إعادة الاعتبار لـ"حقوق الإنسان".. الحق فى الحياة فى المقدمة.. السكن والتعليم والأمن أولويات.. السيسي أول من تصدى لاستخدام المفاهيم الحقوقية لشرعنة الإرهاب.. وترامب يدعم سيادة الدول على أراضيها كحق أصيل للإنسان

الإثنين، 22 يوليو 2019 09:00 م
إعادة الاعتبار لـ"حقوق الإنسان".. الحق فى الحياة فى المقدمة.. السكن والتعليم والأمن أولويات.. السيسي أول من تصدى لاستخدام المفاهيم الحقوقية لشرعنة الإرهاب.. وترامب يدعم سيادة الدول على أراضيها كحق أصيل للإنسان إعادة الاعتبار لـ"حقوق الإنسان"
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى يبدو فيه مصطلح حقوق الإنسان أحد أكثر المصطلحات السائدة التى يتناولها العديد من القادة والمنظمات، إلا أنه على ما يبدو فقد الهدف الذى خلق من أجله، وهو الحق فى الحياة، بالإضافة إلى الحقوق الأساسية الأخرى، وعلى رأسها السكن والتعليم والأمن، ليصبح المفهوم وسيلة القوى الدولية الانتهازية لإضفاء الشرعية على أذرعهم الإرهابية، وهو الأمر الذى تصدى له الرئيس عبد الفتاح السيسى، بينما دعمه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.

وتثار حالة من الجدل بين الحين والأخر حول مفهوم حقوق الإنسان، فى ظل حرص الغرب على استخدامه لتحقيق المآرب السياسية، للضغط على الأنظمة المخالفة لهم، وهو ما بدا واضحا فى السياسات المتواترة التى تبنتها الولايات المتحدة وحلفائها لعقود طويلة، لتتجلى فى أبهى صورها فى عهد الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، والذى سعى إلى استخدام الورقة الحقوقية لابتزاز الأنظمة، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط لإجبارها على الدوران فى فلكها، خاصة خلال ما يسمى بـ"الربيع العربى".

الورقة الحقوقية حاول الغرب استخدامها بصورة كبيرة فى العديد من المواقف، ليس فقط إبان "الربيع العربى"، ولكن امتدت إلى ما بعد ذلك، فى محاولة لتقويض الاستقرار الذى تمكنت بعض الدول من تحقيقه، وعلى رأسها مصر، فى أعقاب ثورة 30 يونيو، وذلك لإعادتها من جديد إلى "المربع صفر"، حيث سعوا إلى تحويل "عقوق" القتلة والإرهابيين، إلى قضية حقوقية، فأصبحت الحروب المقدسة التى تخوضها جيوش المنطقة لدحض الإرهاب، انتهاكات فى عرفهم، حيث جعلوا منها منطلقا للحديث من جديد عن حقوق الإنسان فى التعامل مع حفنة من الإرهابيين تلوثت أيديهم بدماء الشرفاء من حماة الأوطان والأبرياء من المواطنين.

وهنا تجرد مصطلح "حقوق الإنسان" من أهدافه الإنسانية المجردة، ليمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أصبح أحد آليات الغرب لإضفاء الشرعية على أذرعهم التى تعمل على تحقيق مصالحهم فى مختلف مناطق العالم، ومن بينهم التنظيمات المسلحة التى تعمل على إثارة الفوضى فى دول الشرق الأوسط، والتى سعت إلى استخدامها من أجل إعادة تقسيم دول المنطقة، عبر التذرع بالمفاهيم الحقوقية للتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.

الاستخدام المتواتر لمصطلح "حقوق الإنسان" ربما يثير التساؤلات حول ما إذا كان المفهوم فى حاجة إلى إعادة صياغة، أو ربما إعادة هيكلة، خاصة إذا ما تعارض مع أمن الدول واستقرارها، لتحقيق الأحلام التوسعية للقوى الدولية والإقليمية، وهو الأمر الذى أصبح بمثابة نهج جديدة يتبناه قادة العالم فى المرحلة الراهنة، لمواجهة السياسات التى تهدف إلى إضفاء قدر من الشرعية على الجماعات الإرهابية.

ولعل الرئيس عبد الفتاح السيسى كان فى مقدمة الجبهة التى وضعت على عاتقها مواجهة الاستخدام المغلوط لحقوق الإنسان، وبالتالى إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، حيث أكد فى مناسبات عدة أن المفهوم الحقوقى لا يقتصر على جانبه السياسى، وإنما يمتد إلى ما هو أبعد وأعمق، عبر توفير الحق فى الحياة، باعتباره أول الحقوق، بالإضافة إلى الحق فى الأمن، وحماية الدول من الفوضى، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وانتشال الفقراء من العشوائيات بالإضافة إلى تعزيز الحق فى التعليم والصحة، مؤكدا أن كل هذه الأمور تمثل الجوهر الحقيقى لحقوق الإنسان، والذى يتجاهله الغرب ومنابره الإعلامية، والتى اعتادت استخدام أقلامها لدعم الفوضى وانعدام الاستقرار فى الدول الأخرى لتحقيق أهدافها.

إلا أن المفارقة الجديرة بالملاحظة فى الآونة الراهنة، هو الاستخدام المتزايد للورقة الحقوقية فى الداخل، وهو ما يبدو واضحا فى الولايات المتحدة، والتى شهدت انتقادات كبيرة للرئيس دونالد ترامب، على ما اعتبروه "سلوكا عنصريا"، وهو ما تجلى بوضوح فى تصريحه حول عضوات الكونجرس الأمريكى من ذوى الأصول الأجنبية، والذى أكد خلاله أنه الأجدر بهن إصلاح المناطق التى أتوا منها إذا كانت الأوضاع فى أمريكا لا تروق لهم.

تصريحات ترامب أثارت ضجة كبيرة، حيث اعتبرها دعاة حقوق الإنسان دربا من دروب العنصرية، على اعتبار أن التصريح يطال 4 عضوات ملونات، فى انعكاس صريح على الكيفية التى يحاول بها معارضوه من المنتمين للحزب الديمقراطى استهداف الرئيس الأمريكى مع بداية حملته الانتخابية، استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة، والمقررة فى العام المقبل.

يبدو أن الرئيس الأمريكى لا يأبه بهذا النوع من الانتقادات، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التى يتهم فيها بالعنصرية أو انتهاك حقوق الإنسان، حيث لاحقته من قبل إبان حملته الانتخابية الأولى فى 2016، وكانت النتيجة فى صالحه فى نهاية المطاف، بالإضافة إلى الانتقادات الكبيرة التى واجهها على خلفية موقفه من التدفق الكبير للمهاجرين القادمين من الحدود مع المكسيك، إلا أنه بعيدا عن الأبعاد السياسية للحملة التى تستهدف ترامب، ربما نجد أنه يتبنى رؤية مشابهة لتلك التى أعلن عنها الرئيس السيسى فى العديد من المناسبات.

رؤية ترامب تقوم فى الأساس على تحقيق حماية وأمن المواطن الأمريكى، ورفاهيته الاقتصادية، باعتبارها جوهر حقوق الإنسان، والهدف الذى خلقت من أجله، وبالتالى فإن كافة الإجراءات التى يتخذها تهدف فى الأساس إلى تحقيق ذلك، سواء عبر بناء جداره المثير للجدل على الحدود مع المكسيك، للحد من دخول المهاجرين، والذين يراهم تهديدا صريحا لأمن المواطن الأمريكى وكذلك لوضعه الاقتصادى.

ومن هنا يمكننا القول بأن العالم على أعتاب مرحلة جديدة، ربما تشهد إعادة صياغة المشهد الحقوقى الدولى، بعدما كان مفهوم حقوق الإنسان مسيس بامتياز لتحقيق أهداف القوى الدولية الكبرى، باستخدام ذريعة "الانتهاكات" المزعومة، وهو ما يبدو واضحا حتى فى التعامل الأمريكى مع الخصوم الدوليين، حيث توارت المسائل الحقوقية إلى حد كبير، فى سبيل تحقيق المصالح الأمريكية، والتى تصب فى النهاية فى صالح حقوق الإنسان "الأمريكى"، وهو ما يبدو واضحا فى تجاهل ترامب للمطالب بإثارة قضية حقوق الإنسان فى حديثه مع نظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون، خلال جولاتهم التفاوضية، وهو الأمر الذى لم يعطى له الرئيس الأمريكى بالا.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة