يحرص الحجاج المصريين أثناء تواجدهم فى الأراضى المقدسة، على الشرب من مياه زمزم المباركة، ولا يكتفوا بذلك، وإنما لا تخلو أمتعة الحجاج المصريين عند مغادرتهم الديار المقدسة من ماء زمزم، يحملونها إلى بلدانهم كهدايا، يكرمون بها الأهل والأصدقاء، هدية تحمل البركة، وأثرُ من أطهر بقعة على وجه البسيطة، لطالما تاقت النفوس إلى زيارة البيت العتيق، والشرب من معين بئر زمزم خير ماء على وجه الأرض، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
كميات المياه التى يعود بها المصريون لبلادهم كهدية لذويهم، تحمل فى مضمونها معانى كبيرة بخلاف قيمتها أو مهيتها، إلا أن ماء زمزم يظل له وقع خاص فى قلوب المهدى إليهم، وهدية مفضلة للأحباب.
وبات حصول الحجاج المصريين على مياه زمزم سهلاً، بعدما سهل مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم على الحجاج، اقتناء ماء زمزم فى عبوات معدة بشكل صحى وبأحجام مختلفة، فضلاً عن خدمات التغليف وتجهيزها للشحن، وتقديمها فى حلة تحفظ لها خصائصها ومكانتها.
وتتقاطر جموع الحجيج، على نقاط للتوزيع بالمشروع عبر آلية تنظيمية ميسرة، وعلى مدار الـ 24 ساعة للحصول على عبوات ماء زمزم.
ولأن ماء زمزم، ماء شريف مبارك، دل على فضله قوله عليه الصلاة والسلام "ماء زمزم لما شرب له"، وقال "إنها مباركة، إنها طعام طعم"، وزاد "وشفاء سقم" يحرص حجاج بيت الله الحرام على شربها، وإهدائها عند الرجوع إلى ديارهم.
ولماء زمزم قصة تكمن فى مجىء خليل الله إبراهيم عليه السلام وزوجته هاجر المصرية وابنهما إسماعيل إلى مكة المكرمة، وأسكن إبراهيم زوجته وابنه إسماعيل بجوار البيت العتيق، وتركهما هناك، واستبد الظمأ بالسيدة هاجر ورضيعها إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، وراحت تبحث عن الماء، فلم تجد شيئا، وبدأت تركض بين الصفا والمروة، لعلها تجد قوما معهم ماء، فيما كان إسماعيل يصرخ ويدق الأرض برجليه، فأجرى الله سبحانه وتعالى الماء من تحت قدميه.
وسمعت هاجر صوت الماء يتدفق تحت قدمى إسماعيل، فأقبلت عليه، وهى تقول "زم زم"، فبادرت بجمع التراب حول الماء وشربت وسقت رضيعها.
وسميت بئر زمزم بهذا الاسم، لأنه لما فاض منها الماء على وجه الأرض قالت هاجر للماء "زم زم" أى اجتمع يا مبارك ،فاجتمع فسميت زمزم، وقيل لأن هاجر زمت بالتراب، لئلا يأخذ الماء يمينا وشمالا.
ومر بئر زمزم خلال العصور الماضية بالعديد من التطويرات، ففى خلافة هارون الرشيد ضرب فيه عدة أذرع، وكذلك فى خلافة المهدى، وكان بئر زمزم مكشوفا حتى عهد الخليفة المعتصم، وأجريت العديد من الترميمات وأعمال التطوير بعد ذلك.
واهتمت القيادة الرشيدة للمملكة العربية السعودية ببئر زمزم، ففى العام 1377هـ، حينما كانت حكومة المملكة تنفذ التوسعة الأولى فى المطاف، وضع تصميم فريد لبئر زمزم، روعى فيه إزالة ما يضيق على الطائفين، وذلك بوضع بئر زمزم تحت الأرض، وأصبح سقف المبنى مساويًا لأرض المطاف، كما جعل للبئر جدار من الخرسانة مكسو بالرخام.
وتم وضع مجمعات مياه زمزم المبردة فى عدد من المواقع داخل المسجد الحرام وخارجه، من خلال مجمعات مياه زمزم المنتشرة فى جميع أنحاء الحرم، بالإضافة إلى البرادات الموزعة فى مختلف أرجاء الحرم، يتم تعبئتها بصفة مستمرة بمياه زمزم التى يتم تبريدها بالثلج المصنوع من مياه زمزم، فى مصنع خاص أنشئ لهذا الغرض.