تفاصيل جديدة بتحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، تحت إشراف المستشار خالد ضياء الدين، مع صلاح عيسى، عضو مجلس النواب السابق عن دائرة الرمل، وثلاثة آخرين، فى القضية المعروفة إعلاميا بـ"رشوة المقابر"، واتهامهم بتسهيل وتلقى رشوة مالية بلغت نحو 2 مليون جنيه، وذلك بعدما جدد قاضى المعارضات بمحكمة القاهرة الجديدة حبس المتهمين 15 يومًا احتياطيا على ذمة التحقيقات بالقضية.
وحصل "اليوم السابع" على تفاصيل التحقيقات التى تضمنت التحريات الرقابية التكميلية حول المتهمين بالقضية رقم 520 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والتى تسلمها فريق من المحققين بالنيابة، وكشفت بأن النائب السابق صلاح عيسى قام باستغلال نفوذه، كعضو فى مجلس النواب، والمجلس التنفيذى بالإسكندرية، لإنهاء تراخيص جبانات (مقابر) لمتهمين آخرين، واستعمل نفوذه كعضو بمجلس النواب والمجلس التنفيذى بمحافظة الإسكندرية، فى تسهيل وتلقى أموال وعطايا مادية من بعض رجال الأعمال على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات استصدار تراخيص بناء جبانات (مقابر) على قطعة أرض مملوكة لـ"ر. م." و"ل. ف."، نظير مليون جنيه تمت زيادتها إلى مليونى جنيه على سبيل الرشوة.
ووجهت النيابة للمتهمين ارتكاب جرائم الرشوة والتوسط فيها ومنحها، والربح والتربح بطرق غير مشروعة، فنسبت للراشين بالقضية اتهامات تقديم رشوة مالية لموظف عمومى، والتلاعب فى الأوراق الرسمى، والاستيلاء على المال العام، فيما وجهت للمرتشى صلاح عيسى تقاضى مبالغ وعطايا مالية، واستغلال السلطة والوظيفة، والإخلال بواجبات الوظيفة بالمخالفة للقانون، إهدار المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه، وللوسطاء فى الرشوة اتهامات الاشتراك والتوسط فى كل الاتهامات مقابل الرشوة مما أضر بالمال العام، حيث اعترف اثنان من المتهمين وأنكر آخرون.
وواجهت النيابة المتهم الرئيسى بالأحراز المضبوطة من مسكنه ومقر عمله، والتى تضمنت أوراق وأموال، كما واجهت النيابة المتهم ببعض التسجيلات الصوتية التى كشفت عنها الجهات الأمنية، وأنكر المتهم بعض المكالمات واعترف ببعضها، بعدما تسلمت تقرير لجنة خبراء الإذاعة والتليفزيون المنتدبة للتأكد من صحة التسجيلات والأسطوانات، والفيديوهات والمكالمات الصوتية، المحرزة فى القضية.
وأقرا كل من المتهمين رمضان إسماعيل من البسطويسى، وفايق جرجس بما نسب إليهما من اتهام تضمن تقديم مبالغ مالية على سبيل الرشوة للمتهمة سهر الجوهرى مقابل إنهاء إجراءات تراخيص بناء كيانات على قطعة الأرض مملوكة لها بنطاق حى شرق محافظة الإسكندرية، ووقوفهما منها على عرقلة النائب صلاح عيسى لإجراءات استصدار التراخيص محل طلبها دون الوقوف على السبب، فسعيا للتواصل معه إلى تمكن مجدى جمعة، المعروف عنه قربه من عضو مجلس النواب فوعدهم بالتواصل معه وعودة الاتصال به، وقام المتهم فايق جرجس بالتواصل معهم وطلب 300 ألف جنيه لعدم عرقلة إصدار التراخيص دون تدخله فى تسهيل إنهائها، إلا أن المتهمين طلبا منه مساعدتهما فى إصدار التراخيص بصفته عضوا فى المجلس التنفيذى المختص بإصداراه وأنه له نفوذه، الأمر الذى تولى مجدى بإيصاله لعضو مجلس النواب وعاود الاتصال بهما ونقل طلب عضو مجلس النواب مليون جنيه مقابل إبداء رأيه بالموافقة الأمر الذى لاقى قبوله لدى المتهمين، وقاما بتقديم المليون جنيه على دفعات للمدعو مجدى لإيصالها لعضو مجلس النواب، وقام باصطحاب أحد المتهمين لمكتب عضو مجلس النواب لإيصال إحدى الدفعات والتى تقدر بـ150 ألف جنيه ولكن استشاط عضو مجلس النواب غضبا لقلة قيمة الدفعة.
وأفادت التحقيقات بأن مجدى أبلغ مقدمى الرشوة أن عضو مجلس النواب طلب زيادة مبلغ الرشوة لـ2 مليون جنيه بعد أن وافق المجلس التنفيذى للمحافظة على إصدار الرخصة بعد ضغوطات من النائب صلاح عيسى، كما أنه طلب لقاء أحد مقدمى الرشوة بمفرده وقال له إن المبلغ الذى تلقاه منهم مليون ومائتى ألف ولا بد من استكمالها مبلغ الـ2 مليون جنيه.
وأقرت المتهمة سهر إبراهيم خليل على الجوهرى بما نسب إليها من اتهام، وأضافت بوقوفها من المتهم رمضان إسماعيل البسطويسى على طلب "صلاح عيسى - عضو مجلس النواب عن دائرة الرمل بمحافظة الإسكندرية - مبلغ ۲ مليون جنيه أخذ منها عدة دفعات لم تقف على قيمتها" على سبيل الرشوة، مقابل إبداء رأيه بالموافقة على الطلب المقدم منه بالتبرع بجزء من قطعة أرض مملوكه له لمحافظة الإسكندرية وتخصص باقى مساحتها كجبانات، وكذا استعمال نفوذه لدى محافظ الإسكندرية لإنهاء إجراءات استصدار القرار بالموافقة على الطلب المنوه عنه سلفا، فضلا عن توسطه فى أخذ وحيد رضوان - رئيس حى شرق الإسكندرية، مبلغ ۳۰۰ ألف جنيه على سبيل الرشوة.
واستمعت النيابة إلى أقوال الشهود بالقضية، وأقوال مجرى التحريات والضباط الذين تولوا مسئولية ضبط المتهمين بالواقعة، ومواجهة المتهمين بالتحريات التى أثبتتها، والتسجيلات الصوتية التى جرت بينهم نظير حصول المتهمين على قيمة الرشوة، والتى أنكرها المتهم، وتحفظ فريق من الأجهزة الأمنية فى الإسكندرية، على جميع الملفات والأوراق الموجودة فى مكتب ومنزل المتهم الرئيسى، وقرر قاضى المعارضات بمحكمة القاهرة الجديدة تجديد حبس المتهمين 15 يوماً احتياطياٍ على ذمة التحقيقات التى تُجرى معهم بمعرفة النيابة العامة فى القضية.
وكشفت مصادر قانونية بأن جهاز الكسب غير المشروع، برئاسة المستشار عادل السعيد، شكل لجنة من خبراء وزارة العدل، للتحقيق فى تهمتى غسيل الأموال والتربح وتكليف لجنة الفحص والتحقيق بالجهاز فى التحقيق فى القضية، والتى بصددها قامت اللجنة بعمل محاضر وتقارير وجمعت الملفات الخاصة بثروة المتهم وتضخمها بشكل لا يتناسب مع ذمته المالية.
وأضافت "المصادر" بأن قانون العقوبات حدد عدة عقوبات فى قضايا الرشوة، فالمادة 109 اختصت بالمراشى، بأن من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه، وذلك إذا كان العرض حاصلاً لموظف عام، فإذا كان العرض حاصلاً لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتى جنيه، واختص الراشى بالمادة 103 أكدت أن كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء أعمال وظيفته يعد مرتشياً ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به.
ويعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى فى حالة الإنكار، أما فى حالة الإعتراف فنصت المادة 107 من القانون على إعفاء الراشى أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها، ومفاد هذا النص بصريح لفظه وواضح دلالته إن إخبار الراشى أو الوسيط بالجريمة، وكذا اعترافه بها صنوان فى تحقيق العذر المعفى من عقوبة الرشوة، فيقوم أحدهما مقام الآخر فى ترتيب الإعفاء من هذه العقوبة.