يبدو أن تاريخا جديدا يسطره الذهب فى الأسواق، فرغم تقلباته المعتادة خلال السنوات الأخيرة، ارتباطا بالأجواء الاقتصادية وحالة الأسواق الكبرى والناشئة، إلا أنه فى أشد حالاته اضطرابا لم يُحقق معدلات التسعير التى قفز إليها مؤخرا، بزيادة تتجاوز 50 جنيها خلال عدة أسابيع.
القفزة التاريخية التى شهدها المعدن الأصفر، الثلاثاء الماضى، مثلت تحولا كبيرا فى معدلات أدائه، تُضاف إلى تحولات سابقة وقفزات واسعة حققها فى الأسابيع الأخيرة، فبعدما قفز 15 جنيها للجرام قبل أيام، استطاع كسب 10 جنيهات جديدة، ثم 8 جنيهات فى اليوم التالى، ليُسجل أعلى معدلات تسعيره على الإطلاق، بوصول الجرام من عيار 21 إلى 702 جنيها، وهو ما لم يحققه طوال تاريخ تداوله.
لا يتصل الأمر بتحولات أو أمور خاصة بالسوق المحلية، وإنما يعود إلى أوضاع السوق الدولية والضغوط المتزايدة على الاستثمار والأنشطة التجارية، والتوقعات الدائمة بخفض سعر الفائدة على الدولار، وتتضافر كل تلك الأمور لتدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة وأقل اهتزازا، كما تُمثّل مخزنا مستقرا للقيمة، فى مقابل الأسهم والسندات وأذون الخزانة المقومة بالدولار وغيره من العملات.
حالة الضغط الواسعة على سوق الذهب قاد الأسعار إلى اختراق مستوياتها القياسية قبل 6 سنوات، إذ سجلت الأوقية 1524 دولارا أمريكيا، بزيادة 1.3% عن آخر تداول لها، وعن تلك القفزة الواسعة يقول إيهاب واصف، خبير أسواق الذهب ونائب رئيس شعبة المعادن الثمينة فى الغرفة التجارية: إن زيادة الأسعار العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 6 سنوات، وإلى حدّ تاريخى فى تداولات الذهب المحلية، يعود إلى عزوف المستثمرين عن الأصول عالية المخاطر، بسبب القلق المرتبط باحتجاجات هونج كونج وانهيار عملة الأرجنتين، فى ظل تصاعد المخاوف من موجة تباطؤ اقتصادى عالمية.
ويوجد 3 قواعد تحكم أسعار الذهب فى مصر وهى عامل العرض والطلب وسعر أوقية الذهب عالميا والتغيرات التى تطرأ على سعر الدولار، وهى القواعد التى يتم مراعاتها بشكل يومى عند تحديد الأسعار.
ومن جانبه قال نادى نجيب، سكرتير شعبة المعادن النفيسة فى الغرفة التجارية بالقاهرة: إنه لا يوجد متحكم فى الأسعار بسوق الذهب، لأنه يخضع لظاهرة العرض والطلب، أى لا يمكن لتاجر أو مُصنع أن يتحكم فى أسعار المعدن لأن القواعد تحكمه وكذلك لأنه مرتبط بسعر المعدن عالميا.
وأضاف نادى نجيب فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أنه كلما زاد الطلب على الذهب وانخفض المعروض منه كلما ارتفع السعر، فهذه ثوابت عالمية لا يمكن التدخل فيها من قبل التجار، لافتا إلى أن التجار يحسبون السعر من خلال عملية حسابية بضرب السعر العالمى فى سعر الدولار ويتم تحديد الأسعار.
ولفت نادى نجيب أنه لا يوجد فروق واضحة فى الأسعار لدى التجار فى المحافظات، فلا مجال لوجود فارق كبير وكل يوم التجار يتابعون التغيرات فى السعر العالمى ومع المصنعين لمعرفة الأسعار، لكن قلة المعروض وزيادة الطلب تشعل السعر وترفعه بشكل جنونى فى البورصات العالمية.
وفى نفس السياق، قال الدكتور وديع أنطون، عضو شعبة الذهب: إن المتغيرات العالمية هى الحاكم الأول لسعر الذهب فى مصر وفى أى مكان، لكن لدينا سعر الدولار فى البنوك والمصارف يؤدى إلى تغير فى الذهب، مضيفا: إذا رجعنا لفترة عدم ثبات واستقرار سعر الدولار فى مصر قبل التعويم ستجد أن السوق كان مضطربا وتحديد الأسعار كان يتم بصعوبة لوجود أكثر من سعر للدولار، لكن مع هدوء الأوضاع واستقرار سعر العملة الأمريكية فى مصر الأمر أصبح سهلا.
قال الدكتور وصفى، أمين رئيس الشعبة العامة للمصوغات الذهبية فى الاتحاد العام للغرف التجارية: إن كل تاجر لديه شاشة فى المكان الذى يبيع فيه متصل بالإنترنت ويعرف تغير السعر العالمى بشكل لحظى وتتحدد الأسعار وفق التغيرات العالمية، مشيرا إلى أن التجار الصغار فى المحافظات يتواصلون بشكل يومى مع المصنعين لمعرفة أى تغير فى الأسعار طوال الوقت.
وأضاف وصفى أمين لـ«اليوم السابع»: أن عدد محال الذهب فى القطر المصرى 30 ألفا فقط، والغرفة التجارية واتحاد الغرف ليس لديهما صلاحية أو إمكانية تحديد السعر، مشيرا إلى أن التحديد يكون وفق المتغير العالمى، حيث يتم اتصال بين أغلب التجار فى كل المحافظات ومن ثم يتحدد السعر كل يوم، بل وبشكل لحظى فى حالة حدوث تغيرات عالمية.
وأوضح رئيس الشعبة العامة للمصوغات الذهبية فى الاتحاد العام للغرف التجارية، أن هناك بعض الفروقات بين السعر فى بعض المحافظات، ولكن بعد تواصل التجار مع بدء التداول على الذهب يتم إذابة هذه الفوارق والتى لا تصل أبدا لـ5 جنيهات فى كل جرام، فنجد السوق منضبطا بسعر موحد مع وصول الساعة إلى 2 ظهرا.