شهر كامل ولم تغرد أسراب السائحين فى سماء مدينة الأقصر بعد قرار وقف "رحلات البالون الطائر" من التحليق بسماء محافظة الأقصر، وهى الرحلات الساحرة التى تجذب العشرات من السائحين يوميا للإستمتاع برحلة المغامرات الشهيرة حول العالم ولا تخرج إلا من أرض مطار البالون شرقى الأقصر لملائمة الطقس طوال العام لمثل تلك الرياضات المميزة التى تسودها أجواء خيالية بمشاهدة المعابد الفرعونية وجبال شرق وغرب الأقصر وفى المنتصف نهر النيل العظيم، ومازالت تجرى الإتفاقات المختلفة حاليا بين شركات البالون ووزارة الطيران المدنى وسلطة الطيران لعودة الرحلات.
وفيما يلى يرصد "اليوم السابع" تفاصيل أزمة وقف حركة البالون من الألف للياء، وكافة الشروط التى وضعتها وزارة الطيران المدنى على الشركات لحماية السائحين والرحلات لعدم الإضرار بالسياحة بمصر:
إنحراف بالون بالسماء بداية الأزمة فى 20 يونيو الماضى ووقف حركة البالون حتى الآن
بداية الأزمة كانت بخروج الرحلات فى سماء الأقصر فجر يوم الخميس 20 يونيو الماضى كعادتها اليومية، وخلال طيران إحدى الرحلات بسماء الأقصر تسببت الرياح الشديدة التى ظهرت فجأة فى إنحراف بالون عن منطقة البر الغربى بالأقصر، وجذبته الرياح حتى المدقات الصحراوية بحدود محافظة قنا، ولكن العناية الإلهية وبراعة قائد البالون أنقذت 9 أجانب و2 مصريين كانوا على متن الرحلة التى هبطت بسلام فى الجبال.
وبعد هبوط الرحلة بسلام دون أية إصابات بين السائحين تم توصيل كافة السائحين لفنادقهم بصورة طبيعية، وفى فجر يوم الجمعة قبل إنطلاق الرحلات فوجئت شركات البالون بقرار من سلطة الطيران المدنى بوقف حركة البالون من الإقلاع نهائيا، وحضرت للأقصر لجنة من سلطة الطيران المدنى ومفتشى الطيران لبحث كافة إجراءات السلامة والمهنية والمعايير المختلفة داخل شركات البالون للتأكد من تقديم أفضل خدمة للسائحين وحمايتهم حال تواجدهم بالأقصر للإستمتاع بسحر البالون الطائر، وقامت اللجنة برفع تقريرها على المسئولين لبحث ميعاد عودة الرحلات من جديد ومازالت لم تعود الرحلات حتى الآن بعد مرور شهر على الواقعة التى لم يصاب بها آحد من السائحين الأجانب والركاب.
وأبلغت وزارة الطيران كافة شركات البالون أنه سيتم عقد اجتماع مع وزير الطيران لمناقشة الأسلوب الأمثل لعودة تشغيل رحلات البالون الطائر بالأقصر، وذلك بشروط محددة منها بحث إمكانية إنشاء محطة أرصاد لتتبع الأرصدة الجوية على الإرتفاعات المختلفة بالتنسيق مع شركة المصرية للمطارات على نفقة شركات البالون، بجانب توفير أجهزة لاسلكية لتحقيق الإتصال بين البالون والأرض خلال الطيران، كما سيتم بحث إمكانية تركيب ترايستوندر بالبالون وتوفر إضاءة كاملة لموقع البالون وعمل الكاميرات بأفضل شكل لتغطية موقع البالون، وكذلك تخطيط أرض الإقلاع للبالون وإستخدام بالونة الهيلتون قبل الإقلاع يوميا، وتوفير كافة وسائل الإعاشة بكل رحلة بالون، والتأكيد على الإلتزام بقوانين الطيران والتشريعات والتعليمات الفنية الصادرة من الطيران المدنى لتحقيق السلامة الجوية للجميع.
دورات تدريبية مكثفة لطيارى البالون فى مجالات قانون الطيران والأرصاد الجوية
وبعد لقاءات متنوعة شهدت مكتبة مصر العامة، إطلاق أول أيام فعاليات الدورات التنشيطية لطيارين البالون الطائر بمحافظة الأقصر فى مادتى "الأرصاد الجوية" و"قانون الطيران"، والتى استمرت لمدة أسبوعين كاملين لتقديم أفضل دعم لطيارين البالون بالأقصر، حيث جاءت الدورات بعد قرار من سلطة الطيران المدنى بإلغاء رحلات البالون الطائر، وبالفعل أنهى الطيارون العاملون فى 10 شركات بالون الدورة التدريبية.
وجاءت تلك الدورات عقب اللقاءات المشتركة مع الطيار سامح الحفنى رئيس سلطة الطيران المدنى ومساعديه فى القطاعات المختلفة، وكذلك لقاءات المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر، واللواء طارق علام مدير أمن الأقصر، والطيار وائل النشار رئيس الشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية، والتى تم التأكيد خلالها على دعم ورفع مستوى السلامة فى قطاع البالون المصرى.
حزمة من القرارات من سلطة الطيران المدنى لرفع مستوى البالون بالأقصر قبل عودته
وقالت مصادر بمطار البالون بالأقصر، أن سلطة الطيران المدنى ، أصدرت حزمة من القرارات والتوصيات المختلفة لضمان أفضل خدمة للسائحين المصريين والأجانب لعودة حركة البالون مجدداً، حيث ركزت التوصيات على أعمال الصيانة بموقع إقلاع البالون والاهتمام بالشكل الجمالى للموقع أمام السياح وعشاق سياحة البالون الطائر، منها الإدارى والعلمى والثقافى والفنى.
وأضافت المصادر لـ"اليوم السابع"، أن التوصيات الإدارية ركزت على أعمال صيانة موقع إقلاع البالون والاهتمام الجمالى بشكل وتنظيم المطار، أما التوصيات العلمية والثقافية فقد ركزت على رفع ثقافة الطيارين، حيث أوفدت السلطة نخبة من العلماء بالأرصاد وقانون الطيران لتدريس كل ما هو جديد فى علوم الطيران والبالون تحت إشراف أكاديمية الطيران المدنى المصرى، وتم توفير قاعات للتدريب على مدار أسبوعين متتالين من قبل محافظة الأقصر.
كما شملت التوصيات الفنية ، ضرورة إستخدام التقنيات الحديثة فى البالون مثل تركيب محطة للأرصاد الجوية حديثة فى موقع إقلاع البالون تخدم الطيارين على مدار 24 ساعة للحصول على معلومات دقيقة، بجانب إستخدام جهاز "الترانسبوندر" على البالون لتحديد مكانه فى الجو عن طريق الرادار، وضرورة إستخدام الـGPS لتسجيل الرحلة من حيث الحركة الملاحية كمرجع للسلطة، وكذلك إستخدام برنامج مخصص لطيار البالون ليساعده فى الملاحة الجوية بإستخدام خريطة إلكترونية يكون هذا الجهاز متصل بالأقمار الصناعية ليحدد له سرعة طبقة الهواء وإتجاهها، كما يجرى بحث إستخدام وتركيب كاميرا محدودة البعد علي جسم البالون نفسه لتصوير الرحلة من البداية والنهاية وطريقة تخاطب الطيرا مع برج المراقبة الجوية ومع الركاب مثل "الصندوق الأسود للطائرات"، وهى الإجراءات التي نجحت فيها بعض الدول بتقليل الحوادث ويجرى حالياً تطبيقها فى مصر لخدمة أفضل للسائحين.
سحر البالون وتاريخ انطلاقه بمحافظة الأقصر
وتعتبر رحلات البالون الطائر بسماء مدينة الأقصر، من رحلات السحر والجمال حيث إكتسبت شهرة واسعة حتى جرى إقامة مهرجان دولى للبالون فى المدينة، التى باتت تشتهر بهذا النمط من السياحة، وباتت محل انظار عشاق البالون فى العالم، حيث إستضافت المدينة خلال الفترة الماضية مهرجان دولي للبالون بمشاركة 41 طيارا من 9 دول أوروبية.
وكانت أولى رحلات البالون الطائر فوق سماء مدينة الأقصر، قد أقلعت فى العام 1988، وقادها طيارون بريطانيون كانوا يعملون لصالح شركة فيرجن البريطانية، التى قامت بتأسيس أول شركة بالون فى مصر وكانت الشركة تحمل إسم شركة "بالونزا أوفر ايجبت"، وفى عام 1994 بدأ تأسيس أولى شركات بالون بتمويل وخبرات مصرية، حيث تأسست شركات متنوعة للبالون وسرعان ما وصل عدد الشركات العاملة بسياحة البالون الطائر فى مدينة الأقصر إلي 10 شركات يعمل بها مئات المصريين من طيارين ومهندسين ومصورين وعمال وخلافه.
وتعتبر مصر حسب إتحاد شركات البالون فى الأقصر، من الدول الرائدة فى مجال البالون الطائر، حيث أنها تحتل المركز الثانى عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لما تتمتع به من طقس مستقر، ومناظر طبيعية مبهرة مثل المعابد الفرعونية ونهر النيل الخالد الذى يعانق الجبال والزراعات والآثار المصرية القديمة.