تتمتع منطقة كوم الدكة بالإسكندرية، بشهرة واسعة لعدة أسباب تاريخية، لعل أهمها أنها مسقط رأس فنان الشعب "سيد درويش"، ومع اقتراب ذكرى وفاة "درويش" التى تحل يوم 10 سبتمبر القادم تتوجه الأنظار إلى هذا الفنان العظيم الذى تعرض منزله للتهدم والانهيار والإهمال، وأصبح يندثر مع الوقت، فى ظل تجاهل كبير من المسئولين للحفاظ على منزله وتحقيق مطالب أهالى المنطقة والمثقفين بتحويله إلى متحف يحمل مقتنيات وذكريات هذا الفنان العظيم.
ومنذ أن تطأ قدمك منطقة كوم الدكة تشعر بتواجد سيد درويش فى كل شبر منها، فالأهالى يقدسون ذكرى فنان الشعب فى كل زقاق من أزقة المنطقة، حيث يخترق المنطقة شارع طويل أطلق عليه "شارع سيد درويش"، والشارع يلتف فى شكل زجزاج، يشق طريقه وسط "الحوارى" والأزقة الضيقة والتى تقود فى النهاية إلى منزل سيد درويش الذى نال منه الزمن وتركه حطاما، وفى كل زقاق من تلك الأزقة تم وضع صورة جرافيتى أو صورة فوتوغرافية لـ"سيد درويش"، كما أن المقهى المجاور للمنزل قد تحول إلى متحف مصغر من صور مختلفة للفنان سيد درويش.
ويتسم أهالى منطقة "كوم الدكة" بالطيبة، فهم ينتمون إلى طبقة محدودى الدخل، يعملون فى مهن حرفية مختلفة، ولكن يتميز أهالى المنطقة بتقديرهم واعتزازهم بوجود منزل سيد درويش فنان الشعب بها.
وعلى الرغم من محاولة محافظة الإسكندرية، الحفاظ على منطقة كوم الدكة التراثية، من خلال إطلاق الدكتور عبد العزيز قنصوة محافظ الإسكندرية مبادرة "يوم فى حب الإسكندرية" واختيار منطقة كوم الدكة لرفع كفاءة الخدمات بها، إلا أن المبادرة تضمنت نظافة المنطقة ودهان الأرصفة وتجميل الشوارع دون التطرق إلى منزل "سيد درويش".
ورصد "اليوم السابع" مظاهر الإهمال التى يتعرض لها منزل سيد درويش بمسقط رأسه بالإسكندرية، ومطالب أهالى المنطقة بالاهتمام به وتحويله إلى متحف ثقافى.
وقال الحاج محمد شادوف، من أهالى منطقة كوم الدكة، إنه مقيم بالمنطقة بالقرب من منزل سيد درويش منذ أكثر من 70 عاما، وأن المنزل تعرض للإهمال طوال تلك السنوات، فبعد خلوه من السكان تعرض للإهمال والانهيار جزئيا وتدريجيا، حتى أصبح مجرد حطام ومقلب قمامة.
وأضاف الحاج محمد شادوف: أن وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى قد وعد بتحويل المنزل إلى متحف ولكن إلى الآن لم يتم تنفيذ أى من تلك الوعود وما زال المنزل حطاما".
وتابع شادوف: أن المنزل كان قائما منذ 30 عاما ولم يكن بتلك الصورة المتهالكة، حيث كان ما زال عبد الرحمن البحر نجل الفنان العظيم على قيد الحياة، ويقطن على بعد شارعين من منزل والده، وظل يراعى المنزل القديم حتى وفاته، ولكن بعد وفاة نجله تعرض المنزل للإهمال وتحول إلى "خرابة" تحيط به الأغنام والأبقار ويستخدمه السكان "كمنشر غسيل".
وقال إبراهيم عبد العزيز، من أهالى المنطقة أيضا، إننا نعشق أغانى سيد درويش ولا يمكن المرور فى المنطقة دون سماع مقطع منها، فالكل هنا يحتفى به يوميا من خلال إعادة سماع أغانيه، مضيفا أن أهالى المنطقة جميعهم من محدودى الدخل ولا يستطيعون التدخل لحماية المنزل من الانهيار كما أنهم لا يستطيعون التواصل مع الجهات المسئولة بالدولة لإعادة إحياء المنزل الذى لا يليق بتاريخ هذا الفنان العظيم.
وأضاف عبد العزيز: "كنا نتمنى أن يتحول منزل سيد درويش إلى تحفة فنية تحيى تراث المنطقة، يكفى أن النشيد الوطنى للدولة إلى الآن هو من موسيقى فنان الشعب سيد درويش".
من جانبه قال محمد متولى، مدير منطقة الآثار الإسلامية بالإسكندرية والساحل الشمالى، إن مقترح تقديم ملف إلى منظمة اليونيسكو لوضع منطقة "كوم الدكة" فى قائمة المناطق التراثية العالمية لم ير أى جديد، موضحا أن المقترح كان من خلال اللجنة الدائمة للحفاظ على آثار الإسكندرية المشكلة بقرار الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية السابق، مشيرا إلى أن تلك اللجنة لم تجتمع منذ أكثر من 3 سنوات، وانتهت بترك المسئولين للمنصب.
وأوضح "متولى" أن الأوضاع الحالية بعد التطور الكبير الذى شهدته الإسكندرية مؤخرا يسمح بإعادة طرح الملف والقضية، خاصة بعد إنشاء محور المحمودية والذى أصبح يسهل الوصول إلى تلك المناطق التى تضمنتها الملف وهى (كوم الدكة، كوم الشقافة، وعمود السوارى) لوضعها ضمن قائمة التراث العالمى، مؤكدا أن الأمر ما زال يعتبر مبادرة ومقترحا من محافظة الإسكندرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة