سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أغسطس 1981.. اتصال تليفونى مفاجئ من رئاسة الجمهورية لأستاذ بالجامعة الأمريكية للقاء الرئيس السادات

الأربعاء، 28 أغسطس 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أغسطس 1981.. اتصال تليفونى مفاجئ من رئاسة الجمهورية لأستاذ بالجامعة الأمريكية للقاء الرئيس السادات السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انشغل الدكتور سعد الدين إبراهيم، الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بتجهيز عدة أوراق قصيرة حول المسائل الداخلية المصرية والعربية والدولية يوم 28 أغسطس - مثل هذا اليوم - 1981، لتكون محل نقاش فى لقائه بالرئيس السادات، أو تركها للرئيس توضيحا لوجهة نظره، حسبما يذكر فى مذكراته إعداد السيد الحرانى، مؤكدا: «كان شائعا عن الرئيس السادات أنه ليس مغرما بالقراءة».
 
كان موعد اللقاء يوم 29 أغسطس 1981، وفقا للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «خريف الغضب».. ويكشف «إبراهيم» ظروفه ومقدماته: «بعد ظهر الخميس الأخير من أغسطس 1981، فوجئت بمكالمة هاتفية قدم فيها المتحدث نفسه كأحد سكرتارية رئيس الجمهورية، معلنا أن الرئيس السادات حدد لى موعد للقائه فى الثانية عشرة ظهر يوم السبت باستراحته الصيفية بالمنتزه فى الإسكندرية، سألت صاحب الصوت: هل يعلم سبب المقابلة أو موضوعها أو طولها أو من سيحضرها معى ومع الرئيس؟، وكانت إجابته أنه ليس لديه معلومات أو تعليمات أخرى.
 
يتذكر «إبراهيم» رد فعله: «ظللت بجانب التليفون بمسكنى لعدة دقائق فيما يشبه الذهول، ولاحظت ذلك زوجتى التى كانت تعد المائدة لغذاء صيفى خفيف لها ولى حيث كنا وحدنا.. سألتنى مابى؟ ومن كان على التليفون؟ وكنت مازلت مذهولا شاردا وأضرب أخماسا فى أسداس حول هذا الاستدعاء الرئاسى المفاجئ والغامض، وذكرت لها فحوى المكالمة، وتعجبت هى الأخرى أن يطلب رئيس الجمهورية مقابلتى، ويتصل مكتبه بى لأول مرة منذ عودتى إلى مصر عام 1975.. كان «إبراهيم» مقيما فى أمريكا منذ أن سافر إليها فى بعثة دراسية عام 1962. يؤكد «إبراهيم»، أنه استعرض وزوجته عدة بواعث للمقابلة، وانتهيا إلى أنه من المستحب خلال الأربعة وعشرين ساعة التالية، إعداد أوراق قصيرة حول رؤيته لعدد من المسائل الداخلية والعربية والدولية يمكن أن تكون محل نقاش، مضيفا: «إذا لم تكن هذه المسائل موضع نقاش فى المقابل، فيمكن تركها للرئيس توضيحا لوجهة نظره وكان شائعا عن الرئيس السادات أنه ليس مغرما بالقراءة».
 
يعود «إبراهيم» بذاكرته إلى عام 1966، أثناء بعثته الدراسية فى أمريكا، وكان السادات رئيسا لمجلس الأمة «البرلمان»، وسافر إلى أمريكا فى زيارة.. يتذكر: «رغم أن الغرض الأساسى المعلن كان زيارة الكونجرس الأمريكى والاطلاع على طرق عمله، والأدوات المساعدة له وما إلى ذلك، فقد رغب أن يقوم بجولة فى الولايات المتحدة، وطلبت منى السفارة المصرية فى واشنطن أن أرتب لبعض هذه اللقاءات خارج واشنطن، وفعلا رتبت مع فروع منظمة الطلبة العرب ثلاث لقاءات للسادات فى كاليفورنيا».
 
يتذكر «إبراهيم» اللقاء الذى تم فى قاعة الجامعة بمدينة «بيركلى فى سان فرانسيسكو»: كان حشد كبير من الطلبة المصريين والعرب فى انتظارنا فى أحد قاعات الجامعة، وعند دخولنا حياة الطلبة بالتصفيق، يضيف، أنه رحب بالضيف الكبير، وأشاد بتاريخه النضالى منذ الأربعينيات، وشكر الحضور وخاصة الذين أتوا من مدن أخرى، ثم قدم الضيف لبدء اللقاء المفتوح.. يتذكر: تحدث السادات بلغة عربية فصحى عن الأوضاع فى مصر والمنطقة، وعن محاولات مؤتمرات القمة العربية لرأب الصدع فى الصف العربى، وعن مشروع تحويل مجرى نهر الأردن عند قرب منابعه من سوريا، بحيث لا يدخل إسرائيل، ثم توقف بعد حوالى أربعين دقيقة، وطلب أن يسمع من الطلبة، وفعلا أسمعوه ما يجب وما لا يجب أن يسمعه، وكانت أسئلة وتعليقات الطلبة المصريين هى الأشد نقدا، ودام اللقاء حوالى ساعتين أعقبه حفل استقبال استمر ساعة.
 
اصطحب «إبراهيم» السادات مرة أخرى إلى الفندق الذى يقيم فيه، ويكشف ما دار بينهما فى السيارة: تصورت أن السادات سيعلق على بعض ما دار فى اللقاء خاصة التعليقات النقدية، ولكنه لم يفعل، وانصب حديثه فى العودة كما فى القدوم على عظمة أمريكا، وكان يستفسر منى أو من القنصل المصرى فى سان فرانسيسكو عن بعض المعالم التى نمر بها، ثم يعلق على المعلومات بتعبير متكرر: ما شاء الله، ما شاء الله، ما هذه العظمة.. يعترف «إبراهيم» بضيقه من هذا الانبهار، قائلا: لأننا كطلبة كنا جزء من ثورة الشباب الجامعى الناقد فى أواخر الستينيات، أحسست ببعض الضيق من انبهار الضيف بالمظاهر المادية للحياة الأمريكية، فحاولت أن أذكره مرتين بأمريكا الأخرى، حيث يوجد ثلاثون مليونا تحت خط الفقر وعشرون مليون زنجى مضطهدين، وحرب فيتنام وبشاعة ما تحدثه لشعب من شعوب العالم الثالث، فكان الرجل يستدرك ويقول شيئا من قبيل: «أعوذ بالله، أو، هم ناس مفتريين فعلا، ثم سرعان ما يعود إلى تعبيرات الانبهار بالحياة الأمريكية، وودعت السادات ولم أتصور فى ذلك اليوم أننى أودع رئيس مصر القادم».
 
استدعى «إبراهيم» كل ذلك، وفى اليوم التالى كان اللقاء، فماذا حدث فيه؟  






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة