انهكت الحروب والصراعات بلدا قويا، يعانى حتى الآن من لعنة إراقه دماء ابنائه على يد إخوتهم فى الوطن، أو الغزاه المتغيريين عبر العصور.. فبعد مائة عام من تاريخ استقلال أفغانستان وإنهاء الاحتلال وسيطرة المملكة المتحدة، تحل ذكرى توقيع معاهدة راولبندى، 19 أغسطس 1919، لتذكر هذا الشعب بالآمل فى الاستقرار والهدوء.
فعلى مدار تاريخهم منذ الاستقلال لم ينعم هذا البلد بهدوء ولا باستقرار وأنهكت الحروب والصراعات واحدة من تعد من كبرى الدول الأسيوية سواء من حيث الإمكانيات والمواد الخام والفرص الاقتصادية، ومع هذا يعيش أغلب سكانه تحت خط الفقر.
قالت الأمم المتحدة، أواخر يوليو الماضى، إن 3812 مدنيا أفغانيا على الأقل سقطوا بين قتيل وجريح في النصف الأول من عام 2019 خلال الحرب ضد حركة طالبات وجماعات مسلحة متشددة حسب وصفها، وأن مقاتلي حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية قتلوا 531 أفغانيا وأصابوا 1437 من أول يناير إلى 30 يونيو، والقوات الموالية للحكومة قتلت 717 ، وأصابت 680 آخرين منذ بداية العام وحتى 30 يونيو، بزيادة 31 بالمئة عن الفترة ذاتها في عام 2018، وقتلت 144 امرأة و327 طفلا على الأقل وأصيب أكثر من 1000 بأنحاء البلاد، وأوقعت الضربات الجوية 519 مدنيا بينهم 150 طفلا.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان ريتشارد بينيت، "تظل الحقيقة تتمثل في أن الجهد المخلص لتجنب تضرر المدنيين، ليس فقط بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي بل وبالحد من كثافة القتال، هو السبيل الوحيد لتقليل معاناة المدنيين الأفغان".
أفغانستان حروب مستمرة
بعد انتهاء الحرب الأهلية فى أفغانستان 1996–2001، جلب الإرهاب حرب جديدة فى الدولة المنهكة، حيث غزتها الولايات المتحدة تحت التبرير بانها تسعى للقضاء على تنظيم القاعدة وازالة طالبان من السلطة، عقب هجمات 11 سبتمبر، وحتى الآن لم تقض أمريكا على طالبان ولم تنتصر الحركة فى حربها ضدهم، ولازال الشعب الأفغانى يدفع الثمن وحده وسط حكومة لم تكن قوية للدفاع عنه.
افغانستان
14 ألف جندى أمريكى فى أفغانستان
فى أوائل الشهر الجارى كشفت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية عن استعداد الولايات المتحدة الأمريكية، لسحب آلاف الجنود من الاراضى الافغانية، وذلك في إطار صفقة مبدئية مع حركة طالبان.
وذكر على لسان مسئولون أمريكيون فى التقرير الصحفى، أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تستعد حاليا لسحب آلاف الجنود من أفغانستان في مقابل تنازلات تقدمها حركة طالبان، تتضمن وقف إطلاق النار والتخلى عن تنظيم القاعدة كجزء من صفقة مبدئية لإنهاء الحرب المشتعلة منذ ما يقرب من 18 عامًا، وأن الاتفاق الذى يلزم طالبان ببدء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأفغانية، يمكن أن يخفض عدد القوات الأمريكية هناك من حوالى 14 ألف إلى 8 أو 9 آلاف جندى.
شعب يعيش تحت خط الفقر
بحسب بيانات المركز الإحصائى الأفغانى لعام 2016، فإن نسبة البطالة فى البلاد بلغت 40%، مقارنة بـ35% فى 2015، ما يعتبر فشل آخر لحكومة كابل، ولواشنطن والناتو في نفس الوقت.
ولم تكن المفاجاة فى بيانات المركز الإحصائى فى أفغانستان، الذى أكد أن نسبة البطالة وصلت 40%، وهو ما يعبر عن الواقع فى هذه الأراضى المشتعلة، الذى يبلغ فيها الدخل اليومى 1.5دولار، ليظهر الفقر جليا فى هذه البيانات التى وضعت أغلب أفراد هذا الشعب تحت خط الفقر رسميا.
أفغانستان من أكبر منتجى المخدرات
أمريكا تحارب وداعش يقتل والقاعدة تفجر وصراع على السلطة ووطن من محتل ليد محتل آخر، إلا أنه واحد من أكبر الأوطان المنتج للمخدرات حيث تشير بيانات الحكومة الأفغانية إلى تضاعف إنتاج المخدرات على الأرض الأفغانية.
انتخابات الرئاسة الأفغانية
ويتوقع المسئولون الأمريكيون، وضع الاتفاق مع طالبان فى صيغته النهائية قبيل الانتخابات الرئاسية الأفغانية المقررة في سبتمبر المقبل، على الرغم من تحذيراتهم من احتمالية تأجيل قادة طالبان، الالتزام بالاتفاق، لتستمر التحديات الكبيرة على وضعها الحالي.
الأوضاع التى تمر بها افغانستان تشبه بصورة أو بأخرى ما كانت تعانى منه فى القرن التاسع عشر، على يد المستعمر الإنجليزى، تنزف الدولة ويبقا المستعمر خنجرا فى جسد الشعب الأفغانى، هذه المرة ثوبه الأمريكى ليحتفل أهل أفغانستان بيوم استقلالهم، وهم تحت وطأة مطامع الولايات المتحدة التى تاخذ بالثأر من الإرهاب بتدمير الدولة المنهكة من الأساس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة