لا شك أن احتلال مصر للمرتبة الثالثة بقائمة مجلة "الإيكونومست" الدورية للنمو الاقتصادى حول العالم، وذلك خلال الربع الأول من عام 2019، يعتبر إنجازا كبيرا ودليلا على أن الاقتصاد يواصل صعوده وكذلك إشارة قوية لنجاح برنامج مصر الإصلاحى، وهو ما يدفنا لتفسير أسباب هذا التقييم المتقدم للاقتصاد المصرى، وكذلك شرح أبعاد هذا التصنيف ودلالاته على الاقتصاد.
ويعتبر احتلال مصر للمرتبة المتقدمة عالميا فى معدلات النمو المسجلة 5.6 %، ليس الإشادة أو الإنجاز الأول للاقتصاد المصرى، لكن كافة المؤسسات الدولية الكبيرة منها مؤسسات اقتصادية عملاقة، على رأسها البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، ومؤسسات التصنيف الدولية شهدت بتحسن الاقتصاد المصرى، وما ترتب على خطوات الإصلاح الاقتصادى من تحسن تصنيف مصر الائتمانى وتقدم مصر فى عدة مؤشرات.
مصر بدأت تطبق برنامج للإصلاح الاقتصادى والتشريعى، بهدف تصحيح الاختلالات الخارجية والداخلية الكبيرة، وزيادة معدلات النمو، وخلق فرص العمل وزيادة الإنفاق على الاستثمارات بشكل غير مسبوق، وهو ما يفسر لنا أسباب تقدم مصر فى مؤشرات النمو العالمية، واحتلال مصر مرتبة متقدمة فى معدلات النمو.
وبالنظر إلى أسباب هذه الفورات التى يشهدها الاقتصاد المصرى، سنجد أن الدولة قامت خلال الأربعة أعوام الماضية بضخ استثمارات عامة تتجاوز 1.5 تريليون جنيه تجنى ثمارها حاليا من خلال التوسع فى إنشاء الطرق والكبارى والمدن الجديدة، ومن متابعة المشروعات التى يتم الانتهاء منها تباعًا، والتى تساهم فى زيادة معدلات النمو القطاعى، وتحسين مؤشرات التنمية المستدامة فى كافة المجالات، كما تسهم هذه الاستثمارات فى تهيئة البنية التحتية اللازمة لتشجيع استثمارات القطاع الخاص المحلى والأجنبى.
كل هذه الاستثمارات والأرقام، انعكست بالطبع على معدلات النمو والبطالة وغيره من المؤشرات الاقتصادية، فالدولة المصرية حققت أعلى معدلاتها للنمو فى أكثر من 10 سنوات، بـ 5.6 % وهو ما يفوق معدلات النمو فى الأسواق الناشئة والدول النامية، ويتميز معدل النمو التصاعدى المحقق أنه يتضمن لأول مرة تحقيق معدلات نمو موجبة فى كل القطاعات الاقتصادية، كما يتضمن تغيرا جذريا فى هيكل النمو الاقتصـــادى المتحقق الذى يقوده الاستثمار وصـافى الصــــادرات بدلاً من الاستهلاك.
جدير بالذكر أن نسبة نمو فى الناتج بـ 1% تتطلب استثمارات للناتج بنسبة 3,1%، لذا فإن تحقيق معدل نمو مستهدف فى عام 19/2020 قدره 6% يتطلب معدل استثمار للناتج بنسبة 18,3%، بالإضافة إلى التوسع فى سوق العمل ليستوعب من 800 إلى 900 فرصة عمل سنوياً لخفض معدل البطالة إلى 9,1%، وأعتقد أن الاقتصاد المصرى لدية القدرات لتحقيق هذه المعدلات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة