التغيير والتطوير من أهم العوامل التى تستند إليها الشعوب النامية كى تصعد لمرتبة الدول المتقدمة، وبما أن التطوير كلمة مطاطة تشمل النواحى الاقتصادية والسياسية وأحيانًا الاجتماعية، وكذلك الفنية، وبما أن مصر كانت ولاتزال هى هوليود الشرق ومنبع الفن العربى التى يعتمد عليها كل فنانى الوطن العربى كى يُكَونوا جماهيريتهم ويطلوا على العالم الخارجى منها، إذن فهى تحمل على أكتافها مسؤولية التطوير والتقدم للأفضل، وبما أننا نتحدث عن التطوير فى عالم السينما، كان لزامًا علينا أن نلقى الضوء على فيلم «كازابلانكا»، والذى يعرض فى السينمات المصرية منذ انطلاق موسم عيد الفطر السينمائى الماضى وكذلك فى بعض الدول العربية ودول الخليج.
فيلم «كازابلانكا».. دون مبالغة يُعد أحد أهم وأبرز الأفلام التى قدمت فى السينما المصرية عبر السنوات الأخيرة من حيث الشكل والمضمون، سواء فى شكل الصورة والإنتاج الضخم وأداء الممثلين وغيره، الذى يجعلك بالفعل أمام سينما مصرية تطورت كثيرًا للأفضل وواكبت التطور الذى يشهده العالم على المستوى التقنى وبالتحديد فى هوليود وبعض دول أوروبا.
الفيلم تبدأ أحداثه بثلاثة أصدقاء هم عمر المُر ويجسده أمير كرارة، وعرابى يجسده عمرو عبد الجليل، ورشيد يجسده إياد نصار، يتم تكليف الثلاثة بمهمة صعبة خطيرة ضد رجال المافيا، وهى الإتيان بسيارة تتواجد على أحد أكبر بواخر دولة المغرب وبالتحديد فى كازابلانكا، وبالفعل تحمل المركب نفس الاسم وهو عنوان الفيلم، هذه السيارة يتواجد بداخلها «علبة ألماظ» بمليارات، ينجح الثلاثة بالفعل فى الحصول على هذه السيارة وتنفيذ هذه المهمة الصعبة للغاية، دون أن يعلموا أن بداخلها بالفعل كنز كبير، يعثر عليه عمرو عبد الجليل بالصدفة، ليأخذه وحده وينزل من السيارة بعد إصابته بطلق نارى فى قدمه، ويذهب «أمير كرارة وإياد نصار»، لرجال المافيا لتسليمهم السيارة ومعه إياد نصار، فيكتشف «رجال المافيا»، أن «الألماظ» لا يتواجد داخل السيارة بعدما حصل عليه «عمرو عبد الجليل» دون علم صديقيه عمر ورشيد، فيدخل الاثنان فى معركة شديدة مع رجال المافيا حتى يهجم البوليس عليهم فالجميع يهرب عدا «أمير كرارة»، والذى يتم القبض عليه ويتم سجنه 3 سنوات بالمغرب، وعقب خروجه تبدأ تصفية الحسابات والمعارك الضارية.
وبعيدًا عن القصة والإطار العام للفيلم الذى صاغه السيناريست هشام هلال بترابط شديد وقماشة تتحمل أجزاء أخرى للفيلم، فنجح بالفعل كل ممثل بالعمل بدءًا من أمير كرارة وعمرو عبد الجليل وإياد نصار والفنانة الكبيرة لبلبة وغادة عادل ومعظم المشاركين بالفيلم من تقديم أدوارهم بشكل يضيف لمسيرتهم الفنية، كل منهم نجح فى الانغماس فى تفاصيل دوره بدءًا من أمير كرارة، الذى ينجح فى كل عمل يقبل عليه فى الحصول على جمهور جديد ينتظر أعماله، فضلًا عن ذكائه فى الاختيار، والذهاب للأعمال التى تتناسب وتتماشى مع إمكانياته الجسدية والتمثيلية، حيث أصبح «كرارة» بالفعل نجم يستند إلى إرادة جماهيرية هى التى صعدت به للقمة الرقمية، واقترب من قلوب الناس بدرجة دفء ملحوظة، وصنع دائرة جماهيرية قابلة دائمًا للاتساع، فهو يحافظ على بنيته الجسدية، ولياقته البدنية، وأيضًا المحافظة على ذكاء الاختيار، لإدراكه بأنه أصبح نجمًا جماهيريًا مطلوبًا وهناك من لهم حق عليه بأن يقدم لهم مايرغبون فى مشاهدته للاستمتاع وهذا حق مشروع لجمهور السينما.
الفنان عمرو عبد الجليل أيضًا الذى قدم دور الشرير بخفة ظل شديدة، وضح عليها بهاراته الخاصة التى تجذب المشاهد بمجرد طلته على الشاشة، أيضًا إياد نصار، وفلسفته فى تقديم أدواره بلمسات خاصة تجعله دائمًا متميزًا عن غيره حتى ولو تشابهت الأدوار.
ظهر أيضًا بالفيلم الدور المتميز للمخرج بيتر ميمى الذى نجح فى عمل توليفة سينمائية فريدة تتنوع خطوطها من الأكشن الذى لايقل عما يقدم فى هوليود وأيضًا الكوميديا التى تحمل خفة الروح المصرية، كذلك قدرته على الجمع بين كم هؤلاء الممثلين المتميزين فى عمل واحد وتوظيفهم بأفضل شكل، أيضًا مدير التصوير حسين عسر والذى قدم صورة تحاكى الأفلام العالمية وكادرات جديدة ومختلفة فى كل مشهد، وكذلك الديكور المختلف لأحمد فايز، ومهندس الصوت محمد الدالى، أيضًا المونتير أحمد حمدى، والاستايلست مى جلال كل هذه الكتيبة نجحت بالفعل فى تقديم عمل يضيف للسينما المصرية، ويجعلنا قادرين على المنافسة والمقارنة بالأفلام العالمية دون خجل، أيضًا شركة سينرجى فيلمز والمنتج وليد منصور والشركات المشاركة قدموا بالفعل إنتاجا ضخما مشرفا يهدف لخدمة صناعة السينما المصرية، وهذا ظهر من خلال الصورة واختيار مواقع تصوير جديدة على السينما، حيث تم تصوير جزء كبير من أحداثه فى دولة المغرب، وهى مقر تصوير عدد كبير من أفلام هوليود التى يتم تصويرها هناك بالفعل.
كل هذه العوامل السابقة مكنت الفيلم من تصدر إيرادات الموسم وتحقيق مبالغ ضخمة سواء فى مصر أو خارجها، بدءًا من أول أيام عرضه مع انطلاق موسم عيد الفطر السينمائى، حيث أصبح الفيلم على أعتاب الوصول لأعلى إيرادات فى تاريخ السينما المصرية حيث يسير بخطى ثابتة لتحقيق رقم قياسى جديد استكمالًا لجملة الأرقام القياسية التى حققها الفيلم منذ طرحه، حيث يفصله على تخطى فيلم «البدلة» للنجم تامر حسنى 2 مليون و300 ألف جنيه فقط، ليتصدر قائمة الأعلى إيرادات فى التاريخ.
واستطاع كازابلانكا الوصول إلى 65 مليون جنيه مستمرًا فى صدارة شباك تذاكر الموسم خلال شهر عرض فقط، بينما يمتلك فيلم «البدلة» الذى يتصدر قائمة أعلى إيرادات فى تاريخ السينما حتى الآن، 67 مليونا و 280 ألف جنيه حصدها خلال موسم عيد الأضحى من عام 2018 ولكن الأخير وصل إلى هذا الرقم بعد فترة عرض تخطت 3 أشهر كاملة فى حين أن «كازابلانكا» يصل لهذا الرقم ويتخطاها فى ثلث المدة.
وتشير معدلات الإيرادات التى يحققها الفيلم بشكل يومى إلى اعتلائه قائمة أعلى الأفلام تحقيقًا للإيرادات فى التاريخ مع حلول الأسبوع المقبل فقط، بل أنه من المتوقع أن تتخطى إيراداته حاجز 70 مليون جنيه فى شباك التذاكر بعد انتهاء الأسبوع الخامس له فى السينمات كأول فيلم مصرى يصل إلى هذا الرقم، ويكون قد حقق رقمًا قياسيًا جديدًا فى تاريخ السينما المصرية.
وخلال شهر من عرض الفيلم استطاع كسر العديد من الأرقام القياسية، حيث حصد 8 ملايين جنيه فى ثانى أيام العيد، ليكسر وقتها الرقم الذى سجله الفيلم نفسه فى أول أيام عيد الفطر وهو 6 ملايين و700 ألف جنيه، بعدما كان الرقم القياسى مسجلًا باسم فيلم «حرب كرموز» لأمير كرارة والذى حقق 6 ملايين و400 ألف فى أحد أيام عيد الفطر من العام الماضى.
الفيلم تأليف هشام هلال وإخراج بيتر ميمى وإنتاج شركة سينرجى فيلمز ووليد منصور والطاهر برودكشن، وبطولة أمير كرارة، وغادة عادل، وعمرو عبد الجليل، وإياد نصار، ولبلبة، ومحمود البزاوى، وأحمد داش، النجم التركى خالد أرغنتش وعدد من النجوم كضيوف شرف وهم مصطفى شعبان ونيللى كريم وبيومى فؤاد وأحمد فهمى وآخرين.