تتزامن اليوم السبت، الذكرى الـ29 للغزو العراقى للكويت مع خطوات تقوم بها قيادة البلدين لطى صفحة الماضى وفتح صفحة جديدة لتعزيز العلاقات بين البلدين والتعاون المثمر ولحل المشكلات بالتنسيق والتشاور بين قيادة البلدين.
وبدأ الغزو العراقى للكويت فجر الثاني من أغسطس عام 1990 وهى الذكرى الأليمة التى أصابت الكويتيين بالصدمة والحزن وخيمت المآسى على منازل الكويتيين، ويتطلع الكويتيين لنفض الغبار العالق منذ 29 عاما وفتح صفحة جديدة مع العراق وتعزيز العلاقات الثنائية وترسيخ مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة.
وأعلن الكويتيون رفضهم للغزو العراقى الذى قاده نظام صدام حسين وتوحد الشعب الكويتى صفا واحدا للدفاع عن الكويت وسيادتها، فضلا عن الدعم العربى والدولى الكبير للشعب الكويتى ورفض الغزو العراقى الذى قاده صدام حسين.
وعمد نظام صدام حسين إلى إتباع سياسة الأرض المحروقة خلال غزوه للكويت وعمد إلى حرق 752 بئرا نفطية وإحراق الخنادق التى ملأها بالنفط والألغام لتكون حدا فاصلا بين القوات العراقية وقوات التحالف.
ولعب المسئولون الكويتيون ومنهم الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد والأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله، والأمير الشيخ صباح الأحمد الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك، دورًا كبيرًا، فضلا عن التأييد الشعبي الذي كان له الدور البارز والكبير في كسب تأييد المجتمع الدولي لتحرير الكويت من براثن الغزو العراقي.
أدان المجتمع الدولى جريمة النظام العراقي السابق بحق الكويت وأصدر مجلس الأمن الدولى قرارات حاسمة بدءا بالقرار رقم 660 الذى طالب النظام العراقى حينئذ بالانسحاب فورا، بالإضافة إلى حزمة القرارات التى أصدرها المجلس تحت بند الفصل السابع من الميثاق والقاضية باستخدام القوة لضمان تطبيق القرارات.
وطالبت عدد من الدول العربية والإقليمية النظام العراقى السابق بالانسحاب فورا من الكويت، محملة نظام صدام حسين المسؤولية عما لحق بالكويت من أضرار ناجمة عن عدوانه.
ونجح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد - وزير الخارجية آنذاك - فى حشد التأييد الدبلوماسى العربى والدولى لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية استنادا إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة منذ بداية تسلمه حقيبة وزارة الخارجية عام 1963 ونجاحه في توثيق علاقات دولة الكويت بالأمم المتحدة ومنظماتها ودولها الأعضاء.
ونجحت جهود الشيخ صباح الأحمد الدبلوماسية في كسب الكويت مساندة عالمية وأممية من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولي لطرد المعتدي وتحرير الكويت.
وعقب الغزو أرتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق وتحديدا في الفترة من 1990- 2001 إلى عدة ثوابت قائمة على أساس القرارات الدولية الشرعية الصادرة عن مجلس الأمن التي صدرت أثناء فترة الغزو وقبلها النظام العراقي بقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991.
سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق حتى عام 2003 تميزت بنقطتين مهمتين هما أن النظام العراقى السابق لا يمكن الوثوق به والتعامل معه وأن الشعب العراقى مغلوب على أمره وهو ضحية للنظام الحاكم حينئذ لذلك وقفت الكويت إلى جانب الشعب العراقى باعتباره شعبا عربيًا مسلمًا.
وتتطلع الكويت لتعزيز العلاقات الثنائية مع العراق وتنسيق الجهود المشتركة بين البلدين، وحرص الشيخ صباح الأحمد على زيارة دولة العراق فى يونيو الماضى، وذلك لتعزيز الاتفاقات السابقة بين حكومتى البلدين وحل ما تبقى من أمور عالقة واحدة تلو الأخرى وتذليل العقبات أمام التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وخلال غزو صدام حسين للكويت، قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد فى تلك الفترة "نحن نفرق جيدا بين النظام والشعب العراقى ولا يسعنا إطلاقا أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر"، مؤكدا أن الكويت تساعد الشعب العراقي بعد التحرير بإرسال المعونات خاصة للنازحين من الشمال والجنوب.
وكانت مقولة الشهيرة في 4 أغسطس 1998 التي جاءت ردا على المزاعم العراقية بأن الكويت تقف وراء استمرار العقوبات الدولية على حكومة بغداد الدليل الأكبر والقاطع على الموقف الكويتى: "نحن لسنا دولة عظمى حتى نفرض على مجلس الأمن أن يرفع العقوبات أو يبقيها على العراق"، مؤكدا أن العراقيين الذين يوجدون على أرض الكويت يعيشون فيها بكل تقدير واحترام.
واستنادا إلى المبادئ الإنسانية التي تؤمن بها الكويت حكومة وشعبا انطلقت المساعدات الكويتية إلى شعب العراق منذ عام 1993.
وعقب حرب تحرير العراق عام 2003 سارعت الكويت إلى تقديم العون والإغاثة إلى اللاجئين في هذا البلد حيث تعد الكويت اليوم من أكبر المانحين له.
وفي أبريل 2008 تبرعت الكويت بمبلغ مليون دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدعم عملياتها في مساعدة اللاجئين العراقيين بهدف تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم من غذاء ومأوى وصحة وتعليم.
وفي نوفمبر عام 2010، أعلنت الكويت تقديم مليون دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمساعدة النازحين داخل العراق ومن اضطرتهم الظروف والأوضاع الأمنية إلى النزوح إلى أماكن أخرى.
ونتيجة تزايد أعداد النازحين داخل المدن العراقية وتدهور أوضاعهم نتيجة للصراع الدائر في العراق تقدمت الكويت في 11 يوليو 2014 بتبرع كبير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة يقدر بثلاثة ملايين دولار لعملياتها الإنسانية بالعراق كما قدمت الكويت عام 2015 مبلغا وقدره 200 مليون دولار لإغاثة النازحين هناك أيضا.