- ألكسندر فولكوف: الجودة بالنسبة لنا هى معايير الأمان.. ونمتلك أكثر من 30% من سوق الطاقة النووية فى العالم
فى قلب العاصمة الروسية موسكو، وعلى بعد دقائق من منطقة وسط المدينة، تقع شركة أتوم ستروى أكسبو، أحد أهم شركات مؤسسة روساتوم العالمية، التى تتولى إنشاء مفاعل الضبعة النووى فى مصر، وفق أحدث تكنولوجيا بناء مفاعلات الماء المضغوط فى العالم.
«اليوم السابع» كانت فى قلب الحدث من داخل شركة أتوم ستروى الروسية، وتابعت مراحل التجهيز والإنشاء للمحطات الجديدة من خلال نموذج مصغر يحاكى التنفيذ على أرض الواقع ومزود بخطة زمنية محددة لكل مراحل البناء حتى التشغيل.
كان لنا لقاءات مع مسؤولين وخبراء داخل الشركة من أجل التعرف على دورة العمل، وكيفية مواجهة أى تحديات أومشكلات تتعلق بالتصميم أوالتنفيذ أوالتشغيل الفعلى بعد إنهاء المحطة النووية.
البداية كانت من مدخل المبنى الكبير مع الكسندر فولكوف، كبير المهندسين فى قسم التنفيذ الخارجى والترويج التكنولوجى فى شركة أتوم ستروى أكسبو، الذى أكد أن الشركة تتولى تصميم المفاعلات المتطورة والمنشآت الخاصة بها، بالإضافة إلى مفاعلات الطاقة المحدودة للمدن الصغيرة، وتمكنت من تأسيس وبناء 31 محطة نووية فى العالم حتى الآن.
وأوضح فولكوف أن المفاعل النووى حجمه الحقيقى يقترب من مبنى مكون من 5 أدوار، ويتم تأسيسه من 320 طنا من معادن متطورة، ويعتمد بصورة مبسطة على تسخين الماء وتحويله إلى بخار ثم إلى الوحدات التوربينية والمولدات، وتستمر الدورة بصورة منتظمة لمرات عديدة، مشيرا إلى أن المفاعلات النووية الحديثة VVER - 1200 مصممة للتعامل مع أى رد فعل داخلى أوخارجى، وهناك دائما حلول لأى عقبات أومشكلات فى دورة العمل، موضحا أنه على سبيل المثال، لوحدث تصدع فى المبنى الرئيسى للمفاعل، وبدأت الأبخرة فى التصاعد، يتم التحكم فيها من خلال فتحة كبيرة أسفل مبنى المفاعل، التى بدورها تمتص البخار وتنهى المشكلة تماما.
وأشار فولكفوف إلى أن قبة المفاعل من الخارج مكونة من طبقتين عازلتين من الأسمنت المسلح، يصل سمكها إلى متر، بما يحقق تماما مهمة العزل لكل ما هو بالداخل ومنع أى تسرب، موضحا أن المفاعلات التى تبنيها الشركة الآن لديها القدرة على تحمل اصطدام طائرة من طراز بوينج 707 دون أن يتعرض المبنى لأى خلل أويحدث تسرب للخارج من أى نوع.
وكشف فولكوف أن شركة أتوم ستروى أكسبو تعمل الآن وفق أحدث تقنيات للتصميم فى العالم، وهذه التقنية تمكنهم من السيطرة على ٣١ محطة نووية فى بلاد وقارات مختلفة من العالم، لافتا إلى أن التقنية التى ابتكرتها الشركة تعرف باسم «مالتى دى» وتعتمد بصورة مباشرة على مثلث له ثلاثة أضلاع هى الوقت ومعدلات الإنجاز والتكلفة، ولا يمكن التقصير فى أى من هذه الأضلاع على حساب الأخرى، ارتباطا بمبدأ مهم تعتمد عليه الشركة، وهو أن الجودة تتمثل فى الأمان النووى والخطوة الأساسية التى تقوم عليها المفاعلات النووية فى الوقت الراهن.
وأشار مسؤول الشركة الروسية، التى تعتبر جزءا من مؤسسة روساتوم العملاقة فى مجال تكنولوجيا الطاقة النووية، إلى أنه دائما ما نهتم ببناء أكثر من محطة فى مكان واحد، وبعد عام أوعامين من توقيع العقود، نبدأ فى بناء المفاعل الذى يسير من خلال جدول محدد باليوم والساعة، قائلا: حتى نتمكن من بناء مفاعل نووى بصورة علمية صحيحة، لا بد أن تكون كل البيانات متاحة ومتوفرة حول طبيعة المكان واحتياجات العميل، والقدرات الفنية المتاحة، وكل صغيرة وكبيرة داخل المشروع.
وأضاف المسؤول الروسى:«لدينا 3 معاهد للتصميم والابتكار الهندسى فى مجال المفاعلات النووية، الأول فى موسكو، الثانى فى نيجى نوف جراد، والثالث فى سان بطرسبورج، وكل هذه المعاهد تعمل من خلال تقنية «مالتى دى» التى تقدم صورة كاملة لكل ما يحدث داخل المحطة النووية فى مختلف مراحل التنفيذ، موضحا أن التصميم السليم يمنع أى مشكلات فى التنفيذ، وأن تكنولوجيا «مالتى دى» تظهر أى مشكلات فى التصميم.
وأكد فولكوف: تقنية «مالتى دى» لا تعتمد فقط على أبعاد محددة، مثل البعد الثالث أوالرابع أوحتى السادس، بل تصل إلى البعد الثامن والتاسع، موضحا أن نظام مالتى دى تم اعتماده دوليا وأثبت قدرة مذهلة على العمل بكفاءة.
وكشف الكسندر فولكوف أن كل ما يخص الأمان النووى لا يمكن أن يتم وضعه على التابليت أواللاب توب، ويتم الاعتماد على التصميمات الورقية فى مراحل البناء والإعداد، كأحد إجراءات الأمن والسلامة، قائلا:«فى بداية عمل المحطة يجب أن يتم فصل كل أجهزة الإنترنت والواى فاى واللاب توب، لأنها من الممكن أن تؤثر على مسار العمل، وهذا يدفعنا دائما إلى توجيه تنبيهات وتحذيرات بهذا الخصوص.
وأشار مسؤول شركة أتوم ستروى، المنفذة للإنشاءات الهندسية فى مفاعل الضبعة، أن كل وحدة طاقة جديدة أومحطة نووية، يتم عمل مكتب لها، ويتم الاختيار بعناية شديدة من أصحاب الخبرات فى بناء محطات الطاقة ويكونوا جميعا مساعدين لرئيس الشركة، كاشفا أن هناك من 40 إلى 60 شخصا يتم اختيارهم فى الوحدة، ومن 200 إلى 250 شخصا فى المحطة ككل للمشاركة فى كل المراحل الخاصة بالمشروع.
وهى معقدة جدا وتشمل كل التفاصيل الفنية المتعلقة بمشروعات الطاقة النووية، بما فى ذلك «الحنفيات» التى يتم تركيبها فى المشروع، وكل التفاصيل التى سوف تكون فيما بعد دستور التشغيل والإدارة داخل المفاعل.
من جانبها، تقول ناديجدا لوبانوفا، خبيرة التطوير التكنولوجى فى شركة أتوم ستروى أكسبو، أن تقنية مالتى دى تقدم نموذجا متكاملا لإدارة دورة العمل فى المنشآت النووية، وتتيح تغطية احتياجات المتخصصين فى جميع مراحل ودورة عمر المحطات النووية من بداية الأنشطة التعاقدية والتصاميم وعملية الإعداد وأعمال البناء والتركيب والصيانة والإصلاح، وقبل وقف التشغيل، مشيرة إلى أن هناك حوالى مليون إطار زمنى محدد يتم العمل داخله عند تأسيس وبناء المحطات النووية، ويتم تحديد هذه الأطر والالتزام بها بصورة كاملة من أجل التأكد من أن كل مهمة تتم فى الوقت المحدد لها، وبمعايير الأمان والسلامة والجودة التى تعتمد عليها الشركة فى الوقت الراهن.
وتوضح ناديجدا على هامش زيارة «اليوم السابع» لشركة أتوم ستروى، المصممة للإنشاءات الهندسية الخاصة بمفاعل الضبعة النووى، أن أى اختلاف فى توقيتات تنفيذ المشروع أوالمهام الخاصة به تظهر فى الجداول الخاصة بتكنولوجيا المالتى دى، من خلال لون مختلف عن باقى الجدول حتى تكون مؤشرا بأن هناك خللا ما حدث فى هذه المهمة، مؤكدة أن النظام لا يقبل الخطأ ولا يمكن العبور إلى أى مرحلة جديدة دون الانتهاء من السابقة لها بنسبة نجاح 100%، حتى نضمن أعلى درجة من معدلات الأمان فى العالم.
وتعتبر شركة أتوم ستروى بمثابة القسم الهندسى لمؤسسة روس أتوم التى تتولى بناء محطة الضبعة النووية فى مصر، المنتظر أن تتكون من 4 مفاعلات ويبدأ تشغيلها فى عام 2026، وتتولى الشركة بناء المحطات النووية العملاقة ذات القدرات الكبيرة فى الأسواق الدولية والروسية وتضع معايير صارمة الجودة والسلامة. وتمثل نحو30% من السوق العالمية لبناء المحطات النووية فى العالم ولديها حافظة أعمال تشمل 31 محطة طاقة نووية منها 4 محطات داخل الاتحاد الروسى، و27 مفاعلا فى 11 دولة حول العالم، وسوف تنضم إليهم مصر بعد إتمام بناء المفاعل الأول فى 2026، وقد بلغ حجم أعمالها نحو83.8 مليار دولار خلال عام 2019.
وتوفر شركة أتوم ستروى، خدمات إدارة المشروعات وتحديث المنشآت الهندسية المعقدة مثل تصميم وبناء المحطات، وخدمات إدارة هذه المشروعات باستخدام منصة رقمية متعددة الأبعاد، التى تعرف باسم مالتى دى، فى مشروعات مفاعلات طراز VVER التى تنتمى للجيل الثالث المطور إلى جانب تأسيس مشروعات نووية بكفاءة تفوق مصادر الطاقة التقليدية من حيث المنافسة فى تكلفة إنتاج الطاقة، وتكاليف التشييد.
ويعتبر مفاعل الضبعة النووى من فئة مفاعلات الماء المضغوط والمعروف باسم VVER - 1200 يحتوى على خاصية الضبط الذاتى، فعندما تزيد درجة حرارة سائل التبريد أوطاقة المفاعل تنخفض شدة تفاعل السلسلة فى القلب وتتناقص قوة المفاعل، بما يضمن عدم حدوث أى تسرب إلى الخارج.