أثمرت الاجتماعات الطويلة التى بدأت يوم 22 أغسطس 1965 بين الرئيس جمال عبدالناصر والعاهل السعودى الملك فيصل على «اتفاقية جدة» يوم 24 أغسطس، مثل هذا اليوم - 1965.. «راجع - ذات يوم 22و23 أغسطس 2019».
استهدفت الاتفاقية وضع حد للأزمة اليمنية التى بدأت بإعلان الثورة اليمنية فى 26 سبتمبر 1962، واستجابت مصر لمطالب الثوار بإرسال قوات عسكرية لمساندة الثورة، ودعمت السعودية القوات الملكية، وكانت «اتفاقية جدة»، محاولة لتسوية الأمر كله، ووفقا لسامى شرف مدير مكتب عبدالناصر فى الكتاب الرابع من مذكراته: «لم تنشر هذه الاتفاقية، لكن صدر بيان مشترك عن الاجتماع بين عبد الناصر وفيصل».
قال البيان المشترك: إن الهدف الذى قصد إليه الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل فى مباحثاتهما أيام 22 و23 و24 أغسطس 1965 فى جدة، هو التمكين للإرادة الحرة للشعب اليمنى حتى تكون قادة على خدمة الآمال الكبيرة التى تحدو هذا الشعب العربى المجيد، وتوفير جو السلام الذى يعطى هذه الآمال موضوعيا المناخ الملائم للنمو والازدهار، هذا فضلا عن إزالة كل سبب للخلاف الطارئ بين الجمهورية العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتوثيق الروابط التاريخية بين شعبيهما، وأضاف البيان: فيما يخص علاقات الجمهورية العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بالموقف الحالى فى اليمن، فإن الملك فيصل والرئيس جمال عبدالناصر، بعد الاتصال بكل ممثلى الشعب اليمنى وقواه الوطنية والتعرف إلى رغباتها، يريان أن طريق الحق والأمان لمواجة المسؤولية تجاه الشعب اليمنى وضمانا للهدف الذى قصد إليه من الاجتماع، يتحقق على النحو التالى:
يقرر ويؤكد الشعب اليمنى رأيه فى نوع الحكم الذى يرتضيه لنفسه، فى استفتاء شعبى فى موعد أقصاه 23 نوفمبر 1966، تعتبر المدة الباقية حتى تاريخ الاستفتاء فترة انتقالية بقصد الإعداد والترتيب للاستفتاء المذكور، تتعاون المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية المتحدة فى تشكيل مؤتمر انتقالى يتكون من خمسين عضوا، ويمثل جميع القوى الوطنية وأهل الحل والعقد للشعب اليمنى بعد التشاور مع الفئات اليمنية المختلفة حسبما يتم الاتفاق عليه، ويجتمع المؤتمر فى مدينة «حرض» يوم 23 نوفمبر 1965، وعلى هذا المؤتمر القيام بالمهام التالية:
1-تقرير طريقة الحكم فى فترة الانتقال وحتى إجراء الاستفتاء الشعبى. 2- تقرير شكل وزارة مؤقتة تباشر سلطات الحكم خلال فترة الانتقال. 3- تقرير شكل ونظام الاستفتاء الذى سيتم فى موعد أقصاه 21 نوفمبر 1966 . 4 - تتبنى الحكومتان قرارات المؤتمر الانتقالى اليمنى المذكور وتدعمانه ووتعاونان فى إنجاح تنفيذهما، وتعلنان من الآن قبولهما لوجود لجنة محايدة منهما، للمتابعة والإشراف على الاستفتاء، وذلك فيما إذا رأى المؤتمر ضرورة لوجود مثل هذه اللجنة المحايدة ٥ - تقوم المملكة العربية السعودية على الفور بوقف كل عمليات المساعدة العسكرية بجميع أنواعها أو استخدام أراضى السعودية للعمل ضد اليمن. 6 - تقوم الجمهورية العربية المتحدة بسحب كل قواتها العسكرية من اليمن فى ظرف عشرة أشهر ابتداء من 23 نوفمبر 1965 ٧ - توقف الاشتباكات اليمنية المسلحة فى اليمن فورا، وتشكل لجنة سلام مشتركة من الجانبين تقوم بما يأتى:
1-مراقبة وقف إطلاق النار بواسطة لجان للمراقبة. 2-مراقبة الحدود والموانئ ووقف المساعدات العسكرية بجميع أنواعها، أما المساعدات الغذائية فتتم تحت إشرافها، واللجان المراقبة المذكورة أن تستخدم الأراضى السعودية إذا دعت الضرورة لذلك، والتى توصلها لنقط المراقبة التى سوف يتفق عليها.
تتعاون المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية المتحدة، وتعملان إيجابيا على تأمين تنفيذ هذا الاتفاق، وفرض الاستقرار فى الأراضى اليمنية حتى إعلان نتيجة الاستفتاء، وذلك بتخصيص قوة من الدولتين تستخدمها اللجنة عند اللزوم للقضاء على أى خروج على هذا الاتفاق أو أى عمل على تعطيله وإثارة القلاقل فى سبيل نجاحه، بغية دفع التعاون بين الجمهورية العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على التقدم واجتياز المرحلة الحالية إلى الوضع الطبيعى كما كانت، وكما ينبغى أن تكون عليه بين البلدين، ويتم اتصال مباشر بين الرئيس جمال عبدالناصر وجلالة الملك فيصل لتلافى حدوث أى مصاعب فى طريق تنفيذ هذا الاتفاق».
يؤكد سامى شرف، أن الأمر لم يكن سهلا بعد توقيع الاتفاقية، حيث رفضتها كل الأطراف اليمنية، وأصدر المشير عبد الله السلال «قائد الثورة اليمنية» بيانا، اعتبر فيه: «الاتفاقية تعتبر تدخلال سافرا فى استقلال الجمهورية العربية اليمنية، واعتداء صارخا على سيادتها لكل القوانين الدولية».. يذكر شرف، أن سفارة اليمن فى موسكو طبعت بيان «السلال» ونشرته على نطاق واسع، وقالت: «الاتفاقية المعقودة فى جدة تعتبر سارية على الطرفين الموافقين عليها فقط».. يضيف شرف: «بالنسبة للقبائل، فقد عارضها الجمهوريون، وأيدها الملكيون فى البداية، ثم أعلنوا أنهم يرفضون أى وساطة لإنهاء الحرب ضد النظام الجمهورى، ويطالبون بانسحاب القوات المصرية حفاظا على أرواحها».