تمر اليوم الذكرى الـ1385، على رحيل الصحابى الجليل وأول العشر المبشرين بالجنة أبو بكر الصديق، صاحب النبى محمد (ص) وأول من أمن به، حيث رحل فى جمادى الأولى 13هـ الموافق 23 أغسطس 634م.
و"الصديق" هو أول الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو وزير نبى الإسلام محمد وصاحبه، ورفيقه عند هجرته إلى المدينة المنورة، يَعده أهل السنة والجماعة خير الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثر الصحابة إيماناً وزهداً، وأحب الناس إلى النبي محمد بعد زوجته عائشة.
تولى أبى بكر أمور الدولة الإسلامية بعد وفاة صاحبه خاتم المرسلين، ولعل فترته كانت هامة لأنها التى كان نواة الحكام لمن يأتى بعده، فكيف كان نظام حكمه وهل كانت إدارته ديمقراطية؟
بحسب الأديب الكبير عباس العقاد فى كتابه "عبقرية الصديق": "الديمقراطية ولا ريب هى أقر النظم إلى نظام الحكم فى عهد الصديق"، مشيرًا إلى أنه إذا كانت حكومة الخلافة الأولى بعد رحيل النبى محمد (ص)، لم تقرر الديمقراطية على أساسها العصرى المعروف، فهى لا ريب، قد أبعدت مبادئ الأوتوقراطية (حكم الفرد)، ومبادئ الثيوقراطية (الحكم الدينى)، ومبادئ الأليجاركية (حكم الأقلية)، وسائر المبادئ التى لا تستقيم مع حرية الفرد ومع الفطرة السليمة.
وحول عن شكل الحكومة من حيث علاقتها بشخص الخليفة وخلائقه النفسية فخلائق أبى بكر التى عرفناها دليل عليها: عفة وصدق ودعة وحزم وأناة وكَيس، وكل ما يعهد من هذه الخلائق فهو معهود من الخليفة الاول فى جميع ما حكم به وتولاه.
وجرى حكمه كله على هذه السنة من الرفق والصدق واليقظة والحزم، ومن الكيس والفطنة، ولم يأخذ عليه إلا إحراقه إياس بن عبد ياليل، فى ساعة من ساعات الحدة التى كان يغالبها جهده، حتى غلبته مرة فى عقاب هذا اللص الخاتل السفاح.
ويذكر "العقاد" فى كتابه أن حينما حضر الموت لـ"الصديق" أمر يحصى ما أخذه من بيت المال، فيرد من ماله وأرضه، وقال لعائشة رضى الله عنها: فإذا أنا مت فردى إليهم صحفتهم وعبدهم ولقحتهم ورحالهم، ومما يروى عن عفته أن امرأته اشتهت حلوا واستفضلت من نفقتها فى عدة أيام ما تشتريه به، فلما علم ذلك رد الدريهمات إلى بيت المال وأسقط من نفقته كل يوم ما فضل منها لثمن الحلوى.
وكان حكم الصديق يميل إلى الرفق والأناة والكياسة، غير غافل عن اليقظة والحزم حيثما وجبت يقظة وحزم، فكان يتقصى أخبار الولاة ويسأل الرعبية، فإن وجد ظلامة أنصف المظلوم على سنته التى استنها، وهى أن الكبير صغير حتى يأخذ الحق منه.
ويقال أن كياسته يرجع الفضل إليه فى تغليب مبدأ من أسلم مبادئ القضاء قديما وحديثها، أخذ به رجال المسلمين فى قضائهم واتبعته الحكومات العصرية جميعا فى قضائها، ونعنى به المبدأ الذى يحرم على القاضى أن يحكم بعلمه فى إقامة الحدود، وقد آثره الصديق فقال: لو رأيت رجلا على حد من حدود الله لم آخذه حتى يكون معى شاهدا غيرى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة