سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 أغسطس 1981.. الرئيس السادات يقترح دعوة مائة مثقف عربى لمناظرتهم حول «مبادرة السلام»

الجمعة، 30 أغسطس 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 30 أغسطس 1981.. الرئيس السادات يقترح دعوة مائة مثقف عربى لمناظرتهم حول «مبادرة السلام» أنور السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تدخلت السيدة جيهان السادات أكثر من مرة لتلطيف المناخ بين زوجها الرئيس السادات،  والدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية فى لقاء 29 أغسطس 1981،  فى المنتزه بالإسكندرية،  حسبما يكشف «إبراهيم» فى مذكراته للكاتب والباحث «السيد الحرانى».. «راجع،  ذات يوم،  28 و29 أغسطس 2019».
 
تحكم الرئيس فى درجة سخونة اللقاء،  ووضع ضيفه فى موقف الدفاع كل الوقت تقريبا وفقا لاعتراف إبراهيم،  كاشفا: «كان الاستثناء هو تقريظه لأفكار محاضرتى فى لقاء العاملين مع إدارة الرئيس ريجان،  وتمنياته أن يكونوا استفادوا من الدرس الذى لقنته مصر للسوفيت،  وهو ما أوحى إلىّ بأن رحلته إلى الولايات المتحدة لم تكن موفقة،  وسألته عن الرحلة ورغم إجاباته الغامضة إلا أنها أكدت لى ما استخلصته».
 
يؤكد «إبراهيم» أنه تعرض لسخرية السادات،  قائلا: «فى كل مرة كان يستفسر فيها عن أى شىء كتبته،  كان يبدأ بعبارات مثل: «ما هو الكلام الفارغ الذى كتبته عن الجماعة الإسلامية؟،  أو ما هى التخريفات التى ترددها عن المصالحة العربية؟،  وابتداء من ثلث اللقاء بدأت أجيب بسخرية مهذبة مثل «فى هذا الموضوع كان كلامى فارغ جدا،  لا يستحق أن أردده على مسامعكم أو كانت تخاريفى فى هذه المسألة من قبيل شطحات الحشاشين،  وحينما تكرر ذلك منى بدأ يداعبنى قليلا بأن يطلب أن أذكر أحد التخاريف،  ويتركنى أتحدث وهو شارد ينظر للبحر ولا تلتقى عيناه بعينى إلا فيما ندر،  وكنت أختبر ما إذا كان ينصت أم لا بالتوقف فجأة،  فيباغتنى بسؤال أو تعليق أو يتعجل بقية ما بدأت الحديث فيه».
 
تحدث السادات من منتصف اللقاء إلى نهايته أكثر من ضيفه،  وكشف عن أمور خطيرة مما أدهش إبراهيم،  كشف عن أنه ينوى التنكيل بشخصيات مثل «فؤاد سراج الدين باشا» والبابا شنودة،  ومحمد حسنين هيكل وعمر التلمسانى مرشد الإخوان.. يعلق إبراهيم: «فى داخلى اعتقدت أن الرئيس لا يمكن أن يفعل،  لأنه لو كان ينوى ذلك فعلًا لما ذكره بهذه الخفة أمام شخص مثلى لا يعرفه جيدا،  ولكنه حينما استطرد وبدأت ألمس شيئا من الجدية فيما ينتويه،  بدأت أستوقفه وأتطوع برأيى فى خطوة ما وهو على وشك الإقدام عليه».
 
طرح السادات فكرة قبل نهاية اللقاء،  قال بصوت جاد: «إذا أردت أن تخدم بلدك مصر والأمة العربية التى تكتب عنها كثيرا،  فلتقم بالإعداد لمؤتمر تجمع فيه ما تعتقد أنت أنهم أهم مائة مثقف عربى من المحيط إلى الخليج لكى أواجههم فى حوار أو مساجلة أو محاكمة حول المبادرة السلمية «مع إسرائيل» التى قمت بها من أربع سنوات «19 نوفمبر 1977»،  فإما أن يقنعونى أو أقنعتهم،  هل يمكن أن تفعل ذلك؟».. يكشف إبراهيم: «لولا ملامح الجدية على وجه الرئيس والسيدة جيهان لتصورته أنه يهذى،  وقد ساورنى خاطر هذيانه عدة مرات،  أثناء هذا اللقاء الطويل المرهق،  فقلت للرئيس يمكن أن أحاول،  ومتى وأين تريدون سيادتكم هذا اللقاء؟ فأجاب: فى أى مكان وفى أى وقت تتفقون عليه سواء داخل أو خارج مصر،  ويمكن لى ولهم أن نتوجه إليه بلا قيود أو رزالات».
نظر الرئيس لساعته وهب واقفا،  معلنا أن الساعة هى الثالثة،  قائلا: «هذا موعد رياضة مشيى اليومية وعفوا إذا كنت قد أطلت وأثقلت عليك، ولكنى لا أتناول الغذاء، وأرجو أن تتناوله مع جيهان».. يتذكر إبراهيم: «لم ينتظر إجابتى، وصافحنى، وانطلق فى مشية سريعة على الشاطئ، وسارعت السيدة جيهان بطلب أن نتوجه سويا للاستراحة لتناول غذاء خفيف، ولم تفلح محاولات الاعتذار من جانبى».. يكشف: «كان على المائدة صديقتيها، الدكتورة زينب السبكى والدكتورة فرخندة حسن، وجلسنا ساعتين أخريين ضحكنا فيها، واستمعت إلى ثرثرة الثلاثة وآرائهن فى عدد من الشخصيات العامة، أهمها وزير الداخلية اللواء النبوى إسماعيل، الذى أطلقن عليه لقب «ترافولتا»، وعبد الرازق عبد المجيد وزير الاقتصاد الذى أطلقن عليه اسم «إيرهارد» نسبة إلى الوزير الألمانى الذى أعاد بناء الاقتصاد الألمانى بعد الحرب العالمية الثانية، وكان ذلك طبعا بسخرية كبيرة».
 
سأل «إبراهيم»، عن مدى جدية اقتراح مؤتمر المثقفين، فردت جيهان بأنه واجب التنفيذ، فأخبرها عن سفره إلى رودس غدا «30 أغسطس – مثل هذا اليوم 1981» لحضور مؤتمر سيحضره مفكرون عرب، ويمكن أن يختبر الأمر معهم.. يؤكد: «فرحت وطلبت «شتلات تين» تأتى من هناك، وكتبت فى ورقة اسم الشتلة، ورقم تليفونها الخاص لأتصل بها بعد عودتى».. يكشف أن ثلاثة كانوا معه هم، تحسين بشير، سيد ياسين، على الدين هلال، وأخبرهم بالأمر، فتحمسوا،  يكشف: «فى اليوم الأول والثانى للمؤتمر تحمس زملاء العرب، من لبنان والأردن وترحيبا من حيث المبدأ».. يؤكد إبراهيم، أنه فى اليومين الثالث والرابع أصيبت جهوده بنكسة، بعد أن وصلت للمؤتمر أخبار القبض على عدد كبير من الشخصيات المصرية المعروفة قبل أن يلقى السادات خطابه يوم 5 سبتمبر1981.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة