بألوان خيوطها جذابة ومتداخلة، كانت فى الماضى ستار حماية لمن ترتديها فى الصحراء، هى الأثواب البدوية التقليدية القديمة، التى كانت فى السابق زى بدويات سيناء وفى الحاضر من أغلى وأثمن الملابس التراثية فى عالم "بزنس المشغولات" بين أوساط باعة وزبائن المشغولات القديمة.
ارتفاع قيمة هذه الأثواب أعاد لها روح البقاء و انتشلها من قدم موضتها، وعزز فى نفوس البدويات تراث يفتخرون به لأمهاتهن وجداتهن.
تقول حنان مقيبل، رئيس جمعية تنمية المشروعات الصغيرة بشمال سيناء، ان قيمة أثواب بدويات سيناء هى فى كم ما ينقش عليه من أشكال مطرزة بديعة من نوعها، وقيمة هذا العمل الفريد من نوعه أنه يتم يدويا بالخيط والإبرة ويستغرق من التى تنفذ هذا العمل مدة لا تقل عن 4 أشهر وقد تزيد من العمل المتواصل، وفى بعض الأحيان تشترك أكثر من سيدة فى هذا العمل بالمسئولية عن انجاز جانب منه.
وأضافت، أن الثوب البدوي يسجل فى مصر أنه الأغلى ثمنا بين الملابس التراثية التقليدية القديمة التى تباع لزبائن مصريين وعرب وأجانب بينهن سيدات يعشقن هذه الأثواب لما يميزها من ألوان مكثفة مطرزة بتشكيلات وأنواع ومساحات بعضها يغطي الثوب كله، وهناك زبائن آخرين لها وهم تجار وموردي بضائع البازارات السياحية الذين بدورهم يسوقونها للسائحين الأجانب فى مناطق تواجدهم بالمدن السياحية وخصوصا شرم الشيخ ودهب والغردقة والأقصر، وأصحاب محلات متخصصة فى منطقة الأزهر والحسين وشارع المعز.
وعن كيفية الحصول عليها قالت، إن الأثواب تصنع جميعها يدويا فى مناطق شمال سيناء، وتقوم بهذه المهمة سيدات وفتيات بدويات فى بيوتهن، ويتم التجميع منهن عن طريق جمعيات أهلية ، ومجموعات نسائية يسوقن لهن، كما أن البعض منهن بدأن مؤخرا التسويق عن طريق شبكات التواصل .
وبدورها أوضحت "صبحة سالم"، إحدى السيدات البدويات القائمات على تصنيع هذه الأثواب، أن الإقبال على الشراء بسعر مناسب شجعهن على إحياء تراث جداتهن وأمهاتهن.
وقالت إن موضة ارتداء الأثواب فى سيناء شبه انتهت خلاف العقدين الأخيرين، ولاتزال كل بدوية تحفظ بسر حياكتها.
وأشارت أنهن كسيدات ، يحضرن أدوات التصنيع وهى الأقمشة السوداء والزرقاء، ويتم تثبيت القطع المطرزة عليها، وهى تمتد على طول اليدين والصدر والحجر، بأشكال متعددة لوحدات زخرفية متوارثة وهى تجسد أشكال زهور وأشجار وفراشات أسماك وطيور.
وقالت إنه يتم مسبقا تحديد أجر كل قطعة يتم تطريزها ، وبعد عملية تركيب القطع المطرزة على الثوب يعاد تجهيزه وتسويقه.
وأشارت إلى أن ثمن الثوب يصل فى بعض الأحيان لـ7 آلاف جنيه مصري، وعند بيعه فى البازارات يرتفع لنحو 12 ألف جنيه، وهذه القيمة لما يحمله من قوة تطريز، والسعر قد يتراجع ليصل لنحو من 3 إلى 5 آلاف جنيه وهى الأثواب العادية التى تحمل قليل من قطع مطرزة على اليدين والصدر.
وبدورها قالت زينب العبادى، إحدى المهتمات بالتدريب على حرف التطريز والنسيج التقليدى، أن للأثواب البدوية فى سيناء تاريخ عريق وهى من أهم مفردات تراث سيناء ، وكان فى الماضى لكل قبيلة سيناوية ثوب محدد يتميز عن الأخرى من حيث ألوان خيوطه، وهذه الألوان بعضها حمراء بشكل واضح وأخرى باللون الأزرق والأصفر، تتخللها ألوان أخرى لتميز تشكيلاتها.
وأشارت إلى أن الثوب كان يشكل عنوان لكل سيدة فى الصحراء وحماية لها فهى من غير أن تنطق يبرز هوية قبيلتها بمجرد النظر لألوانه من بعيد، وهو عرف متداول بين أبناء بدو سيناء فى كل مناطقها .
واعتبرت زينب العبادى ان هذا الاهتمام بالثوب البدوى بين أوساط تجار المشغولات التراثية هو هدية لتراث سيناء ليبقى حيا .
وأردفت: هذا الاهتمام عزز أيضا افتخار كثير من سيدات وفتيات سيناء للعودة لارتدائه فى المحافل العامة والمناسبات وهن يفتخرن أنهن يرتدين أغلى ثوب .
وقالت إنها تتمنى مزيد من الاهتمام من الجهات الرسمية بهذه القيمة، من حيث البحث عن السيدات ممن يجدن حرفة صناعته وتشجيعهن على عقد دورات تدريبية للفتيات فى إطار توسيع قاعدة المشروعات الصغيرة وتوفير فرص عمل غير تقليدية، وإقامة معارض مدعمة لعرض الإنتاج ومنع أى استغلال لمن يقمن بالتصنيع لهذه المشغولات من التجار الكبار والوسطاء .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة