لم تكن زيارتى إلى النمسا هذه المرة مجرد زيارة للاستمتاع بجمال وروعة العاصمة فيينا وحسب، بل إنها كانت رحلة عمل أيضا، فتلك المدينة الساحرة التى كانت ولا تزال مصدراً لإلهام المبدعين عبر العصور لم تتوقف قيمتها ومكانتها عند حد الثقافة والفنون باعتبارها بمثابة متحف مفتوح، فالقصور التى تنتشر فى شوارعها يفوح منها عبق التاريخ وتفيض بمعنى الرقى والحضارة التى لا تزال تنبض بالحياة، وأشعر بها وألمسها بوضوح كلما تجولت فى شوارعها التاريخية.
فبين نظافة الشوارع ورعة التنسيق فى الزهور والمزارع ورقى أخلاق ودماثة سلوكيات المجتمع فيها، والذى يجعلها من أهم المقاصد السياحية فى العالم حقا، فإن فيينا الجمال والروعة والأناقة، والحق يقال إن هذه الزيارة من فرط سعادتى بها فإننى أشعر - وبما لا يدع مجالاً للشك - أنها أصبحت بحق تمثل مرحلة فاصلة فى حياتى العملية، حيث حرصت خلالها على القيام بإجراء العديد من الاتصالات مع كبرى الجامعات النمساوية من أجل الاستفادة من خبراتها التعليمية، والتعرف على أحدث ما لديها من نظم وأساليب فى المجال التعليمى والتربوى لتقديمها من خلال جامعة العاصمة، التى هى بمثابة الحلم الذى أسعى إلى تحقيقه فى العاصمة الإدارية الجديدة، والتى من المقرر أن تمنح درجاتها العلمية فى أحدث التخصصات المواكبة لعلوم وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وهو ما يبرز دور وأهمية التعاون مع جامعات العالم، التى تأتى فى مقدمتها جامعات النمسا، حيث تركز على العديد من الجوانب التى أفرزتها الثورة الصناعية الرابعة، تلك الثورة التى تمثِّل الرقمنة الإبداعية القائمة على مزيجٍ من الاختراقات التقنية المتفاعلة تكافلياً عن طريق خوارزميات مبتكرة، وتتمثل مميزات الثورة الصناعية فى دمج التقنيات المادية والرقمية والبيولوجية وطمس الخطوط الفاصلة بينها.
وعلى الرغم من اعتماد الثورة الصناعية الرابعة على البنية التحتية وتقنيات الثورة الصناعية الثالثة إلا أنها تقترح طرقاً جديدةً تماما، بحيث تصبح التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من المجتمع وحتى من أجسامنا البشرية كأفراد المدن الذكية وارتباط حركة الفرد والمجتمع بالشبكة وتكنولوجيا الفضاء الخارجى.
كما تتميز أيضا بالتعلم المتعمق للآلة والأشكال الجديدة للذكاء الاصطناعى، بحيث يصبح المستثمرون والمستهلكون والمواطنون الذين يتبنون ويستخدمون هذه التقنيات فى الحياة اليومية شركاء فى صنعها وتطويرها.
وهنا فى تقديرى الشخصى تكمن أهمية هذا التعاون الذى أسعى نحو تحقيقه مع عدد من جامعات العالم كل حسب الفرع الذى يميز كل جامعة على حدة.
وحينما أتناول جامعة العاصمة فإنها سوف تكون بمثابة نقلة نوعية، سواء من حيث التخصصات أو طرق التدريس التى تعتمد على التقنيات الحديث.
وهذه الجامعة يجرى العمل فيها الآن على قدم وساق، حيث من المقرر أن تشتمل على عدة كليات مختلفة من الجامعات العشر الأوائل على مستوى العالم لتصبح هذه الجامعة الدولية بحق هى رائدة التنوير فى العاصمة الإدارية الجديدة، خاصة أنها تأتى فى إطار ما نقوم به من دعم لمشروعات تنمية التعليم والثقافة فى مصر، وإيماناً منا بأن الرسالة التى تقدمها الجامعة أهم من الربح والخسارة، حيث ستوفر الجامعة الجديدة تدريس كل التخصصات الحديثة فى العالم، وسوف نسعى من خلالها لمنافسة كبرى الجامعات العالمية، خاصة أن الدراسة بالجامعة ترتكز على تخريج دفعات قادرة على المنافسة مع خريجى الجامعات الأجنبية، وهو ما يجعلنا حريصين كل الحرص على أن تشتمل على أكاديمية بحث علمى، نظراً لأهمية البحث العلمى، بجانب العملية التعليمية ودوره فى إضفاء مزيد من التطبيقات النظرية التى يحتاجها العلم، إلى جانب العملية التعليمية ليس فى مرحلة الجامعة وحسب، بل وفى مرحلة ما بعد الجامعة أيضا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة