عندما يتولى رئيس جديد للوزراء فى بريطانيا مهام عمله خلفا لتيريزا ماى، ربما يندم على الفور للقيام بهذا العمل الذى لا يحسد عليه. فالساكن الجديد لـ 10 داوننج ستريت سيكون أمامه مهمة واحدة فقط، وهى النجاح فيما فشلت فيه ماى وتحقيق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
ويقول كلا المتنافسين على شغل المنصب؛ بوريس جونسون وجيريمى هانت، إنهما ليس فقط قادران على تأمين اتفاق بريكست جديد، ولكن كلا منهما سيكون قادرا على إقناع عدد كاف من أعضاء البرلمان فى مجلس العموم للتصويت على الاتفاق.
وتقول "سى إن إن" إن هذا الزعم غير مرجح، لأن الموعد النهائى المحدد للبريكست فى الوقت الراهن هو 31 أكتوبر المقبل، والذى يمنح الحكومة البريطانية الجديدة ثلاثة أشهر فقط لتحقيق ما فشلت ماى فى تحقيقه فى ثلاث سنوات.
لكن الوقت المتاح يبدو حتى أقل من هذا، مع الأخذ فى الحسبان فترة العطلة البرلمانية، حيث يحصل أعضاء البرلمان على عطلات أيضا، بالإضافة إلى ثلاثة أسابيع أو ما شابه لا ينعقد فيها مجلس العموم للسماح بالأحزاب السياسية لعقد مؤتمراتهم السنوية. ومع استبعاد العطلات الأسبوعية، يتبقى 30 يوما فقط من الوقت البرلمانى لإجراء تصويت على الاتفاق وكل التشريعات المرتبطة به المطلوبة من أجل إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
ويزعم كل من جونسون وهانت أن بإمكانهما إقناع بروكسل بتغير الاتفاق الذى توصلت إليه ماى مع الاتحاد الأوروبى، والذى يعرف باسم اتفاق الانسحاب. ومن أجل كسب أنصار البريكست فى حزب المحافظين، فإن الاتفاق الجديد سيكون بحاجة إلى إما ترك أو تغيير الجزء المثير للجدل فى الاتفاق المتعلق بالحدود الإيرلندية.
ويزعم أنصار البريكست أنه لو تبنت نهجا أكثر صرامة وهددت بمغادرة الاتحاد الأوروبى بدون اتفاق، فإن بروكسل ستتراجع. لكن لا يوجد ما يشير إلى أن الولايات المتحدة فى مزاج يسمح لها بمنح أى رئيس وزراء جديد أى تنازلات كبيرة. ويشير البعض إلى تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية المقبلة أرسولا فون دير لاين، التى قالت فيها إنها يمكن أن تمد الموعد النهائى لخروج بريطانيا لو أن هناك أسبابا جيدة للقيام بذلك. وهو ما رآه قادة حزب المحافظين على أنه إشارة على خوف الاتحاد الأوروبى من نتيجة الخروج بدون اتفاق وأنها تقوى موقف لندن فى المفاوضات.
وحتى إن صح ذلك، فإن فون دير لاين لن تتولى منصبها قبل الأول من نوفمبر، أى بعد يوم من الموعد النهائى المحدد بالفعل لخروج بريطانيا فى 31 أكتوبر. وهو ما يعنى أن الأمر ليس بيدها، فأى مد للموعد النهائى لابد أن يتم الموافقة عليه من قبل الأعضاء الآخرين الـ 27 فى الاتحاد الأوروبى.
ولو رفض الاتحاد الأوروبى إجراء أى تغييرات، فإن كلا من هانت وجونسون قالا إنهما مستعدان للخروج بدون اتفاق، وهو ما يثير قلق لجميع من كافة الأطياف السياسية.
وكان جونسون، الأوفر حظا للفوز بمنصب رئيس الحكومة، هو الأكثر حديثا عن حل الخروج بدون اتفاق، وقال مرارا إن هدفه هو مغادرة الاتحاد الأووروبى بأى ثمن فى 31 أكتوبر. وبدون اتفاق يمكن أن يقبله البرلمان، فإن هذا يعنى خروج بدون اتفاق.
وكان ميشيل بارنييه كبير مفاوضى الاتحاد الأوروبى فى مسألة خروج بريطانيا قد قال إن تهديدات الخروج دون اتفاق لا تعجبه لكن إذا اختارت بريطانيا هذا المسار فسيكون عليها تحمل العواقب.
وردا على سؤال فى المقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية عما سيحدث إذا مزقت بريطانيا بطاقة عضويتها فى الاتحاد الأوروبى، قال بارنييه "سيكون على المملكة المتحدة تحمل العواقب".
وأضاف "أعتقد أن الجانب البريطانى، وهو مطلع وكفء ويعرف طريقة عملنا فى جانب الاتحاد الأوروبى، كان على علم منذ البداية بأننا لم يعجبنا مطلقا مثل هذا التهديد. واستخدامه ليس مفيدا".
بريطانيا ، بريسكت ، الاتحاد الأوروبى ، البرلمان البريطانى ، بوريس جونسون
وذكر بارنييه، الذى تحدث مع (بى.بي.سى) قبل التنافس الحالى على زعامة حزب المحافظين، أن اتفاق الانسحاب “هو السبيل الوحيد للخروج من الاتحاد الأوروبى بطريقة منظمة”.