 وشارك أخيه الأصغر محمود فى تأسيس أهم الفرق الاستعراضية .
بدأ على رضا كهاوٍ للرقص الإيقاعي، وعمل كمساعد مخرج ومدرب ومصمم رقصات فى عدة أفلام، حيث صمم العديد من الراقصات الشهرية منها "فددادين خمسة"، "الأقصر بلدنا"، وأخرج رضا العديد من الأفلام المصرية الشهرية كـ" قضية عم أحمد (1985)، أسياد وعبيد (1978)، آه يا ليل يا زمن (1977)، يارب توبة (1975)، البنات لازم تتجوز (1973)، حرامى الورقة (1970)، غرام فى الكرنك (1967)، إجازة نصف السنة (1962)، نداء العشاق (1960)، لواحظ (1957)، ربيع الحب (1956)، (قلوب حائرة (1956".
فى السنوات الأخيرة دخلت السينما فى طور جديد اعتمد على الكوميديا والأكشن، على حساب الأعمال الاستعراضية الموسيقية التى تراجعت بشكل كبير إلى حد اختفائها نهائيا، وأرجع أهل الصنعة اندثار هذا النوع من الأفلام لأسباب، منها:
1 - قلة الكفاءات الفنية المتخصصة
يحتاج العمل الاستعراضى إلى فريق عمل متميز فى العناصر الفنية المختلفة مثل الموسيقى والحركة الأدائية والصوت والرقص والديكور والإكسسورات والأزياء، وهذا شىء نادر الوجود فى العاملين بالسينما حاليًا، لذلك فقدت الأفلام متعتها وبهجتها، فالوسط الفنى الآن يفتقد لنموذج مثل محمود رضا الذى كون أول فرقة خاصة بالفنون الشعبية بالاشتراك مع فريدة فهمى، وقدما أفلاما كتبت تاريخا للفيلم الاستعراضى المصرى، فنحن الآن تفتقد النجم الذى يجيد التمثيل والرقص والغناء بالإضافة إلى عدم وجود مؤلفين متخصصين فى كتابة الأفلام الاستعراضية، إذ يفضل معظم الكتاب الدراما والكوميديا.
2 - ارتفاع التكلفة الإنتاجية
يكلف الفيلم الاستعراضى ميزانيات ضخمة تمثل عبئا كبيرا على المخرجين حتى يخرج بالشكل اللائق، ربما يحتاج الأمر إلى تعاون أكثر من جهة لإنتاج عمل استعراضى على مستوى عال، كتعاون المؤسسات الثقافية والآثار والشباب والرياضة لدعم تلك الأفلام، كما كانت الهيئة العامة للسينما تدعم الأفلام الاستعراضية فى الماضى .
3 - عدم تحقيق الأفلام الاستعراضية لإيرادات
تجنب المنتجون الأعمال الاستعراضية الغنائية بدعوى عدم إقبال الجمهور عليها، إذ تحول ذلك النوع من الأفلام إلى ما يشبه المغامرة الفنية، ربما كانت التغيرات الاجتماعية سببا فى تغير ذوق المشاهد لذلك يفضل المنتجون "اللعب فى المضمون"، واستثمار نقودهم فى أفلام الكوميديا أو الأكشن، إلا أنه فى النهاية لم يجد المشاهد الأفلام الاستعراضية من الأساس ليقبل عليها أو يتجنبها.
4 - مشكلات متعلقة بالتقنية
تحتاج الأفلام الموسيقية والاستعراضية تكنولوجيا عالية فى التصوير والمونتاج لمواكبة أحداث التقنيات العالمية، إذ واجهت تلك الأفلام أزمة عدم تزامن الصوت مع الصورة، ويستخدم مخرج العمل أكثر من كاميرا عند تصوير الأغانى والاستعراضات، ودور المونتير هنا مهم للغاية لتجنب هذه المشكلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة