فى مارس العام الجارى صدرت اللائحة التنفيذية لقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، والذى يضمن كافة الحقوق والضوابط فى التعامل معهم فى كافة المجالات وبينها الجامعات فى مراحل التعليم العالى، ورغم صغر نسبة من يصلون إلى التعليم من الجامعى من ذوى القدرات الخاصة، وبالتحديد أصحاب الإعاقات الذهنية والفكرية، إلا أن من يصل منهم إلى الدراسة الجامعية يحتاج إلى معاملة ونظام ورعاية خاصة كفلها القانون فى مواده ولائحته التنفيذية.
ومع قرب بداية العام الدراسى الأول بعد صدور اللائحة التنفيذية، فتحت شكوى لأحد الطلاب بجامعة حلوان باب التساؤلات حول أوضاع هؤلاء الطلاب بالجامعات، و لا تمثل الامتحانات بالنسبة لذوى الاحتياجات الخاصة نفس الهاجس الذى يعانى منه الطلاب العاديون، بل هى حمل مضاعف لدى بعض ذوى الاحتياجات الخاصة الذين انضموا للجامعات تحت مسمى نظام الدمج.
حالة طالب بجامعة حلوان تفتح ملف التساؤلاتفهواجس هؤلاء الطلاب يسردها أحدهم ويدعى "أ.س"، و هو طالب فى الصف الأول كلية تجارة جامعة حلوان ، و الذى يعانى من صعوبة فى التعلم الناتج عن اصابته بالصرع بسبب كهرباء زائدة فى المخ، وتتمثل أكثر مخاوف "أس" فى أن مستوى الأسئلة وطبيعتها تناسب الطالب العادى و لا تراعى احتياجاته الخاصة والمتمثلة في صعوبة التعلم
" الأسئلة المقالية لا استطيع أن أجيب عنها كباقئ زملائى" هذه العبارة تلخص الوضع الذى يحاصر الطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة و الذين يعانون من بطء فى التعلم، يستكمل "أ.س" حديثه بأن الامتحانات المقالية و أكمل الاجابات يكون عاجزا عن اجابتها و أن أكثر وسيلة تناسبه وتناسب غيره من الطلاب الذين يعانون من نفس مشكلته هى أسئلة صح وغلط و اختار من متعدد كما كان الحال أثناء دراسته فى مرحلة الثانوية العامة و التى راعت فيها وزارة التربية و التعليم هذه الفئة من الطلاب و كانت الامتحانات تأتى متناسبة مع وضعهم الصحى.
ماذا يعنى الدمج.. وما هى ضوابطه؟
ويعتبر الدمج هو اتاحة الفرص امام الأطفال والطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة بالالتحاق فى النظام التعليمى تأكيدا لمبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع و تعتمد على جمع الطلاب في صفوف تعليم عادية وتقديم الخدمات التربوية المناسبة مع توفير الدعم اللازم لهم بصرف النظر عن الذكاء و الموهبة او الاعاقة و بالفعل حددت وزارة التربية و التعليم الفنى فى قرارها الصادر فى 5 أغسطس 2017 كافة الضوابط التى تسهل على هؤلاء الطلاب العملية التعليمية فى المدارس العادية، يقول "أ.س" : "لم أواجه أى مشكلات تعليمية فى التعليم ما قبل الجامعى خاصة و ان الامتحانات كانت تتناسب مع قدراتى الخاصة"
وطبقا لما هو معروف فان بطء التعلم هو ضعف القدرة العقلية لدى الطفل على مجاراة زملائه وأقرانه فى التحصيل العلمى و الدراسة و تكون نسبة ذكاؤه أقل ممن هم فى عمره، و لكن حالته لم تصل إلى مرحلة الإعاقة الذهنية ( التخلف العقلى)
ووفقا للمادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون ذوى الاعاقة و الاحتياجات الخاصة و الذى وافق عليه مجلس النواب فى 2017 فان بطيئوا التعلم هم التلاميذ الذين يكون التحصيل الدراسى لديهم منخفضا فى جميع المواد الدراسية بشكل عام مع مراعاة القدرة على الاستيعاب بسبب انخفاض معدل الذكاء لديهم .
وطبقا لهذا التعريف تتساءل أمينة (اسم مستعار) والدة "أ.س"، عن معاناة ابنها و من هم فى نفس وضعه قائلة لماذا لا يتم مراعاة هذا الفارق فى مستوى قدرة الطلاب على التحصيل الدراسى و مستوى الذكاء بينهم، و كيف يتساوى الجميع فى مستوى الامتحان و شكله رغم أن ابنى فعليا و طبقا للشهادات الطبية لا يستطيع مجاراة زملائه فى الاجابة على الاسئلة المقالية، كثيرا ما يحتاج ابنى إلى وقت اضافى لكى يستطيع استكمال الامتحان فكيف له بأن يجيب على هذا النوع من الاسئلة".
و أضافتالأم " لا نستطيع القول بأن جميع الأساتذة يضعون الاسئلة بنفس هذا المستوى من التعقيد.ولكن بعضهم ليس علي دراية كافية بنظام الدمج ووضع الطلاب فيه كل حسب حالته
القومى للإعاقة يرد: المشاكل فردية ونتابع حلها.. والجامعات تقدم الدعم
وتوضيحا لأوضاع هؤلاء الطلبة بالجامعات، قالت الدكتور دعاء مبروك مسئول ملف التعليم العالى بالمجلس القومى لرعاية ذوى الإعاقة إن تلك المشاكل فردية وقليلة ولاتمثل ظاهرة على الإطلاق، مؤكدة أن تعامل كافة مؤسسات الدولة وخاصة الجامعات تغيرت جدا خلال الفترة الماضية فى التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة، معترفة ان هناك بعض الأمور التى لازالت قيد التنفيذ مثل التهيئة الهندسية للمنشأت، لكن فيما يخص المناهج والامتحانات فأوضحت أن الامر مختلف، لأنها قضية نسبية تعود إلى أستاذ المادة ولوائح كل كلية.
مشيرة إلى أن تقديم الدعم هو زيادة قدراتهم ومهاراتهم وليس تسهيل حصولهم على شهادات جامعية، مؤكدة أن اولياء الأمور أصبحوا على وعى كامل ويختارون لأبنائهم المجال الذى يناسب نوع ودرجة إعاقتهم، موضحة أن نسبة من يصلون إلى التعليم الجامعى من أصحاب الإعاقات الذهنية ضئيلة جدا خاصة ان الدراسة الجامعة لا تناسب مستوى تحصيل أغلبهم.
أين لجنة متابعة تنفيذ مواد القانون الجديد؟
طبقا للمادة 41 من اللائحة التنفيذية لقانون ذوى الاعاقة والاحتياجات الخاصة تشكل لحنة عليا من وزارة التعليم العالى مختصة بمتابعة ملف الدمج في الجامعات لكن هذه اللجنة لم يتم تشكيلها حتى الآن و السبب حسب كلام الدكتورة دعاء مبروك مسئول ملف التعليم العالى بالمجلس
القومى لشئون الإعاقة هو لاستعداد الوزارات المختلفة لتهيئة الأوضاع داخلها اولا لتنفيذ مواد وبنود القانون بما يتناسب مع إمكاناتها واختصاصاتها، مشيرة إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تشكيل تلك اللجنة لمتابعة كافة الملفات المتعلقة بتطبيق مواد القانون الجديد لرعاية ذوى الإعاقة.
ومن جانبه قال حسن السباعى مدير الجمعية المصرية لرعاية أصحاب ذوى الإعاقة، إن هناك بعض المشاكل التى تواجههم فى الدراسة الجامعية، لكن ليس من بينها ما يتعلق بأصحاب الإعاقات الذهنية لأن عددهم فى الجامعات قليل جدا ولا يكاد يصل للعشرات، وأن أصحاب الإعاقات الحركية والحواس هم من يصل أغلبهم إلى التعليم الجامعى، ويراعون فى اختياراتهم الكليات التى تناسب إعاقتهم ونسبته
رئيس جامعة حلوان : لا يوجد نص قانونى خاص بامتحانات طلاب الدمج
وكشف الدكتور ماجد نجم، رئيس جامعة حلوان، أنه أحال شكوى طلاب الدمج فيما يخص الامتحانات إلى الجهة المختصة بالجامعة، مؤكدا أنه لا يوجد نص قانونى خاص بتصميم امتحانات متخصصة لطلاب الدمج، قائلا: "نراعى أن يكون الامتحان مختلفا عن امتحانات باقى الطلاب للتيسير على أبنائنا من طلاب الدمج".
وأضاف نجم لـ"اليوم السابع"، أن امتحانات طلاب الدمج تحتوى على أسئلة "الاختيار من متعدد بشكل أكبر من غيرها"، قائلا: "نعرف قدرة طالب الدمج وصعوبة الأسئلة المقالية عليه ولذلك نستعين بأنواع أسئلة أخرى مثل الاختيار من متعدد والصح والخطأ والوصل"، مؤكدا أن هذه الأسئلة أصبحت من متطلبات الجودة الخاصة بالامتحانات الطالب العادى وأصبحت نسبة الأسئلة المقالية بامتحانات الطالب العادى 30 % فقط، قائلا: "فكيف تكون الأسئلة المقالية كثيرة بالنسبة لطلاب الدمج؟".
وأشار رئيس جامعة حلوان، إلى أن طلاب الدمج يتم قبولهم فى كليات بعينها مثل الخدمة الاجتماعية والآداب والتربية النوعية، مؤكدا أن قانون تنظيم الجامعات بحاجة إلى استحداث نصوص قانونية خاصة بطلاب الدمج وليس تعديل، قائلا: "القانون يحتاج لإضافة مفيش نص من الأساس عن طلاب الدمج وتعاملهم داخل الكليات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة