على الرغم من أن العرف القضائى فى قضايا تزوير المحرر العرفى جرى على الحكم بالحبس فى حكم أول درجة ثم تعديله إلى إيقاف التنفيذ فى الاستئناف، إلا أن محكمة أول درجة أصدرت حكماَ بالبراءة فى أحد القضايا وليس محكمة النقض كما هو متعارف عليه، ما يُعد معه حكماَ فريداَ من نوعه.
فقد أصدرت محكمة أول درجة فى القضية المقيدة برقم 9104 لسنة 2018، برئاسة المستشار وائل خشبة، حكما بالبراءة لصالح المحامى بالنقض محمود البدوى كشفت فيه عن الأسباب التى تؤدى إلى حصول المتهم على البراءة فى جريمة تزوير المحررات العرفية المؤثمة بنص المادة 215 عقوبات، حيث اعتبرت أنه لا مجال للقول بتحقق جريمة التزوير فى حالة ما إذا اتفق طرفى المحرر على تعديله، وتم إثبات هذا بأى طريقة من طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود.
وقائع الدعوى
تتحصل وقائع الدعوى في أن النيابة العامة قد أسندت للمتهم "محمود.م" أنه فى 5 يناير 2018 بدائرة مركز السادات قام بتزوير أحدى المحررات العرفية – إيصال أمانة – وكان ذلك بطريق الإضافة والخاص المجني عليها "نادية.م" وهو عالم بذلك وتزويرها على النحو المبين بالأوراق وطالبت عقابه بمقتضى نص المادة 215 من قانون العقوبات.
وبإحدى الجلسات استمعت المحكمة لشاهد المدعية بالحق المدني وهو سعيد محمد، والذي شهد بأنه على معرفة بالمدعية بالحق المدني نتيجة اتجارهما بالدواجن وتم إشراك المتهم في تلك التجارة إلا أنها حققت خسارة وتم تصفية الحسابات فيما بينهم وعلى آثر ذلك قام المتهم بإلزام المدعية بالحق المدني بالتوقيع على الإيصال بالإمضاء والبصمة وبمواجهته بالصورة الضوئية للإيصال سند الجنحة كونه موقع بالإمضاء فقد دون البصمة أصر على كون الإيصال الموقع من المدعية بالحق المدنى تزيل التوقيع بالإمضاء، مضيفاَ أن أصل الدين بمبلغ 120 ألف جنية، وأن المتهم ليس له ثمة مبالغ أخرى لدى المدعية بالحق المدني ولم يتم تحرير آي إيصالات أخرى من قبلها.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت حيث أنه عن الموضوع فمن المقرر قانوناَ وفق نص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية أنه: "يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، ومع ذلك لا يجوز له يبنى حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة، وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به ولا يعول عليه"، كما نصت المادة 304/1 من ذات القانون على أنه: "إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها تحكم المحكمة ببراءة المتهم ويفرج عنه أن كان محبوساَ من أجل هذه الواقعة وحدها".
وبحسب "المحكمة" – جرت أحكام محكمة النقض على: "من المقرر أن مناط العقاب على التزوير فى المحرر العرفي أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادة أطرافه، وكان عقد الشركة موضوع الطعن الماثل فى تكييف الحق هو عقد عرفي اقتصر على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه، فإن الواقعة على هذا النحو ينحسر عنها وصف التزوير ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه ببراءة المطعون ضدهم صحيح القانون ويكون منعي الطاعنة فى هذا الصدد غير سديد".
كما أن المستقر عليه بقضاء النقض أن: "تقدير توافر ركن الضرر فى جريمة التزوير في المحرر العرفي متروك لمحكمة الموضوع وحدها حسبما تراه من ظروف كل دعوى و لا شأن لمحكمة النقض به"، واستقر قضاء النقض على أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب.
ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى هذه الشهادة وتجعلها ركيزة هذا القضاء وتعتبرها جزء مكملاَ لأسباب حكمها وأنها تتفق مع الحقيقة والواقع ومن جماع ما تقدم من أدلة استندت إليها المحكمة وهو استناد سليم لا يجافى المنطق أو القانون وله أصله الثابت بالأوراق فقد استقر فى وجدان المحكمة أن التغيير الذى أحدثه المتهم بإيصال الأمانة سند الجنحة بتعديل قيمة الإيصال تم بناءاَ عن الاتفاق والتراضي بين كل من المتهم والمدعية بالحق المدني مما ينهار معه الركن المادي لجريمة التزوير في محرر عرفي بالإضافة إلى انتفاء الاتفاق والتراضي بين كل من المتهم والمدعية بالحق المدني على علم بذلك التغيير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة