أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن قرار رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون ، تعليق البرلمان الشهر المقبل قد أثار موجة جديد من الارتباك فى محاولات بريطانيا الفوضوية بالفعل للانفصال عن الاتحاد الأوروبى، بينما لم يضع إجابة واضحة لسؤال ما إذا كان البريكست سيتم بالفعل فى نهاية أكتوبر المقبل.
وقال جونسون ، إنه يفضل أن تغادر بريطانيا باتفاق "بريكست" يتم العمل عليه مجددا، لكن فى حال الفشل سيكون الخروج هو السيناريو الوحيد على أية حال. وقد أقسم معارضوه على إزالة أى احتمال للمغادرة بدون اتفاق لأنه سيكون كارثيا من الناحية الاقتصادية. وما يزيد الارتباك، كما تقول الصحيفة، أن ما سيحدث فى المرحلة القادمة سيعتمد ليس فقط على المعركة بين جونسون ومعارضيه فى البرلمان، ولكن أيضا مرونة قيادة الاتحاد الأوروبى التى لم تنضب بعد، وربما على قرار من محكمة بريطانية أيضا ، ووضعت الصحيفة الأمريكية ستة نتائج محتملة قبل الوصول إلى موعد البريكست المقرر فى 31 أكتوبر المقبل وهى:
1- يتولى نواب البرلمان المسئولية
أعضاء البرلمان لا يتفقون حول أغلب الأمور المتعلقة ببريكست، لكن أغلبهم يعارضون خيار الخروج بدون اتفاق الذى يعتبرونه مدمرا، ويريدون استبعاده. وبتعلقيه البرلمان لعدة أسابيع حاسمة، فقد جعل جونسون هذا الأمر صعبا. لكنه حفز خصومه للتحرك، وألمحت زعيمة الديمقراطيين الأحرار فى مقابلة مع "بى بى سى" إلى أنهم ربما يقلدون جونسون باستخدام إجراء غامض لم تحدده لوقف البريكست بدون اتفاق.
2- الخيار النووى للبرلمان
لو فشل نواب البرلمان فى إصدار قانون ضد بريكست بدون اتفاق، فيمكنهم اللجوء إلى السلاح الأخير وهو التحرك لإجراء تصويت سحب الثقة والإطاحة بجونسون من منصبه. فى الوقت الراهن، لا يبدو أن لديهم الأصوات الكافية لذلك. لكن حتى لو لديهم، فربما لن يحل هذا مشكلتهم.
القانون يدعو إلى تشكيل حكومة جديدة فى غضون أسبوعين أو إجراء انتخابات عامة. وربما يكون أحد الخيارات تشكيل حكومة تسيير أعمال تطلب فى النهاية تأجيل آخر للبريكست من أجل توفير مزيد من الوقت لإجراء انتخابات. والمشكلة هى أن قادة المعارضة لا يستطيعون الاتفاق على رئيس حكومة تسيير الأعمال. فجيريمى كوربين زعيم حزب العمال هو الخيار الطبيعى فى هذه الحالة، لكنه يسارى للغاية وطالما انتقد الاتحاد الأوروبى، ومن ثم فإنه ليس محل ثقة من جانب معارضى البريكست الأقوياء.
وربما يفضل البعض شخصية وسطية أكثر، ربما الوزير المحافظ السابق كينيث كلارك. لكن هذا سيتطلب موافقة كوربين على التنحى جانبا، لأن تصويت سحب الثقة قد لا ينجح بدون دعمه.
وحتى لو فعل، يظل بيد جونسون حيلة أخرى، تحدث عنها أنصاره مرارا. فقد يرفض الاستقالة ثم يحدد موعدا لانتخابات عامة فى نوفمبر فى محاولة للمضى قدما لتنفيذ بريكست بدون اتفاق فى الموعد المحدد، حيث لا يوجد بند فى القانون البريطانى يجبر رئيس الوزراء على التنحى فورا.
3- إجراء انتخابات مبكرة:
لو نجح نواب البرلمان فى تمرير قانون سريعا يمنع بريكست بدون اتفاق قبل تعليق البرلمان، فربما يحاول جونسون تفاديهم مجددا بالدعوة إلى انتخابات عامة. ويكون هذا أمر محفوف بالمخاطر، لكنه بحاجة إلى إجراء انتخابات على أية حال لأن لديه أغلبية واضحة فى البرلمان تتفوق بمقعد واحد فقط، وهو هامش ضئل للغاية لتوفير الارتياح لأى حكومة. ولو عقدت انتخابات قريبا، فسيخوضها جونسون على الأرجح كبطل للشعب ضد البرلمان العازم على عرقلة نتيجة استفتاء 2016. وتقول إحدى النظريات أن جونسون قد يجرى الانتخابات فى 17 أكتوبر، مما يسمح له فى حال فوزه بالذهاب إلى قمة الاتحاد الأوروبى فى اليوم التالى بتفويض جديد ، لكن تظل هناك عقبة، فلو دعا إلى انتخابات، سيكون بحاجة إلى دعم ثلثين أعضاء مجلس العموم، ومن ثم يحتاج إلى أصوات المعارضة.
4- إتمام بريكست باتفاق مع الاتحاد الأوروبى
لا أحد يعتقد أن هذا الخيار أمامه فرصة كبيرة، كما تقول نيويورك تايمز. فقد صوت البرلمان من قبل ثلاث مرات ضد اتفاق بريكست اتفقت عليه رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماى مع الاتحاد الأوروربى الذى رفض بعناد إعادة فتح المفاوضات. لكنه يظل خيارا غير مستبعد.
ويقدم موعد انعقاد قمة الاتحاد الأوروبى فى 17 و18 أكتوبر فرصة للمفاوضات فى اللحظة الأخيرة. ولو ظل خيار الخروج بدون اتفاق قائما، يمكن أن يصوب جونسون سلاحا لرؤوس قادة الاتحاد للحصول على اتفاق معدل، ثم يصوبه على رؤوس نواب البرلمان للموافقة عليه، ويقول لهم: "إما الموافقة على اتفاقى الجديد المعدل للريكست أو الاتجاه نحو خروج بدون اتفاق".
5- انفصال بدون اتفاق
تقول الصحيفة الأمريكية إنه فى حين يسود اعتقاد أن جونسون يستخدم التهديد بخروج بدون اتفاق كتكيتك فى المفاوضات، لكنه ربما يقصد ما يقولوه أيضا. فلو قدم قادة أوروبا تنازلات قليلة لإرضائه، ربما يمضى فى خطة الخروج بدون اتفاق. وقد ينجح فى ظل ضيق الوقت المتاح أمام البرلمان لوقفه. ويظل الخط هو التوقعات بفوضى اقتصادية فى حال إتمام ذلك، مما يجعل فوز جونسون أو المحافظين فى الانتخابات أمرا مستبعدا فى السنوات القادمة.
6- قرار قضائى
هناك بالفعل ثلاث قضايا يجرى النظر فيها تعارض قرار جونسون تعليق البرلمان. ويعتقد الخبراء أنها لن تنجح على الأرجح. لكن قد تكون هناك بعض الفرص الأخرى للذهاب إلى المحكمة. فلو رفض جونسون الاستقالة فى حالة خسارة تصويت الثقة، وحاول إجراء الانتخابات العامة بعد نهاية أكتوبر، سيكون هناك تحديا قانونيا على الأرجح. وقتها قد يكون للقضاة، وليس نواب البرلمان، القول الحاسم فى أهم قرار لبريطانيا منذ عقود.