صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة لاكتاب ديوان "حين كانت الأرض قابلة للحياة" للشاعر محمد غازى النجار، وهو الديوان الثانى فى مسيرة الشاعر.
يأتى الديوان فى 120 صفحة، ويضم 32 قصيدة متنوعة فى موضوعاتها وتكنيكاتها الفنية المركّبة، مكتوبة بلغة خاصة مكثّفة غنيّة بالرموز والإيحاءات والإحالات، تتوزع بين الخاص والعام.
وعبر رؤية ثورية شديدة الخصوصية ينطلق الشاعر من داخله نحو العالم، مع نزوع قوى لإعادة تشكيله ببناءات مدهشة، عبر تماس واضح مع الثوابت والتابوهات، ومع الطبيعة فى تجليّاتها المختلفة، ومع التراث العربى والعالمى فى صوره المختلفة فنيا أو أدبيا أو دينيا، واضعا صوب عينيه ثالوث الإنسانية الأعظم العقل والحرية والجمال، مع احتفاء كبير بالألم الذاتي، وتركيز على المعاناة الشديدة التى تصيب المرء عند انتزاعه إنسانيته من قبضة الخرافة المتوحشة والتقاليد الفاشية.
وقد استلهم الشاعر من ثلاث لوحات عالمية للفنانين "فان جوخ" و"إدفارد مونش" و "بيرى بوريل ديل كاسو"، والأخير اختار الشاعر لوحته المشهورة عربيا بـ "الخروج من الإطار" لتكون صورة غلاف ديوانه.
وفى الديوان العديد من الاستدعاءات والإشارات لشخصيات عربية وعالمية، كان لها خصوصية تميّزها أو تأثير بارز عبر مسيرة الحضارة الإنسانية، كـ "هوميروس" و"أبى العلاء المعرّي" و"عباس بن فرناس" و"سيجموند فرويد" و"توماس إليوت" و"فرجينيا وولف" و"نزار قبّاني" وغيرهم.
كما توجد الرموز الأسطورية والخيالية حاضرة، كـ"بوسيدون" إله البحر عند الإغريق، و"سيزيف" المعاقَب من الإلهة، و"أوديب" وعقدته، بالإضافة لـ"إيكاروس" الذى اعتمد عليه الشاعر فى إحدى قصائده المركزية فى الديوان "شبيه إيكاروس"، ونجد فى نفس القصيدة استدعاء لـ"إيزيس" و"حتحور" من الميثولوجيا المصرية القديمة، وأيضا "حنظلة" الشخصية الكاريكاتورية الشهيرة للفنان "ناجى العلي".
ويفتتح الشاعر ديوانه قائلا:
أنا إذا خاصمتْنى فراشةٌ أنكسرُ
وإذا دهسنى قطارٌ أنهضُ متابعًا مَسيري
وفى إحدى قصائده المركزية يقول:
حينَ كانتِ الأنهارُ تجرى فى السماءِ
كأقواسِ قُـزَحْ
وتَصبُّ فى الأرضِ والفضاءِ
ماءَها المُلَوَّنَ فى فرحْ
والأطفالُ يحملونَ صوالجَهمْ علىٰ عروشٍ منْ بهاءِ
بينما المُسِنُّونَ يلتقمونَ أثداءَ المرحْ
كانتِ النجومُ تَنبتُ علىٰ غصونِ الشجرْ
وكُلُّ عمودٍ فى ذراعِهِ قمرْ
حينَ كانَ العُشّاقُ
لا يخشوْنَ عيونَ الناسِ ولا شرورَهمْ
فكُلُّ الناسِ عُشّاقُ
ويتبادلونَ نُورَهمْ
حينَ كانتِ الأرضُ قابلةً للحياةِ
رافضةً للألمْ
كانَ الناسُ يُقبلونَ علىٰ المسرّاتِ
ولا يخشوْنَ تنانينَ العدمْ
ولا أسطورةَ المواتِ
إذْ تتراءىٰ فى الحُلُمْ