مخاوف من نشوب أزمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وبريطانيا بعد تسريب وثائق دبلوماسية موجهة من السفارة البريطانية بواشنطن إلى الخارجية البريطانية، تضمنت انتقادات شديدة للرئيس الأمريكى. ورغم أنها ليست المرة الأولى التى يختلف فيها ترامب مع مسئول بريطانى، حيث كان آخرها المعركة الكلامية التى نشبت بينه وبين عمدة لندن، صادق خان، إلا أن هذه المرة مختلفة نظرا لحساسيتها الدبلوماسية، حتى أنها استدعت فتح تحقيق من جانب الحكومة البريطانية لمعرفة كيفية تسرب هذه الوثائق.
وقالت صحيفة "أيرش تايمز" الأيرلندية إن الحكومة البريطانية ستفتح تحقيقا رسميا حول تسريب المذكرات الدبلوماسية الحساسة التي وصف فيها السفير البريطانى لدى واشنطن، الرئيس الأمريكى بـ"المختل وظيفيًا بشكل فريد" و "غير الكفء" بقيادة دونالد ترامب.
وتفصل الوثائق تفاصيل تقييم سفير المملكة المتحدة لدى الولايات المتحدة كيم داروش لإدارة ترامب من عام 2017 حتى الوقت الحالي وقد تثبت إحراجه الشديد لوزارة الخارجية.
وأدان وزير الدولة للعدل ديفيد جوك التسريب "المشين" ، الذي سيكون الآن موضوع تحقيق في الخدمة المدنية. وقال إن السفراء يجب أن يشعروا بالقدرة على "قول الحقيقة كما يرونها".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: "لقد تم الآن بدء تحقيق رسمي في التسريب". وأصر المسئولون على أن العلاقة مع البيت الأبيض يمكن أن تصمد أمام "السلوك المؤذي" للتسرب ودافع عن أسلوب داروش الصريح.
وتشير المذكرات الدبلوماسية ، التي حصلت عليها "ميل أون لاين" الأحد، إلى أنه من أجل التواصل مع الرئيس: "عليك أن تجعل نقاطك بسيطة ، بل وصريحة".
ومن جانبه، انتقد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، السفير البريطانى لدى بلاده بعد الكشف عن تسريبات دبلوماسية من جانب الأخير وصف فيها ترامب وإدارته بـ"الحمق وضعف الكفاءة".
وقال ترامب، فى تصريحات له أمس تعليقا على ذلك بأن "السفير البريطانى لا يخدم بلاده بالصورة الجيدة"، وأضاف "نحن لسنا من المعجبين بهذا الرجل".
وذكرت بعض المصادر بأن معاونى الرئيس ترامب دعوا إلى إقصاء السفير البريطانى عن عمله بعد تلك التسريبات التى كشفت عنها صحيفة الديلى ميل البريطانية.
ومن جانبه، قال وزير التجارة البريطانى ليام فوكس، الاثنين، إن تسريب مذكرات سرية للسفير قد يضر بالعلاقات.
وأضاف فوكس، الذى يزور واشنطن، أنه سيعتذر لإيفانكا ابنة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التى من المقرر أن يلتقى بها خلال زيارته للولايات المتحدة.
وتابع قائلا: "سأعتذر عن حقيقة أن أيا من عناصر جهاز الخدمة المدنية أو الدوائر السياسية لدينا لم يكن على مستوى توقعاتنا أو توقعات الولايات المتحدة بشأن سلوكها، الذى كان خطأ فى هذه المسألة تحديدا على نحو غير عادى وغير مقبول إطلاقا".
وأضاف مخاطبا راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "التسريبات الخبيثة من هذا النوع غير احترافية ولا أخلاقية ولا وطنية وقد تؤدي حقا إلى إلحاق ضرر بهذه العلاقة وتؤثر بالتالي على مصلحتنا الأمنية الأوسع نطاقا".
وبحسب ما ورد قال السفير كيم داروش إن رئاسة ترامب يمكن أن "تتحطم وتحترق" و"تنتهى بشكل مخزى"، وذلك عن طريق مراسلات سرية ومذكرات إحاطة أُرسلت إلى بريطانيا.
وأوضحت الصحيفة أن الرسالة تضمنت: "لا نعتقد حقًا أن هذه الإدارة ستصبح طبيعية إلى حد كبير؛ أو أقل اختلالا. أو أقل قدرة على عدم التنبؤ؛ أو أقل تمزقا، أو أقل دبلوماسية أو أقل عدم كفاءة وتخبط."
وقالت الصحيفة إن أكثر التعليقات إثارة للجدل التى زُعم أنها صدرت عن داروش وصف ترامب ، الذى استقبلته الملكة خلال زيارة رسمية لبريطانيا الشهر الماضى، بأن "غير كفء".
وزُعم أن مذكرة أُرسلت عقب الزيارة المثيرة للجدل قالت إن الرئيس وفريقه "ذهلوا" من الزيارة، لكنها حذرت من أن بريطانيا قد لا تظل المفضلة كثيرا، لأن "هذه لا تزال أرض أمريكا أولاً".
وبحسب ما ورد كتب أن "الاقتتال الوحشي والفوضى" داخل البيت الأبيض - الذى نُشر على نطاق واسع فى الولايات المتحدة ورفضه ترامب باعتباره "أخبارًا مزيفة" - كان "حقيقيًا فى الغالب".
يعتبر داروش أحد الدبلوماسيين الأكثر خبرة فى بريطانيا الذين بدأ نشرهم فى واشنطن العاصمة فى يناير 2016، قبل فوز ترامب بالرئاسة.
وقالت صحيفة "ميل أون لاين" إن المذكرات، التى من المحتمل أن تكون قد سربها شخص ما داخل الخدمة المدنية المترامية الأطراف فى بريطانيا، تغطى فترة تبدأ فى عام 2017.
فى واحدة من أحدث التقارير التى تم الإبلاغ عنها، والتي تم تقديمها في 22 يونيو، انتقد داروش سياسة ترامب الخارجية المشحونة تجاه إيران، والتى أثارت المخاوف فى عواصم عالمية من صراع عسكرى، باعتبارها "غير متماسكة" و"فوضوية".
وزعم أنه رغم تأكيد الرئيس ترامب بأنه ألغى الضربات الصاروخية الانتقامية ضد النظام الإيرانى بعد إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار خوفا من سقوط 150 إيرانى، إلا أن تصريحاته "غير متسقة".
وأضاف قائلا أنه "من المرجح كان قلقًا بشأن موقفه الذى كان ليبدو عكس وعوده فى حملته الانتخابية لعام 2016"، وخشى تأثير ذلك الانتخابات الرئاسية القادمة.