تواجه عملية ترميم كاتدرائية نوتردام دو باريس العديد من العقبات التى جعلت تسريع إعادة بنائها وترميمها فى أسرع وقت بحد أقصى 5 سنوات، كما طالب رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون أمرا فى غاية الصعوبة، إذ تخلى العديد من الشخصيات عن وعودهم بالتبرعات بالأموال الطائلة التى كانوا قد أعلنوا عنها.
ولم يعد العامل البشرى هو العائق فقط وإنما العوامل البيئية أيضا، حيث تأثر البناء وتتساقط بعض حجارته حتى اليوم، كما مثلت موجة الحرارة التى صربت فرنسا الأسابيع الأخيرة خطورة داهمة على صحة المبنى الذى ما زالت جدرانه مبتلة، إضافة إلى كمية الرصاص الذى تعدت الحد المسموح به مما أدى إلى توقف العمل مؤقتا.
وفى ذلك السياق، كشفت وزارة الثقافة الفرنسية عن حقيقة صادمة تفيد بأن كاتدرائية نوتردام فى باريس لا تزال تواجه خطر الانهيار، نظرا لسقوط مزيد من الحجارة فى صحن البناء.
وأضافت الوزارة الفرنسية أن الضرورة الملحة المرتبطة بمخاطر الانهيار المحتملة هى وحدها التى تبرر وتيرة العمل الحالية.
وفى مواجهة الوضع المأساوى قررت السلطات الفرنسية تحويل ساحة "Parvis" المجاورة للكنيسة لمكان جديد للعبادة بشكل مؤقت، يُسمى بافيليون نوتردام، يسمح فيه للزوار بإقامة الصلاة والتأمل.
وبحسب موقع "surfacema" سيحترم مكان العبادة الجديد شكل الكاتدرائية القوطية مع الحفاظ على بساطتها، مما يضمن أن تظل الكاتدرائية هى النقطة المحورية فى الموقع التاريخي، فضلا عن أنه سيتم استخدام مواد البناء حديثة جدًا وقديمة فى المكان الجديد، حيث ستكون الجدران من ألواح شفافة من مادة البولى كربونات لإضفاء توهج فى جميع الأنحاء، ولكن البنية التحتية ستكون فى المقام الأول من الخشب المتفحم، مما يتيح حماية الخشب من آثار النيران، وبالتالى فإن السبب وراء المأساة التى حصلت أى النار، هو عامل تعزيز وحماية للموقع.
وأعلنت السلطات الفرنسية الشهر الماضى أنه سيتم وقف العمل على تجديد وإعادة بناء كاتدرائية نوتردام دو باريس، لمدة أسبوع، وبحسب ما نشرته صحيفة لوباريزيان فإن سبب وقف استكمال ترميم المعلم التاريخى يرجع إلى ارتفاع منسوب الرصاص فى البئية المحيطة لها، وهو ما يمثل خطر على الصحة العالمة لكل من يعيش أو يبقى لوقت كبير فى نطاقها.
وقال المحافظ الإقليمى ميشيل كادوت: "سيتم (تعليقا مؤقتا) لعمليات الترميم حتى يتم السماح للخبراء والمطورين والشركات المعنية بوضع تدابير حماية معززة ضد التلوث فى هذا الموقع".
وأشار إلى أنه سيتم رفع التدابير الوقائية للعمال الذين يعملون داخل الكاتدرائية، فى تلك البيئة فائقة التلوث، من حيث الملابس الواقية وكيفية التخلص منها والأقنعة وطرق الاستحمام بعد مغادرة المنطقة "الحمراء".
وتواجه كاتدرائية نوتردام تهديد بالانهيار، إثر ارتفاع درجات الحرارة الذى ضرب البلاد من جديد، حيث حذر كبير مهندسى المواقع التاريخية فى فرنسا فيليب فيلينوف من أن ارتفاع درجات الحرارة قد يهدد بانهيار سقف كاتدرائية نوتردام فى باريس بالكامل.
وفى كلمة له لوسائل الإعلام الأربعاء الماضى قال فيلينوف: "إننى قلق للغاية بشأن الموجة الحارة واحتمالات تكرارها".
ولا يزال الكثير من الجدران الحجرية للكاتدرائية مشبعا بالماء، منذ قيام رجال الإطفاء بإخماد حريق نوتردام فى أبريل الماضى، وعلى الرغم من أن أجهزة الاستشعار الموضوعة فى جميع أنحاء الهيكل لم تكشف عن أى حركة بعد، إلا أن فلينوف يخشى انهيار سقف الكاتدرائية لأن الطقس الحار يسرع عملية التجفيف.
جدير بالذكر أنه بعد نحو 4 شهور من نشوب الحريق فلم يدفع أى من رجال الأعمال التبرعات التى قدرت بمئات الملايين من اليورو لإعادة بناء نوتردام.
ولم يتم دفع سوى 80 مليون يورو من أصل 850 مليون يورو التى وعد بها المانحون لإعادة بناء الكاتدرائية التى دمرتها النيران بعد شهرين من الحريق.
وأكد وزير الثقافة الفرنسى، فرانك ريستر، أن سقف كاتدرائية "نوتردام" مهدد دائما بالسقوط بعد استلام 9 بالمائة فقط من أموال التبرع الموعودة إلى غاية يومنا هذا.
ووفقاً لما ذكرته قناة روسيا اليوم، الروسية، تلقت وزارة الثقافة الفرنسية 80 مليون يورو فقط (فى يونيو الماضى) من أموال التبرعات، وهو ما يمثل أقل من 10 بالمئة من مجموع الوعود، التى اقترحت بعد حريق الكاتدرائية التاريخى.
وأكد الوزير الفرنسى أن الكاتدرائية الباريسية "توجد اليوم فى حالة هشة، خاصة على مستوى السقف المقبب الذى لم يتم تأمينه بعد"، مضيفا أن السقف يمكن أن ينهار فى أى لحظة.
وقال الوزير الفرنسى: "إن هنالك احتمالين: قد يكون هنالك أشخاص قطعوا وعودا بالتبرع، لكنهم لن يوفوا بها فى نهاية المطاف، كما أن هنالك آخرين سيمنحون تبرعاتهم تدريجيا مع تقدم أشغال الترميم، وهذا أمر عادي"، وكانت النيران التهمت جزءا من الهيكل الذى يعود إلى القرون الوسطى، وسهم القبة المشيد فى القرن التاسع عشر.
ولا يزال سقف نوتردام مغطى بالقماش المشمع إلى الآن، حيث يقوم أكثر من 100 عامل بإزالة الحطام الناجم عن الحريق وتعزيز الهيكل يوميا، منذ إخماد الحريق. وتسببت هذه الحادثة المأساوية فى حزن جماعى حول العالم، ووعد الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون بإعادة بناء الكاتدرائية البالغ عمرها 850 عاما، فى غضون 5 سنوات.
ووصلت درجات الحرارة فى باريس إلى 39 درجة مئوية يوم الأربعاء، وتجاوزت حاجز الـ42 يوم الخميس، إلا أنها تراجعت إلى حد ما اليوم الجمعة.